لعبة "الصكَلة" لعبة قديمة، عرفتها أغلب شعوب البحر الأبيض المتوسط، ويلفظ حرف الكاف في كلمة "صكلة" جيماً مصرية مخففة، وقد عثر منقبو الآثار على عدة لوحات جدارية، تصور فتيات وهن يلعبن "الصكلة"، بواسطة خمس أحجار، أو سبع قطع من حجر الصوان شبه الكروية.

ويعتقد الكثير من الباحثين في الألعاب الشعبية، أنّ هذه اللعبة أصلها للصبايا، ويؤكد هذا القول لوحة "بومبي" الجدارية التي عثر عليها، أثناء التنقيبات الأثرية في مدينة "بومبي" التاريخية، التي دمرها بركان "فيزوف" سنة/79/م، وهذه اللوحة من نوع اللوحات الجدارية "الفريسك"، رصد فيها الفنان فتاة جالسة، وهي تلعب "الصكلة"، وتبدو وهي تلتقط أحد الأحجار بيدها من الأرض.

تعتبر هذه اللعبة من أكثر الألعاب الشعبية تطويراً، وأداءً من حيث الطريقة والتنفيذ، وما زالت هذه اللعبة تخضع لتطويرات مستمرة، وتلعبها الفتيات في كل من أرياف "الرقة"، ومدن الجزيرة السورية العليا. واسم هذه اللعبة اسم صوتي، تقوم باتخاذ خمس أو سبع حصوات مصقولة، نتيجة ملامستها الطويلة لماء النهر، وتمر هذه اللعبة بخمسة أدوار، فإن اجتازتها اللاعبة بنجاح، تستأنف اللعب مرة ثانية، وقد تربح الشرط المتفق عليه بين الفتيات اللاعبات.

لعبة الصكلة

وفي روما قديماً كان السباق في هذه اللعبة، يجري بين الفتيات والشبان، حول شرط قد يمثل أحد الطقوس القديمة. وفي حالة لا تستطيع الفتيات تجاوز المراحل الخمس، فإنها تخرج من اللعبة، وتتيح المجال للاعبة أخرى، وهكذا ينتقل اللعب من يد لاعب أو لاعبة أخرى. وتتطلب هذه اللعبة مهارة ودقة في التحكم بحركة اليد. ووفق الطريقة القديمة لهذه اللعبة، فهي تمر بستة أدوار على النحو التالي:

الدور الأول، ويسمى بالدور الفردي، إذ يتوجب على اللاعب أو اللاعبة، أن تضع الحصوات الخمس في باطن كفها الأيمن أو الأيسر، ثم تقوم برميها في الهواء إلى الأعلى، وبحركة سريعة تقلب باطن الكف، وتستقبل الحصوات الخمس بظهر الكف كاملة، وإن حدث سقوط حصوة واحدة من الحصوات الخمس على الأرض، تكون اللاعبة قد خرجت، وفسحت المجال للاعبة أخرى.

الدور الثاني، بعد تجاوز اللاعب أو اللاعب للمرحلة الأولى، تقوم أو يقوم برمي أربع حصوات من الحصوات الخمس، أو ست حصوات من الحصوات السبع، وفي كلتا الحالتين يبقي اللاعب أو اللاعبة حصوة واحدة في يدها، ثم تقوم بالتقاط الحصوات من الأرض واحدة فواحدة.

الدور الثالث، تقوم اللاعبة بوضع الحصوات الخمس أو السبع في باطن الكف، ثم تجعل ظاهره على الأرض، وبحركة سريعة ترفعه إلى الأعلى قليلا مع فتح الكف، وبواسطة الإصبع الوسطاني تقذف الحصوات، سواءً الحصوات الخمس أو السبع، إلى طرفي الكف، ثم مرة ثانية ترفع الكف إلى الأعلى، وبذلك تسقط الأحجار على الأرض بشكل مبعثر، ما عدا حجرة واحدة تبقى في كفها، فما عليها إلاّ أن تقذف بها إلى الأعلى، لكي تستطيع التقاط حصوتين، فحصوتين من الحصوات الأربع التي على الأرض، وحصوتين على ثلاث مرات متتالية من الحصوات الست في حالة اللعب بالحصوات السبع.

الدور الرابع، ويسمى بـ"الطبة"، إذ تقوم اللاعبة بوضع الحصوات الخمس أو السبع في باطن الكف، لكن عليها أن تمسك بحجر واحد بواسطة الإبهام والسبابة، وبحركة سريعة تقذفه إلى الأعلى، وبحركة سريعة تقلب كفها لتضع الحصوات المتبقية في يدها على الأرض، ثم تلتقط الحجر الواحد الذي رفعته إلى الأعلى، لترفعه مرة ثانية إلى الأعلى، وبحركة سريعة ومرنة تلتقط الحصوات التي على الأرض، والحجر الذي رمت به إلى الأعلى بآن واحد.

الدور الخامس، ويسمى "القوس"، إذ تقوم اللاعبة باستعمال فتر اليد اليسرى، وبلف الإصبع الأوسط على السبابة وتثبتهما على الأرض، وكذلك الإبهام، ثم تشكل من هذه الأصابع الثلاثة قوساً تمرر عبره الحصوات الأربع، أو الست على النحو التالي: بعد تثبيت الإبهام والسبابة على الأرض وتقريب بعضهما على البعض، بحيث يرتفعان إلى الأعلى على شكل قوس، تقوم اللاعبة بوضع الحصى في قبضة يدها اليمنى، وتمررها من تحت الذراع الأيسر، ثم تقوم بثني كفها من فوق القوس وقذف الحصى على يمين القوس، ثم تقوم بسحب يدها اليمنى إلى الوضع الطبيعي، وهي تمسك حجراً واحداً، بحيث تقوم برفعه إلى الأعلى، وتمرير الحصوات واحدة فواحدة عبر قوس فتر اليد بواسطة أصابعها، ولمرة واحدة فقط لكل حجر واحد، مع التقاط الحجر الذي ترفعه إلى الأعلى بشكل متناوب وسريع.

الدور السادس، بعد تمرير اللاعبة للحصى عبر قوس فتر اليد كاملةً، تقوم برفع حصوة واحدة إلى الأعلى، وبالوقت نفسه وبحركة توازن سريعة تقوم بالتقاط جميع الحصى، التي على الأرض دفعة واحدة بواسطة كفها.

يقول الأستاذ "أحمد الحسين" في كتابه "فنون المأثورات الشفاهية في الجزيرة" ص./231/ وزارة الثقافة، "دمشق"،/2005/م: «.. وتمر اللعبة وفق الطريقة بعدة مراحل هي (كجة، مدهكل، لقيطة، بطن الفرس، بطن البغل)، ومع ذلك فهذه التسميات تختلف عنها في منطقة "الرقة"، ولهذه اللعبة تسميات مختلفة سواءً في "سورية"، أو في بقية البلاد العربية، ففي بعض المناطق السورية تسمى بـ"الزقطة"، أو "الزقتة".

هذا وقد حدثني البعض ممن يقطنون في أبعاد الريف الرقي، أن البعض يلعبها بواسطة خمس عشرة من الحصى المصقولة، ومن حيث المبدأ، فطالما عدد الحصى ليس مجوزاً، فإنه مهما كثر عدد الحصى، فإنّ مبدأ اللعبة واحد لا يتغير.