"أم هايل" تجاوزت التسعين عاماً، ولها من الأحفاد 117 حفيداً، واليوم تفتح بيتها، للكثير من المرضى، الذين يبحثون عن دواء عربي لحصيات الكلى والمرارة، وما زالت قادرة على مساعدة ابنتها، في إعداد خبز التنور.

تقول ابنتها "نزيهه حمود": «لم تكف والدتي عن العطاء، وتقديم العون والمساعدة للكثير من الناس، وغالبا ما تجدها منهمكة في تحضير بعض الخلطات العشبية الطبية، لمعالجة الحصيات الكلوية المتوضعة في الحالب والمثانة، وهي ما زالت تتمتع بالصحة والعافية، وتقدر على خدمة نفسها بنفسها، بل أكثر من ذلك، فهي لا تتقاعس عن مساعدتي في بعض أعمال المنزل، مثل "تستيف" خبز التنور، وتنظيف المنزل، وإعداد القهوة العربية، وتحضير اللبن الرائب، وأقراص الجبن».

الوصفة العشبية بسيطة وبإمكان كل شخص عملها في المنزل، وهي عبارة عن القليل من نبتة العطرة المعروفة برائحتها الزكية، يضاف إليها مقدار كأس من عصير البصل، وملعقة من سكر "الشبّة" المطحون

موقع eQunaytra زار الجدة "أم هايل" (يوم الأحد 14/9/2008) التي قالت: «إن سر عافيتي، يعود أولا الى الله، ومن ثم الى اعتمادي على العمل والحركة، وأتذكر كيف كنت أقطع مسافة ليست بالقليلة، مع بعض الرفيقات والجارات، من اجل الخروج الى البرية، وإحضار وجبات الطعام، من الخضرة والبقلة، مثل "الحبق والجرجير والخبيزة" إضافة الى أعمال الزراعة والحصاد والفلاحة، وكم من أيام وليالي كنت أضطر الى النوم في البرية، أثناء موسم الحصاد وحليب الأغنام والماعز».

ام هايل مع ابنتها نزيهة

وتضيف: «سقا الله أيام زمان كان الخير أكثر من اليوم، كنا نملأ الجرار بالحليب واللبن، والسمن العربي، وكان يوجد في كل بيت ما يعرف بـ"الكوارة" وهي عبارة عن مخزن كبير يبنى في جدار المنزل، من اجل تعبئته بالقمح والشعير، وكان الضيف لا يخرج من عند معزبه إلا بعد تناول طعامه من "الذبيحة"، التي تذبح ترحيباً بالضيف، ومن عاداتنا السنوية مونة الشتاء من اللحمة الدهنة، أو ما يعرف بالعامية "القاورمة" وهي كمية من لحمة الغنم أو الماعز، تطبخ جيداً على النار، ليصار الى تخزينها لأيام الشتوية، لتضاف كمية قليلة منها الى وجبة الطعام».

وعن الوصفة الطبية قالت: «الوصفة العشبية بسيطة وبإمكان كل شخص عملها في المنزل، وهي عبارة عن القليل من نبتة العطرة المعروفة برائحتها الزكية، يضاف إليها مقدار كأس من عصير البصل، وملعقة من سكر "الشبّة" المطحون».

صالحة حمود وحكايتها مع خبز التنور

وعن طريقة تحضيرها تقول: «توضع بعض الأوراق من عشبه العطرة، في أربعة كؤوس من الماء، وتغلى على النار، لتصبح بمقدار ثلاثة كؤوس، ومن ثم يضاف إلى المزيج، كأس من عصير البصل، وملعقة طعام كبيرة من سكر الشبة المطحون، وتترك على النار لمدة قليلة، وتترك لتبرد وتحفظ في زجاجة نظيفة، وبعدها تشرب مقدار ملعقة ثلاث مرات يومياً، وبإذن الله تخرج الحصيات الموجودة في المثانة والحالب في غضون أيام».

وعن سر عافيتها تقول: «اعتمد في معظم طعامي على السمن البلدي، والأعشاب والخضرة وزيت الزيتون، إضافة الى الحركة والعمل بشكل دائم، لان في الحركة بركة، ولا أتذكر أننا اشترينا السمن أو الزيت من الدكاكين، أو الخبز من الفرن، لأني أفضل خبز التنور، لأنه صحي».

ابو نضال

الطبيب "مجد حمود" لم يخف إعجابه بالوصفة العشبية التي تحضرها جدته، قائلاً: «في البداية لم آخذ الموضوع على محمل الجد، ولكن لكثرة المرضى الذين يزورون بيت جدي، وبسؤالهم عن مدى الاستفادة من الوصفة، وبسؤال بعض أطباء الكلى، عن صحة مثل هذه الوصفة، ومدى فعاليتها، تبيّن إمكانية الشفاء من الحصيات الصغيرة المتوضعة في منطقتي الحالب والمثانة، بفعل عصير البصل مع الشبّه، الذي يعمل على إدرار البول بكثرة، ما يتطلب شرب كميات كبيرة من الماء، التي يحتاجها الجسم ويساعد عصير البصل على طرد الأملاح من الدم، بفعل المركبات التي يحتوي عليها، وله فوائد كبيرة على معظم أجزاء الجسم».

السيد "أبو نضال" أحد سكان قرية "حرفا" وهو الجار الأقرب لمنزل "أم هايل" يروي الكثيرمن الروايات والقصص التي شاهدها بأم عينه أو كان حاضراً عليها أثناء العلاج، ومنها قصة ابن عمه "سليم حمود" الذي راجع الطبيب، لإجراء عمل جراحي للحصى في الكلية، ولكنه بعد أخذ الوصفة، لمدة أسبوعين شفي تماما وتخلص من الحصيات، وقد استغرب طبيبه عند إجراء الصور والتحاليل، وسأله أين ذهبت الحصيات؟ فأخبره بقصته مع الخلطة الطبية العشبية، ومن يومها لم تنقطع زيارات المرضى عن منزل جيرانه.

يذكر أن الجدة "أم هايل" قدمت فلذة كبدها "أحمد" شهيداً في ثالث أيام حرب تشرين.