«لقد شاركت في عدد كبير من المعارض الفنية، ومن أبرزها معرض تجمع فناني "الرقة" الأول، عام /1976/م، ونفذت عدداً مهماً من الأعمال الفنية في إيطاليا بين عامي /1981ـ1982/م، وبقيت تلك الأعمال هناك بسبب اضطراري للعودة إلى بلدي، لظروف خاصة، وقمت بتدريس مادة الفنون في إعدادية "ابن خلدون" في العام /1979/م، وعملت في مجال الرسم الهندسي لمدة عشر سنوات، كما درَّست مادة الحفر والتصوير الزيتي والمنظور، في مركز الفنون التشكيلية بـ"الرقة"، لمدة ثلاث سنوات».

هكذا يقدم الفنان التشكيلي "حسن مصطفى"، رحلته اللونية، لموقع eRaqqa الذي التقاه بتاريخ (16/11/2008)، حيث كان لقاءً فيه رصدٌ لنشاطاته المتعددة، فهو محامٍ منتسب لنقابة المحامين، ولكن بدايته كانت مع الفرشاة واللون، بالإضافة لاهتمام آخر ليس أقل شأناً مما سبق ذكره، إنه "الفرات" وما يبعثه هذا النهر من لواعجَ في نفس كل رقِّي، ويتابع "المصطفى" رسم خطوط أخرى من مسيرته الإبداعية في الفن التشكيلي بالقول: «بدأت تجربة الرسم بالنار (الحرق على الخشب)، حتى نضجت تلك التجربة، وتمكنت من إقامة ثلاثة معارض فردية بين عامي /1989ـ1991/م، إضافة ً إلى العديد من المعارض الجماعية داخل المحافظة وخارجها، وفي أواخر العام /1995/م، افتتحت مرسماً خاصاً، كان بمثابة ملتقىً للفن التشكيلي، استمر حتى نهاية العام /1997/م، ومن خلاله تم تنظيم العديد من المعارض التي ضمت أكثر من عشرين فناناً تشكيلياً من فناني "الرقة"، وخاصة ً جيل الشباب منهم، ومن هذه المعارض أذكر معرضاً بعنوان "لنحافظ على البيئة"، في دار "الأسد" للثقافة بمدينة "الثورة"، ومعرض "الهواء النقي الأول"، في حديقة "الرشيد" بـ"الرقة"، ومعرض "12+1"، في المركز الثقافي العربي في مدينة "الحسكة"».

شاركت بقيادة المخيم البيئي العربي الأول في "تل الرماد" قلعة "جعبر"، ولمدة أربعة أيام في "أيلول" عام /2005/، وكان لي شرف المشاركة في ورشات العمل البيئي في محافظة "الرقة"، و"دير الزور"، المقامة من قبل وزارة الإدارة المحلية والبيئة، ووزارة الإسكان والتعمير، ووكالة "جايكا" اليابانية، والمشاركة في المعرض السوري للبيئة، المقام في مدينة المعارض بـ"دمشق"، في شهر "نيسان" من عام /2006/، والمشاركة في معظم الفعاليات البيئية التي تقام في المحافظة، ونشر العديد من المقالات التي تعنى بالبيئة في صحيفة الوحدوي

وعن البيئة الفراتية، وما تعنيه للفنان "المصطفى"، ومتى بدأ اهتمامه بها، سألناه فأجاب بالقول: «منذ ما يزيد على العقد، بدأ اهتمامي بالبيئة، وخاصةً البيئة الفراتية، ولهذا كنت أحرص على معايشة الفرات، من خلال الرحلات الكثيرة التي كنا نزوره فيها، وهذه الزيارات كانت تعود بداياتها إلى ما يزيد على الثلاثين عاماً، حيث كنا نقصد "الفرات" وجزره الرائعة، بقصد محاكاة جماله الأخاذ، عبر رسم الكثير من اللوحات الواقعية، التي ترصد واقع الفرات بكل مفرداته ومكوناته البديعة، وكنا آنذاك ثلة من الفنانين الشباب، أذكر منهم الفنان "مصطفى سليمان"، والفنان "عبد الحميد ندَّاف"، والفنان "رياض الحسن"، والاهتمام البيئي جاء مع منتصف العام /1995/م، حيث تكررت زياراتنا إلى النهر بقصد الاستمتاع من ناحية، ومن ناحية أخرى ممارسة الرسم، وقد أنجزنا العديد من اللوحات التي وثَّقت الطبيعة الفراتية الجميلة، بأصدق ما يكون التوثيق».

