«تنبع أهمية "الرقة" من كونها تضم عدداً من المواقع الأثرية الهامة، إضافة إلى وجود عدد من التلال الأثرية، التي يصل عددها إلى نحو /57/ تلاً أثرياً، تضم في ثناياها آثاراً تعود إلى العصر الحجري الحديث، والعصر الحجري المتوسط، والمتمثلة بحضارتي "تل حلف"، و"تل العبيد"، والتي تعتبر من مراحل بدء نشوء الحضارة الإنسانية الأولى.

و"تل زيدان" من أهم التلال الأثرية في "الرقة"، ويتوضع على الضفة الشرقية لنهر "البليخ"، أحد أهم روافد نهر "الفرات"، ويبعد التل نحو /4/كم، إلى الشرق من مدينة "الرقة"».

إن الجماعة "الحلفية"، هم من شعوب المنطقة العربية المشرقية، لكننا لا نعرف ماهية اللغة التي كانوا يتحدثون بها، وهم جماعة يعملون بالزراعة والتجارة بآن واحد، ويعود بدء حضارتهم إلى عام /5800/ قبل الميلاد. وفي عام /5500/ قبل الميلاد جاءت جماعة جديدة، يطلق عليها بـ"العبيد"، نسبة إلى "تل العبيد"، بالقرب من مدينة "أور" في العراق، حيث أزاحوا الجماعة "الحلفية"، وأسسوا حضارة جديدة سميت بحضارة "العبيد"، وقد أنتجت هذه الحضارة نوع من الفخار الملون المتطور

هذا ما ذكره لموقع eRaqqa بتاريخ (10/8/2009) البروفسور "غيل شتاين"، مدير الجانب الأمريكي في البعثة الأمريكية السورية المشتركة للتنقيب الأثري في "تل زيدان"، في معرض حديثه عن تاريخ منطقة "الرقة"، وأهمية التلول الأثرية الموجودة فيها.

البروفسور غيل شتاين

ويضيف "شتاين" قائلاً: «لقد تم ربط اسم حضارة "حلف" بالمكتشفات الأثرية التي تمت في موقع "تل حلف"، الواقع في بلدة "رأس العين"، عند منابع نهر "الخابور"، حيث نقب فيه عام /1914/ البارون "أوبنهايم" الألماني الجنسية، وقد كشف عن مجموعة من المساكن، والبيوت الدائرية "ثولوس"، وكذلك تم العثور على خزف وفخار ملون، عليه رسومات هندسية ونباتية، صبغت باللون الأحمر والبني والأسود.

ومنذ تلك اللحظة أصبح يطلق على كل الفخار بما يسمى فخار "حلف"، وقد سادت هذه الحضارة بدءاً من "نينوى" في العراق، وحتى عمق الغرب السوري، وصولاً إلى شمال غرب الجزيرة العربية، وجزيرة البحرين "دلمون"، وما يميز الجماعة "الحلفية" هو تجارتها المبكرة مع منطقة "الأناضول"، وصولاً إلى المحيط الهادئ».

آثار توتول

وفي ذات السياق، تحدث "شتاين"، قائلاً: «إن الجماعة "الحلفية"، هم من شعوب المنطقة العربية المشرقية، لكننا لا نعرف ماهية اللغة التي كانوا يتحدثون بها، وهم جماعة يعملون بالزراعة والتجارة بآن واحد، ويعود بدء حضارتهم إلى عام /5800/ قبل الميلاد.

وفي عام /5500/ قبل الميلاد جاءت جماعة جديدة، يطلق عليها بـ"العبيد"، نسبة إلى "تل العبيد"، بالقرب من مدينة "أور" في العراق، حيث أزاحوا الجماعة "الحلفية"، وأسسوا حضارة جديدة سميت بحضارة "العبيد"، وقد أنتجت هذه الحضارة نوع من الفخار الملون المتطور».

من مكتشفات تل زيدان

وعن مكتشفات "تل زيدان" الجديدة، قال "شتاين": «تعود مجموعة اللقى الأثرية المكتشفة في "تل زيدان"، من قبل البعثة الأثرية الأمريكية السورية المشتركة إلى عصري "حلف" و"العبيد"، كما أن التل يعتبر من أكبر التلول الأثرية في المشرق العربي، ومساحته نحو /125/ دونماً، وتتكون طبقاته من مرحلتين فقط، هما "حلف" و"العبيد"، وتمثل المرحلة الأولى حضارة "العبيد"، وسماكتها ستة أمتار من سطح التل، وبعدها تم العثور على حضارة "حلف"، والآن تحاول البعثة الوصول بتنقيباتها إلى منطقة التربة العذراء.

وقد تمثلّت المكتشفات باللقى الخزفية، وبعض الأختام، وقطع الفخار، ومن خلال الصور الجوية الملتقطة للتل بواسطة الكربون المشع، وجهاز الطيف الضوئي، تشير الدلائل إلى أن موقع التل يؤكد بأنه المدينة السالفة لمدينة "توتول"، كما كانت "توتول" هي المدينة السالفة لمدينة "الرقة"، وهو يؤكد بأن عمر "الرقة" الحضاري يتجاوز تاريخ /7800/ سنة من الآن».

وكان البروفسور "غيل شتاين" قد ألقى محاضرة آثارية عن أهم المكتشفات الأثرية في "تل زيدان"، والبعد الحضاري للتل، في قاعة "العجيلي" للمحاضرات بمبنى دار "الأسد" للثقافة في "الرقة"، مساء يوم الاثنين (10/8/2009).