نبات بري شائك، يعرفه أهالي الساحل والجبال الساحلية جيداً، إذ طالما تداووا بأوراقه وتغذوا بثماره.

إنه نبات "الديس" الذي عرفه الأهالي بامتداده وتسلقه للأشجار مشكلاً عبئاً على الفلاحين الذين تحملوا أذاه لأنهم احتاجوا أوراقه للتداوي بها من الحروق والجروح، فهو خير دواء لمعالجتها طبيعيا.

في حالات الحروق الخفيفة نتبع نفس الطريقة السابقة لكننا نضيف إلى ورق "الديس" بعد تحميصه زيت الزيتون ثم يوضع على الحرق ويتم تكرار وضعه حتى يشفى الحرق

حيث حقق نجاحاً باهراً في مجال ( الطب الشعبي) فهو يحتوي على مواد مرممة وشافية للحروق البليغة حسب ما تحدث به السيد "عبد الحميد رسلان" (مختار البودي) لمدونة وطن eSyria (وهو رجل قارب الثمانين من عمره)، ويقول "رسلان": «لقد توارثنا العلاج بالطب الشعبي عن آبائنا الذين استقوا من الطبيعة جل حاجاتهم الطبية.

الديس يمتد على مساحات واسعة

لقد كان ورق "الديس" علاجنا الوحيد في زمن قلت فيه الأدوية، حيث كنا نقوم بتجفيف أوراقه على نار هادئة في إناء (نحاسي أو فخاري) دون إضافة أي شيء آخر (تحميص) وبعد أن يتم تحميصه بشكل جيد يوضع في جرن (خشبي أو معدني أو حجري) ويتم دقه (طحنه) حتى يصبح بدرجة متوسطة من النعومة وبعد الطحن يتم وضعه على مكان الإصابة ويترك مكشوفاً لفترة زمنية يلتصق خلالها على الحرق وتكرر العملية كلما قشر الجزء المحروق من الجسد».

هذه الطريقة تستخدم في حالات الحروق الشديدة، أما الحروق الخفيفة فلها أسلوبها الذي حدثنا عنه المختار "رسلان" قائلاً: «في حالات الحروق الخفيفة نتبع نفس الطريقة السابقة لكننا نضيف إلى ورق "الديس" بعد تحميصه زيت الزيتون ثم يوضع على الحرق ويتم تكرار وضعه حتى يشفى الحرق».

وقد ظل البعض من أهالي القرى يستخدمون هذه الطريقة من الطب الشعبي حتى يومنا هذا، اليافع "يسر معلا" من الذين تداووا بهذه الطريقة وقد روى لموقعنا التفاصيل قائلا: «لقد أصبت بحرق في فخذي قبل حوالي عام وكان الوقت ليلا فلم يتردد والدي بجمع بعض أوراق الديس وأعد لي العلاج كما تعلمه من والدته، وما إن نثر المسحوق على مكان الإصابة حتى شعرت بارتياح كبير وقد كرر لي العملية عدة مرات حتى تماثلت للشفاء ولم أحتج إلى أي دواء آخر».

من جانبه الدكتور "عروة جحجاح" (خبير بالوصفات الطبية الطبيعية وتفاعلاتها) حدثنا عن خصائص "الديس" أو ما يعرف طبياً بـ "توت العليق" قائلاً: «الديس يحتوي على مادة حمض "ستريك آسيد" وهي المادة الرئيسية فيه، بالاضافة إلى مجموعة من المواد الفعالة والمفيدة في أكثر من مجال، فيما يتعلق بالجروح فان المادة الهلامية أو الشكل الهلامي فيه عندما يوضع على الجلد يكون تأثيره مثل تأثير الكريمات الطبية حيث يمنع دخول الجراثيم ويسمح بمرور المواد القيحية.

المختار "عبد الحميد رسلان"

بالاضافة لأنه يحتوي على مجموعة من الفيتامينات التي تساهم في ترميم الجلد واعادة بنائه.

كما أن كيتون توت العليق له تأثيرات معقمة، وهو مادة فعالة جداً للشفاء من الحروق ويعتبر من أهم انواع الطب الشعبي القديم ومن أقدم الوصفات الطبية لعلاج الحروق وكثيراً ما تداوى بواسطته أهالي المنطقة حتى إن بعضهم مازال حتى الآن يعتمده رغم تطور العلم ووجود البدائل».

وكما للديس ايجابيات هناك سلبيات أخبرتنا عنها المهندسة الزراعية "سوسن أحمد": «يكثر هذا النبات في المناطق الساحلية والجبال مشكلاً مساحات هائلة وهو يتسبب احيانا بقطع الطرقات من شدة امتداده وأشواكه لأنه نبات ذو سوق ممدودة- متشابكة- متسلقة كما انه دائم الخضرة ومتطفل، يؤذي الأراضي الزراعية ويتكاثر بمجرد ملامسة سوقه للأرض وبسرعة كبيرة يمتد ويتكاثف حتى يغطي مساحات كبيرة في حين أن طرق التخلص منه شاقة وغير مجدية.

فإذا قمنا بحرقه تزداد قوته وإذا تم استئصاله فإن أي جزء منه ولو كان بطول (1سم) ينمو من جديد وأغلب نموه يكون على أطراف الطرقات وفي التخوم».

وتضيف "أحمد": «لكن علينا ألا نغفل بعض جمالياته الطبيعة وبعض فوائده الطبية فعند موسم الإزهار يعطي عطراً فواحاً وأزهاراً جميلة لونها يتراوح بين السماوي والأبيض وما إن يتم التلقيح وعقد هذه الأزهار حتى يتكون ما يسمى (حب الديس) يكون على شكل كرابيش (كبوش) لها لون أسود ضارب إلى الخمري ذات طعم شهي ومميز جداً، وهي بالاضافة لأنها تؤكل يمكن تحويلها الى عصير الديس وهو عصير مشهور جداً في الساحل السوري».