الزي الفراتي حرقاً بالنار

أما عن الرحلة النهرية، التي تجري في شهر "آب" من كل عام، المسماة من "توتول" إلى "ماري"، والتي يُعتبر ضيفنا، مؤسسها الأول، حيث تحولت بعد ذلك لحدث ثقافي مميز، فقد حدثنا عنها بالقول: «في صيف العام /1996/م، ومن خلال تلك الزيارات المتكررة للنهر، بدأت تراودنا فكرة كشف مجاهل الفرات، والبحث عن عوالمه الساحرة، فتفتق الذهن عن فكرة السفر عبر أمواج الفرات، وحيث أننا لا نعرف مسار الفرات بشكلٍ كامل، كان لابد من إجراء رحلة استكشافية، للتأكد من صلاحية النهر للترحال فوق أمواجه، تمهيداً للقيام برحلة نهرية، بهدف زيارة مدينة "ماري" الأثرية، وكانت زيارة المواقع الأثرية، ودراسة التاريخ من بين اهتماماتي، حيث من المعروف أنَّ مدينة "ماري" كانت تربطها بمدينة "توتول" أوثق العلاقات السياسية، والاقتصادية، في الألفين الثاني والثالث قبل الميلاد، ولتحقيق ذلك تبرع اثنان من أصدقائنا، وهما الفنان التشكيلي "محمد العكلة"، والسيد "عبد العزيز إبراهيم"، بركوب أمواج النهر، حيث زُودا بقارب مطاطي، وبالفعل ركبا ذاك القارب المطاطي في اليوم المحدد، بعد أن تزودا ببعض الاحتياجات الخاصة، وانطلقا قاطعين شوطاً هاماً من مسار النهر، وعادا بعد عدة أيام ليؤكدا أن النهر صالح للملاحة، فتقرر على ضوء ذلك البدء بأول رحلة نهرية، ولكنها ستبحر في العام اللاحق، وبدأت الاستعدادات للرحلة في عام/1997/م، وفي اليوم الموعود لقيامها وهو /18/ آب، انطلقت الرحلة الأولى، وكانت على متن طوف بدائي، مستخدمين البراميل المعدنية الفارغة، استغرقت الرحلة سبعة أيام واشترك فيها كل من الفنان التشكيلي "خالد درويش"، والفنان الضوئي "سلمو السلمو"، والخبير التقني "أحمد جبرائيل"، والفنان التشكيلي "محمد الرفيِِِع"، والباحث التراثي "طه الطه"، بالإضافة لشخصي، وكانت هذه الرحلة هي أول رحلة نهرية تعبر نهر الفرات بنجاح في القرن العشرين، باستثناء رحلة الرحالة الإنكليزي الكولونيل "تشيزني"، التي جرت في بداية القرن العشرين، وكانت تهدف إلى دراسة إمكانية ربط البحر المتوسط بالخليج العربي، عن طريق الملاحة في نهر الفرات، وذلك للوصول إلى المستعمرات البريطانية في الهند، وتتالت الرحلات، ففي العام /1999/م، استغرقت اثنا عشر يوماً، وشارك فيها أكثر من عشرين مشاركاً، من معظم المحافظات السورية، وكانت بإشراف وزارة السياحة، وفي العام /2000/ والعام /2002/، /2004/، /2005/، /2006/، /2007/، وكان آخرها في العام الحالي /2008/م، وقد شارك فيها ثمانية وأربعين مشاركاً، من سائر المحافظات السورية، وقد رافق الرحلة فريق تلفزيوني من القناة الفضائية التعليمية السورية، طيلة أيام الرحلة، والتي استغرقت ثمانية أيام، وتم خلالها توثيق مسار النهر كاملاً تقريباً، بحوائجه البديعة، وبيئته الجميلة، والزاخرة بكل أنواع الطيور، والحيوانات، والنباتات، والأشجار التي تختزنها حوائجه الكثيرة، والتي تعد بالعشرات، المتفاوتة الحجم، وكنت أحرص على انطلاق الرحلة في شهر آب من كل عام، تزامناً مع اكتشاف مدينة "ماري" في العام /1933/م، وكل تلك الرحلات كانت بإشرافي الشخصي، ومتابعتي لها منذ لحظة التحضير، وحتى العودة».

