لصناعة "دبس البندورة"، وغيرها من المواد الغذائية التي تدخل في باب المؤونة السنوية، طقوس خاصة في جبل العرب، تختص بصناعتها وتوضيبها لفصل الشتاء.

مدونة وطن "eSyria" وبتاريخ 29 تموز 2014، التقت المهندسة الزراعية "عائدة الحجلي" رئيسة دائرة الإرشاد الزراعي في مديرية الزراعة والإصلاح الزراعي بـ"السويداء"، التي بينت استعداد أهالي الجبل في القرى والمدن لموسم صناعة المواد الغذائية مثل "دبس البندورة" قائلة: «في كل عام مثل هذه الأيام يتم الاستعداد لدى أسر جبل العرب لتأمين المؤن الغذائية تخزيناً لأيام الشتاء، خاصة أن الصناعات الغذائية لها طرق متعددة وفنون في كيفية تقانتها وجمال تحضيرها، حيث لكل مادة من المواد تأثيرات في طبيعة العادات والتقاليد ولها طقوسها الاجتماعية الخاصة، ففي مثل هذا الوقت ترى النسوة يجتمعن مع بعضهن بعضاً ويتداولن في شراء البندورة على سبيل المثال، بين ارتفاع السعر وانخفاضه وتوجيه بعضهن لبعض نحو محلات تجارية ذات سعر أقل من غيره، ثم الانتقال إلى الحياة العملية، بمقولة اجتماعية تحمل دلالة التعاون فيما بينهن، وهي: "المعونة بتعين ولو بأكل التين"، إذ حين يتم شراء كميات من البندورة وفق حاجة كل أسرة، تجتمع النسوة ويعملن على مساعدة بعضهن بعضاً في صناعتها كأن يعملن على تقطيع البندورة إلى قطع وهن يهزجن بأغانٍ شعبية قديمة، ولكن اليوم استبدلت الأغاني بالأحاديث و"السوالف"؛ كتناقل الأخبار والأحداث الجديدة والقديمة وهن يقمن بغلي البندورة وإعدادها».

بعد شراء الكميات المطلوبة من البندورة الناضجة نغسلها بالماء جيداً، ثم يتم تقطيعها إلى قطع كبيرة، ونضعها في قدر كبير ونبدأ عملية السلق، ثم نضعها في أوانٍ أخرى لحين تبريدها وتصفيتها من القشر والبذور، ثم نعيدها إلى القدر الكبير ونبدأ الغلي لمدة ساعة ونقوم بإضافة الملح اللازم أثناء الغلي، وننقلها بعد تبرديها إلى أوانٍ واسعة ونعرّضها لأشعة الشمس القوية لمدة يومين أو أكثر، على أن يتم في كل يوم تحريكها ونقلها إلى أوانٍ أصغر حتى يتم تجفيفها بالكامل بالشكل المطلوب، ثم توضع في مرطبان زجاجي لحفظه على شكل مؤونة لفصل الشتاء بعد إحكام إغلاقها جيداً

وحول طريقة العمل أشارت السيدة "سوزان صعب" بالقول: «بعد شراء الكميات المطلوبة من البندورة الناضجة نغسلها بالماء جيداً، ثم يتم تقطيعها إلى قطع كبيرة، ونضعها في قدر كبير ونبدأ عملية السلق، ثم نضعها في أوانٍ أخرى لحين تبريدها وتصفيتها من القشر والبذور، ثم نعيدها إلى القدر الكبير ونبدأ الغلي لمدة ساعة ونقوم بإضافة الملح اللازم أثناء الغلي، وننقلها بعد تبرديها إلى أوانٍ واسعة ونعرّضها لأشعة الشمس القوية لمدة يومين أو أكثر، على أن يتم في كل يوم تحريكها ونقلها إلى أوانٍ أصغر حتى يتم تجفيفها بالكامل بالشكل المطلوب، ثم توضع في مرطبان زجاجي لحفظه على شكل مؤونة لفصل الشتاء بعد إحكام إغلاقها جيداً».

الأستاذ هايل القنطار

وعن تواتر العلاقة وانتشار النهج التشاركي في موسم صناعة رب البندورة، أكد الباحث الأستاذ "هايل القنطار" المهتم بالتراث الشعبي بالقول: «تعدّ الصناعات الغذائية موسماً تجتمع فيه النسوة مع بعضهن بعضاً يتناقلن الأحاديث الجارية، ومنهن من يعملن على تداول حكايات وقصص واقعية وتقديم المساعدة من خلالها لإتمام كل منهن عملية الصناعة تلك كصناعة "دبس البندورة"، ولكن الأهم أن المجتمع بأفراده يجعلون من تلك الطريقة حالة من التكافل الاجتماعي، حينما يساعد كل منهم ويساهم مع الآخر في صنع مؤونته، ما جعل تلك العادات تصبح سائدة ودائمة، وتدخل صلب الحياة الاجتماعية التي من شأنها زيادة ترابط العلاقة ومتانتها على مر الأيام، وإذا كان هناك خلاف بين أفراد المجتمع يزول مع التوافق الاجتماعي المؤسس على المحبة والوئام، ولعل هذا الأمر زاد في نشر ثقافة جمعية من شأنها جعل الأفراد يتوارثونها كعادة وليس كتقليد سنوي فحسب، حيث دخلت في العديد من القرى عادة: "المونة تجمع الناس على مائدة واحدة"».

المهندسة عائدة الحجلي
دبس بندورة أثناء تعرضه للشمس