وهو شعر خاص بالبدو الرحل، يكتب على الشكل التقليدي للقصيدة، وهو امتداد للشعر "النبطي" المعروف من الخليج العربي، وشبه الجزيرة العربية، وقد تأثر بهذا الشعر عدد من شعراء "الرقة"، وكتبوا على منواله مثل "حسين العلي العصمان"، "محمود الذخيرة"، "محمد الذخيرة"، "أحمد القريقط"، "علي الكلاح"، "خلف الكريدي"، والقصيدة البدوية المعاصرة كالقصيدة العربية القديمة، تبدأ بالغزل القليل البسيط المؤثر، ثم تنتقل إلى وصف الإبل والصحراء، فتطيل في ذلك لتصل إلى غرضها من مدح أو فخر، وغيرها من فنون الشعر. (1)

لا ينظم الشعراء البداة قصائدهم على أوزان "الخليل بن أحمد"، بل إنهم ينظمونها بأوزان عديدة، يقول عن ذلك "عبد الله ابن خميس": «من الصعب حصر الشعر الشعبي في أوزان محدودة، بحيث توضع لها تفاعيل، ويستطيع الدارس، عن طريق إتقان هذه التفاعيل، أن يلم بأوزان الشعر النبطي». (2)

من الصعب حصر الشعر الشعبي في أوزان محدودة، بحيث توضع لها تفاعيل، ويستطيع الدارس، عن طريق إتقان هذه التفاعيل، أن يلم بأوزان الشعر النبطي

يعتبر القصيد وجهاً من وجوه الشعر النبطي، والشعر النجدي، وهو ذو قافيتين، قافية في صدر البيت وأخرى في عجزه:

الشاعر محمود الذخيرة

أويـل قلـبٍ مسـنو لواكيـع/ من زغر سني الليالي غدرني

على غريرٍ كامل الزين ومطيـع/ أبو عيونٍ بلحظهن يذبحنـي

شكرا الذويبة طول باعات اليبيع/ مصبوغة الرجوان من غير بني(3)،(4)

امدور الخدين بدر المطاليـــع/ نجمــة الثريـا بجبينو أظني. (5)

ويمكن أخذ تقسيمات الشعر النجدي في القصيد ليقسم إلى:

1- الديواني، 2- الحربي، 3- الهجيني، 4- القلطه، 5- السامري، 6- الحداء.

يسمى القصيد تسميات مختلفة في مختلف أنحاء الوطن العربي، وهو مرتبط ارتباطاً وثيقاً بانتشار العرب البداة. فيسمى في مصر بـ"الأصمعيات"، نسبة إلى "الأصمعي"، وفي "الحجاز" بـ"الحميني"، وفي المغرب "الشعر الملحون"، وفي المشرق يسمونه "لحنة الحوراني" نسبة إلى منطقة حوران في سورية، إلا أن الاسم الغالب عليه هو "الشعر النبطي".

ويقول "عبد الله ابن خميس" عن سبب تسميته الشعر النبطي: «والذي يجعلنا نشك في أن مصدر هذا الشعر هم "النبط" وحدهم، أن هذه التسمية- "النبطي"- لا وجود لها إلا في "جزيرة العرب" أو غيرها من الوطن العربي كلّه، وأسماء مختلفة من قديم الزمان».

من أشهر القصائد التي كتبت على هذا اللون، قصيدة "الخوارد"، التي تنسب لـ"عبد الله ابن الشريف حسين"، والتي يقول في مطلعها:

يا خوارد بي موارد بير زمزم/ دالعات دلوع والمجول شفوف

محمرات مضمرات بلون عندم/ يا عذاب صبيّ حوافٍ يحوف

والتي عورضت من قبل عدد من شعراء "الرقة"، كما نظمت منه الليدي "جانيت دغبي" القصيدة التي تقول في مطلعها:

يا ونتي ونة دوالـي بعجاجـه/ يلعب بها سكر الهوى فوق مزعاج

يا عين ريمٍ جافلـه من زراجه/ مجفلـو ريـح العطاطيـب بنواج

حطيت لك ريش النعايم وساجه/ والصدر لك يا فارس الخيل مدهاج

والتي عارضها الشاعر "محمود الذخيرة" بقوله:

حط الشفاف عالشـفاف بركاده/ وشف المعتق من ثنايا تقول عاج

خذ الهوى يا بعد عمري بكداده/ لي شولت ما تنفع الرعود وبراج

كما نظم منه الشاعر "محمد الذخيرة":

فوقها قـرمٍ خبيـر بكـل ديـره/ من بلاد الشام للبصرة وطاها

حان وقت الصيف واشتد الهجيرة/ جال شط مراد تو طابت هواها

ينتهي القصيد على الغالب بالحكمة:

ما صاح حادي العيس وسط البساتين/ ولا رد لله هيجيج الذود فلاح

ويكتب الرقيون لوناً منه، ولا يتقيدون بقافية الشطر الأول:

علامَ تحيد عن دربي علام/ أريد أنسى وأودعك بالسلامه

أيا ذيب البـراري شبيـك ترزم/ عجب مثلي اللي مضيعك فطامه

اسـمك ذيب واسمي مولع بهن/ واسم الزين عالدوم يتنامى.

والبحث في القصيد يطول، فهو متنوع بأشكاله ومواضيعه، بيد أنه وإن نظم من أهل الريف يبقى حاملاً مفردات البداوة ولحنها، متميزاً من غيره من الألوان الأخرى بنظمه على شكل قصيدة، وتنوع مواضيعه في القصيدة الواحدة. وهو عذب بصورة رائعة، تدفعنا إلى أن نقف بإجلال أمامه، وهو ينبض صدقاً وبداوةً وعروبة.

الهوامش:

1ـ عبد الله ابن خميس. الأدب الشعبي (ص 84)

2ـ المرجع السابق (ص56)

3ـ شكرا: شقراء، الذويبة: الذوائب، طول باعات البيع: البائع

4ـ لونها أحمر دون أن تصبغ.

5ـ المطاليع: من الطلوع، أظني: أظن.