وعن هدف تلك الرحلات، وكيف يتم تغطية نفقاتها، يقول "المصطفى": «استخدمنا في تلك الرحلات ثلاثة أجيال من القوارب، كنا نصنعها من حسابنا الخاص، ودافعنا في ذلك كله هو تحقيق جملة أهداف، وضعناها منذ اليوم الأول لبدء التحضير للرحلة الأولى، وهي: الدعوة لحماية نهر الفرات وبيئته من الأخطار التي تتهدده والتي يمكن إيجازها بما يلي: منع كل أشكال الصيد الجائر والعشوائي، وخاصة الصيد الممنوع بالكهرباء، والديناميت، والسموم المختلفة، والغاز، ومنع كل أشكال الاحتطاب والاستثمار غير المنظم للحوائج التي يعج بها الفرات، والعمل على وقف كافة أشكال الصرف الصحي والزراعي الذي يصب في نهر الفرات، والدعوة لتنشيط السياحة النهرية في نهر الفرات، لما لأهمية ذلك في تنشيط الواقع السياحي في المنطقة، والعمل على اعتبار بعض حوائج الفرات، كمحميات طبيعية بهدف المحافظة على التوازن البيئي في الفرات».

الجسر والفرات حكاية يعشقها المصطفى

وينهي "المصطفى" حديثه لنا بذكر نشاطاته الأخرى التي يشعر من خلالها بأنه يقدم ما يتمناه، في سبيل تحقيق بيئة مثالية، فيقول: «شاركت بقيادة المخيم البيئي العربي الأول في "تل الرماد" قلعة "جعبر"، ولمدة أربعة أيام في "أيلول" عام /2005/، وكان لي شرف المشاركة في ورشات العمل البيئي في محافظة "الرقة"، و"دير الزور"، المقامة من قبل وزارة الإدارة المحلية والبيئة، ووزارة الإسكان والتعمير، ووكالة "جايكا" اليابانية، والمشاركة في المعرض السوري للبيئة، المقام في مدينة المعارض بـ"دمشق"، في شهر "نيسان" من عام /2006/، والمشاركة في معظم الفعاليات البيئية التي تقام في المحافظة، ونشر العديد من المقالات التي تعنى بالبيئة في صحيفة الوحدوي».

ويذكر أنَّ الفنان التشكيلي "حسن المصطفى الحسن"، هو من مواليد قرية "الدرعية" التابعة لمدينة "الرقة"، من عام /1957/م، درس الابتدائية في مدرستي "الرشيد"، و"معاوية بن أبي سفيان"، أما الإعدادية والثانوية ففي ثانوية "الرشيد"، حصل على الثانوية العامة في العام /1976/م، درس في كلية العلوم الاقتصادية بجامعة "حلب"، وفي السنة الثانية ترك الدراسة فيها للسفر إلى إيطاليا بقصد الدراسة، ورجع في العام نفسه ليتفرغ للعمل في مجال الفن التشكيلي، حيث مارس هوايته بشكل مكنه من صقل موهبته عبر إنجاز سلسلة من اللوحات، ومتابعة تطور الحركة التشكيلية، من خلال حضور العديد من المعارض التشكيلية، التي كانت تقام في المركز الثقافي بالمدينة، وخلال تلك الفترة كان يدرس في مركز الفنون التشكيلية، حيث درس لعدة دورات ولكنه لم ينهِ الدراسة فيه بل تركه للعمل الفني بشكل مستقل، وفي العام /1981/م، عاود السفر إلى إيطاليا حيث درس اللغة الإيطالية في جامعة "بيروجيا"، وعاد في العام /1982/م، ليتابع تجربته في الفن التشكيلي، وفي إيطاليا أنجز عدداً مهماً من اللوحات الفنية، على أمل إقامة معرض هناك ونظراً لعودته إلى القطر، فقد ترك تلك الأعمال هناك حيث أوعز بإهدائها إلى أصدقائه، ومعارفه هناك.