أهل الساحل أهل المأكولات البحرية الشهية التي تعد العماد لأغلب وجباتهم الغذائية فالبحر لا يغادر سُفرهم ولا يبارح عقولهم وعلى الدوام تطالب بأسماكه معداتهم وعلى رأس الأسماك المطالب بها سمكة "الملـّيفا" التي يقولون فيها: "يلي بياكل مليفا ما بيعيفا".

موقع eSyria تذوق طعم سمكة "المليفا" بإشراف من الشيف "باسل قناديل" قبل أن يسمع منه حكاية هذه السمكة البحرية ذائعة الصيت حيث قال عنها:

لحمها الأبيض الحلو المذاق يجعل منها أكلة رائعة كما أنها تختلف عن بقية أنواع السمك بقلة "حسكها" وكبر حجمها، ولها فوائد عديدة ورخيصة الثمن صيفاً، لكن تناولها في فصل الشتاء وهي مشوية وإلى جانبها السلطة الجزائرية أمر لا يمكن مقاومته

«هي سمكة مشهورة في المنطقة وتسمى "المليفا" عندما تكون صغيرة الحجم، وعندما تكبر يصبح اسمها "سفرنة" وهي تطبخ بطريقتين "الحرة والشوي"، لكن الأهالي يحبون أكلها "صغيرة وطازجة وحرة".

المليفا الحرة

وهي تحضر على الشكل التالي: أولاً يتم دهن السمكة بزيت الزيتون وذلك من أجل إسراع مرحلة الشيّ (الشوي) وإعطائها نكهة معينة ثم توضع على المنقل من أجل شيـّها "لمدة لا تتجاوز العشر دقائق" من ثم نرفعها عن المنقل ونرش عليها الملح "هناك من يرش عليها بهارات لكنهم قليلو العدد فمعظم آكليها لا يحبون تغيير طعمها الأصلي لأن لحمها شهي دون منكهات" ومن ثم نحشوها بالثوم والحامض ونزينها بالجزر والحامض، قبل أن نضعها على المائدة لكي نتذوق طعمها الشهي، ويفضل أكلها مع "الطـَرَطور" وهو عبارة عن طحينة وبقدونس وثوم وحامض»، وهذه الطريقة سهلة التحضير ويمكن لأي ربة منزل اتباعها».

وهناك طريقة أخرى لطهوها، وتسمى "المليفا الحرة".. تبدأ بقلي السمكة ثم يتم وضعها في صحن من أجل حشوها بالمواد التالية (دبس، فليفلة، كزبرة، ثوم، ومكسرات وبهارات أصنعها بيدي وهي سر النكهة الخاصة للسمكة التي أطبخها) وهذه البهارات موجودة في الأسواق لكنها تجمع بطريقة مختلفة، من ثم يتم وضع الزيت عليها حتى تتشربه جيداً (تسقسق)، بعد ذلك نضعها داخل الفرن لمدة تتجاوز النصف ساعة ثم نخرجها ونضع فوقها بعض المكسرات المقلية (كاجو، بندق، صنوبر، لوز، جوز) وبعد أن تجهز تزين بالليمون والجزر ويؤكل إلى جانبها ما يسمى "التوامة" وهي (ثوم وحامض وزيت)، وبذلك تكون السمكة جاهزة للأكل ولكن عليكم أن تنتبهوا لأصابعكم من أن تتناولوها خلف السمكة وخاصةً الحرة».

السمكة طازجة قبل الطهي

"المليفا" سمكة مهاجرة وليست من الأسماك المحلية بحسب ما أخبرنا السيد "ياسر فران" وهو صاحب مسمكة بالقرب من البحر وأضاف "فران": «الساحل السوري مليء بالأسماك المتنوعة والفريدة ومن بينها "المليفا" التي تتواجد بكميات قليلة لا تكفي حاجة السوق، لذا فإن معظم إنتاجها مستهلك محلياً، والمليفا سمكة مهاجرة تمر في الساحل السوري وتضع بيوضها التي تتحول إلى سمك وتنمو في المنطقة، وهي تعيش بالقرب من سطح الماء، ويتم اصطيادها بالسنارة "القصبة" يعلق على "البارنكة" ريشة دجاج فتظنها السمكة سمكة صغيرة فتلحق بها لكي تأكلها وعندما تصل لها تعلق بالسنارة، ويتم اصطيادها ويمكن صيدها عن طريق بندقية الصيد والشبكة، وهي أكلة تاريخية تعود إلى مئات السنين».

كما التقينا "باسل فران" وهو صياد أباً عن جد حيث قال: «سمكة المليفا مهاجرة ويزداد عددها في فترة بداية الصيف فيما يقل في الشتاء وهي سمكة محبوبة في المنطقة والأهالي دوماً يطلبونها سواءَ طرية أو مثلجة، لكنهم يحبونها طازجة بشكل أكبر، وطرق صيدها ليست صعبة ومردودها المادي جيد لذا في فترة انتشارها يكون الصيادون على أتم استعداد لصيدها وبيعها فهي تعود عليهم بدخل جيد، كما أنها سهلة التسويق ويمكن أن يتم تبريدها وبيعها للمحافظات الأخرى لتصبح بذلك مصدراً حيوياً للدخل».

باسل قناديل يحضر المليفا

ومن بين عشاق هذه السمكة التقينا "محمد خضرة" الذي عزا سبب حبه لتناولها إلى لحمها الأبيض الطري فقال: «لحمها الأبيض الحلو المذاق يجعل منها أكلة رائعة كما أنها تختلف عن بقية أنواع السمك بقلة "حسكها" وكبر حجمها، ولها فوائد عديدة ورخيصة الثمن صيفاً، لكن تناولها في فصل الشتاء وهي مشوية وإلى جانبها السلطة الجزائرية أمر لا يمكن مقاومته».

بقي أن نذكر بأن طرق طهو سمكة "المليفا" تختلف من منطقة لأخرى وهي مشهورة في "جبلة واللاذقية وطرطوس وأرواد وبانياس" وحتى في الساحل اللبناني، لكن أهالي مدينتي اللاذقية وجبلة يقومون بطهوها بذات الطريق.