«مازالت قرانا وأريافنا تحتفظ بعادة "سلق القمح" التي ورثناها عن آبائنا وأجدادنا، الذين جهدوا لتأمين مؤونة الشتاء منذ أيام الصيف، لتوفير البرغل بأنواعه لإعداد الأطعمة التي يدخل فيها القمح».

بحسب كلام السيد "سلمان علي" في لقاء مع موقع eQunaytra (يوم الجمعة 18/7/2008) مضيفاً:

بعد انتهاء موسم الحصاد والبيادر وجمع الموسم، تقوم النسوة بتحضير قسم من محصول القمح "للسليقة"، وعن طريقة تحضير "السليقة" يقول: تقوم النساء بتنظيف القمح المعد لذلك من الشوائب مثل الحصا الصغيرة والأتربة، بعدها يتم غسل القمح بالماء النظيف لعدة مرات حتى ينظف تماماً وتسمى عملية الغسل هذه "الصويل"، ومن ثم تأتي عملية سلق القمح بواسطة "الحلًة" الكبيرة وهي وعاء من النحاس أو الحديد يوضع القمح فيها ويضاف إليه كمية من الماء، ويوقد تحتها الحطب، وتحرك فترة الغليان حتى لا يلتصق القمح بالحلة، وتستمر عملية الغلي حتى درجة النضج، عندها يحضر الشباب والصبايا لنقل القمح المسلوق إلى أسطح البيوت، ويترك فترة حتى ينشف ويجف من الماء ويبرد، لتأتي مرحلة توزيع القمح وتعريضه لأشعة الشمس لأطول مدة زمنية ممكنة، فيفرش طبقة رقيقة ويحرك بين الفينة والأخرى إلى أن يجف تماماً ويصل مرحلة اليباس، ليصار إلى نقله لاحقاً إلى "المطحنة أو الجاروشة" حيث يتم جرشه.

سلمان علي

السيدة "أم علي" تقول: من عادة النساء في القرية "سلق القمح" لتأمين طعام العائلة في الأيام القادمة، وتضيف: اعتدنا على تحضير "البرغل والسميد وبرغل الكبة" من قمح حقولنا، بعد عملية جرش القمح نقوم بعملية فرز القمح المجروش إلى أنواع مختلفة مثل: "البرغل- السميد- برغل الكبة- برغل الطعام" بواسطة "الغربال" الخاص بكل نوع من البرغل، ولا أتذكر يوماً أنني اشتريت البرغل من السوق، صحيح أن العملية تأخذ وقتاً ويلزمها التفرغ والتعب، إلا أنني أجد في ذلك متعة وراحة.

بدورها وصفت السيدة "مشايخ" عملية "سلق القمح" بالطقس القروي والريفي الخاص، واهم ما يميز ذلك الأجواء العائلية التي تسود العمل، حيث تجتمع الصبايا والشباب لنقل القمح إلى سطح المنزل، ويساعد الجيران بعضهم بعضاً، ويفضل الكثير من الكبار والأولاد تناول "سليقة القمح" مباشرة بعد الاستواء، لأنها تمتاز بالكثير من اللذة ولها نكهة خاصة ومميزة، ويفضل الأولاد إضافة القليل من السكر فوقها ما يعطيها الطعم الحلو الذي يفضله الصغار. وتلتم الحارة بأكملها من اجل حجز الدور لسلق القمح لاحقاً، حيث تبقى "الحلة" في نفس الحارة حتى ينتهي الجميع من سلق محصولهم، بعدها تنقل إلى حارة أخرى من حارات القرية، ليتسنى للجميع سلق محصولهم من القمح.

ام علي ومشايخ

وتضيف السيدة "بسمة": إن التعب الذي يلزم لتحضير مؤونة البيت من البرغل والسيمد، ليس قليلاً ومع ذلك له متعة خاصة، لأن تأمين غذاء العائلة من أهم أعمال المرأة في القرية، التي تقف دوما إلى جانب الرجل في تأمين قوت البيت والأولاد.