في سياحتك على طريق "رأس البسيط" أو "كسب"، لابد أن يستوقفك كثرة أعداد أفران الصاج والتنور المنتشرة على جانبي الطريق السياحي، ونلاحظ هذه الأيام انتشاراً كبيراً للسيدات اللواتي يخبزن على التنور على الطرقات العامة حيث يقومون بصناعة الخبز وفطائر أخرى متنوعة ويبيعونها للمارة. elatakia وفي جولتها على طريق "أم الطيور"، التقت إحدى السيدات اللواتي نصبت لنفسها ولابنتيها طاولة عليها معدات فرن التنور المشتعل والمتربع على جانب الرصيف.

السيدة "سميرة عبدة" والملقبة بـ "أم غانم" حدثتنا عنها وعن فرن التنور الذي تعمل عليه في خبز أرغفة الخبز والفطائر والمحمرات فتقول: «مشهد فرن التنور، أو فطائر الصاج، مشهد أصبح بالنسبة للبعض منّا من ذكريات الماضي لأن صناعة خبز التنور أصبحت نادرة ولكننا نلحظ من خلال تواجدنا طيلة أيام العام تقريباً، نلحظ وجود حماسة وحنين لدى الأشخاص الذين يوقفون سيارتاهم وينزلون ليشتروا بحماس خبز التنور والصاج، أنا وابنتي "سحر " "ورباب"، نستيقظ منذ الفجر ونعمل على إعداد الخلطات الخاصة بالحشوة التي سنحشي بها المحمرات والفطائر، مثل حشوة الفليفلة الحمراء مع الخضار والسمسم، وكذلك حشوة السبانخ أو السلق، وهذا يكون أكثر ما يكون في فصل الربيع، ولا ننسى إعداد صحن الزعتر والزيت، لأن مناقيش زعتر الصاج تبقى الأساس بالنسبة للكثيرين».

نحن نبيع البيض البلدي أيضاً، وكذلك نعمل على تأمين توصيات اللبن البلدي والزبدة لبعض الأشخاص الذين يعبرون من هنا بشكل دائم، كما نستغل وجودنا ونبيع بعض الخضروات والبرتقال والليمون

وعن اقتراب فصل الصيف السياحي، وكيفية العمل ضمن ظروف الجو الحار تضيف السيدة "سميرة": «إن العمل في الصيف أصعب بالطبع، فنار الفرن تزيد من قسوة نار الصيف الحار والرطب هنا في "اللاذقية"، لكن الصيف صراحة يحمل لنا عملاً أكثر ومردوداً مادياً أكبر، وذلك لأن أعداد العابرين للطريق السياحي يكون كبيراً».

لسيدة سميرة مع ابنتيها يخبزن المحمرات

الآنسة "رباب" ابنة السيدة "سميرة" تضيف: «نحن نبيع البيض البلدي أيضاً، وكذلك نعمل على تأمين توصيات اللبن البلدي والزبدة لبعض الأشخاص الذين يعبرون من هنا بشكل دائم، كما نستغل وجودنا ونبيع بعض الخضروات والبرتقال والليمون».

بعد أمتار قليلة وعلى مقربة من المكان الذي تخبز فيه السيدة "سميرة" خبزها، التقينا السيدة "جمول" وهي سيدة ستينية، امتهنت منذ فترة خبز التنور للسائحين وأهل قريتها، تقول عن أفران التنور: «خبز هذه الأيام لا يقارن بخبز التنور والصاج، مع صعوبة العمل وحرارة الفرن، أجد متعة لدى رؤيتي الناس الذين يشترون الفطائر والمحمرات وهم يتناولونها بشره ومتعة، أيام زمن كان أهل القرية يزرعون القمح في أراضيهم، ومن لم يكن يزرعه كان يحرص على تأمين مؤو نته السنوية من القمح الذي يطحن جزءاً منه ليتحول إلى طحين من أجل الخبز، وكانت صناعة الخبز تمر بعدة مراحل فبعد عملية الطحين، تأتي عملية العجن، وكانت نساء القرية يعجن العجين في أوان نحاسية كبيرة يسمى الواحد منها "معجن"، وتوضع الخميرة مع العجين من أجل عملية اختماره، ثم تعجن النسوة العجين وقد شمرن أكمامهن إلى أعلى سواعدهن، وشمرن حتى تنوراتهن وربطتنها إلى خصورهن، وعندما تكتمل عملية العجين يغطى وجه المعجن بقطعة من القماش الأبيض النظيف، ثم شرشف نظيف فوقه وبعد ذلك يوضع في زاوية حتى يختمر العجين ويصبح جاهزاً لعملية الخبز».

السيدة "جمول" وحكايا التنور

من صانعي المحمرات والخبز التنوري، إلى من يشتريه وينتظر دوره. السيد "إيهاب عدرا"، وفي طريقه مع عائلته إلى "أم الطيور" للسياحة، توقف ليشتري خبز التنور والمحمرات، يقول لنا: «ربما هو الحنين ..الذي يسكننا في زمن نفقد به الكثير من الوقت للشعور بآي شيء، هو الحنين الذي ينتابنا لأشياء مضت ونفتقدها في حياتنا الحالية، مثل خبز التنور والصاج والسهرات الجماعية، خبز التنور وبالإضافة لكونه مأكول شهي وصحي، يشعرنا أكل هذا الخبز بالحنين إلى الماضي، وهذا ألمسه لدى أبنائي الذين يطالبونني دائماً بالتوقف لشراء خبز التنور والصاج لهم».

متعة تجريب خبزن المحمرات .. لا تضاهى