«يُذكّرُ شهر آذار في كل عام بخصوصيته التي تملأ حنايا الفؤاد شجوناً، وقد دخل التاريخ العربي المعاصر بمناسباته، ناهيك عن أنه شهر العطاء والخير والازدهار، إذ يتخلله مناسبات وأعياد مهمة في العالم، ففيه يحتفل العالم عامة بيوم المرأة العالمي، وفيه عيد الربيع وعيد الأم وعيد الثورة».

هذا ما تحدث به الباحث القاضي "ربيع زهر الدين" لموقع eSwueda، وأضاف يقول: «ويكفي هذا الشهر أيضاً أن تخلله عيد من له الفضل الكبير والعطاء الجزيل لبناء جيل يزرع فيه عبق تراب الوطن مقدماً له المعرفة والعلم، ألا وهو المعلم العربي الذي صدق من قال فيه "من علمني حرفاً كنت له عبداً"، والكل ينحني إكراماً وإجلالاً إلى من كانت الجنة تحت أقدامها /الأم/ التي هي عنوان العطاء والحنان والعاطفة والوفاء الدائم، فالأرض أم، والطبيعة أم، والدنيا أم، والجمال أم... فكم أنت كريم يا آذار المجيد بثورتك وأعيادك التي تملأ الإنسان العربي بالفخر والاعتزاز».

ويكفي هذا الشهر أيضاً أن تخلله عيد من له الفضل الكبير والعطاء الجزيل لبناء جيل يزرع فيه عبق تراب الوطن مقدماً له المعرفة والعلم، ألا وهو المعلم العربي الذي صدق من قال فيه "من علمني حرفاً كنت له عبداً"، والكل ينحني إكراماً وإجلالاً إلى من كانت الجنة تحت أقدامها /الأم/ التي هي عنوان العطاء والحنان والعاطفة والوفاء الدائم، فالأرض أم، والطبيعة أم، والدنيا أم، والجمال أم... فكم أنت كريم يا آذار المجيد بثورتك وأعيادك التي تملأ الإنسان العربي بالفخر والاعتزاز

الباحث "زيد النجم" الذي كتب في التاريخ النضالي للمرأة التقاه موقع eSwueda بالحوار التالي.

ماري عجمي

  • المرأة العربية ودورها في الكفاح الوطني هل عاشت مراحل بدورها النضالي؟
  • ** لا شك يقسم دورها الوطني إلى ثلاث مراحل مرحلة الاحتلال العثماني ومرحلة الانتداب الفرنسي ومرحلة الكفاح الوطني في الحاضر المعاصر ضد العدو الصهيوني والأميركي.

    القاضي ربيع زهر الدين

    المرأة الأم التي حملت العاطفة وحنايا فؤادها من جهة وحنين الوطن من جهة ثانية حين شاركت الرجل في الكفاح الاجتماعي والوطني والمعرفي فعملت بالأرض وساهمت بتحقيق التنمية وزيادة الإنتاج والإنتاجية، ورفعت الأعلام والرايات في وجه الغاصب المحتل، ونشرت الوعي والثقافة والعلم، وحين ساهمت بالمظاهرات ضد الحكومات العهد الوطني التي لم تستجب لمطالب الشعب وكذلك ضد حكومات الانفصال التي وأدت أول وحدة عربية في العصر الحاضر.

    أما في المجال الاجتماعي فقد ساهمت بإحداث جمعيات خيرية وبذلت جهوداً مضنية للتعبير عن إنسانيتها اللامحدودة فبزغت منهن الأديبة والباحثة والوزيرة والطبيبة لتأخذ المكانة الطبيعية لها.

    نازك العابد

  • ذكرت أن المرأة العربية مقاومة، هل رصدت حالات في بحثك؟
  • ** نعم المرأة لم تكن عبر التاريخ مع الرجل إلا مقاومة ومناضلة، المناضلة العربية "ماريانا مراش" من مدينة "حلب الشهباء" مثلاً كان لها دور بارز في التصدي لسياسة الاستبداد العثماني من خلال كتاباتها وأشعارها التي دافعت بها عن قضايا الأمة، وكان شقيقها "فرنسيس مراش" عالماً وطبيباً وشاعراً وقد اغتاله العثمانيون بسبب مواقفه الوطنية.

    والمناضلة "ماري عجمي" من مدينة "حماه" التي أسست مجلة "العروس" عام 1910 ولعنوان مجلتها نصيب في حياتها.

  • ما قصة "ماري عجمي" العروس مع خطيبها؟
  • ** يوم خطبتها من "بتروباولي" المراسل لمجلة في "بيروت" أعلنت الحرب العالمية الأولى عام 1914، فضيق العثمانيون الخناق على الأحرار العرب وزجوهم في السجن ومن بينهم خطيبها "بتروباولي"، وفي كتاباتها له قالت: "أنت في سجنك أكثر حرية من ملايين العرب تحت سمائهم، وليعلم ذلك السفاح أن مقركم في ذلك الشاهق لا يحتضن إلا النسور"، وهي من أسست النادي النسائي في حي "القصاع بدمشق" وأثناء محاكمة السفاح "جمال باشا" للأحرار لم تقف مكتوفة الأيدي بل تحدت السفاح وزارت أحرار الوطن في زنزاناتهم "بدمشق" عام 1916 واقتحمت مقر الحاكم العسكري لتهوي بعكازها على الحرس الذين منعوها من الدخول ودخلت لتخاطبه بتوكيل لجنة للدفاع عن المعتقلين وحين قابل طلبها بالوعود الكاذبة هاجمته بمقالٍ لها كادت أن تودي بحياتها بسببه، والتي قالت فيه: "بين ساحة "الشهداء" وسط بيروت وساحة "المرجة" في قلب "دمشق" حواجز من صنعكم فلا يمكن لها أن تفصل ما بين الشعبين الشقيقين، والسادس من آيار قد وحد ما بين سورية ولبنان".

    وها هي أيضاً الأديبة والناقدة والشاعرة "زينب فواز" من "تبنين" جنوب لبنان رائدة أعلام النهضة العربية الحديثة اللواتي دافعن عن الوطن وحياضه، وبالإضافة إليها هناك "عائشة تيمور ولبيبة هاشم وعفيفة كرم وفريدة عطايا وملك ناصيف" وغيرهن كثيرات كن يساهمن في حركة الكفاح الوطني.

  • أشرت في بحثك إلى أن الشهيد البطل "يوسف العظمة" أول من وصل إليه في المعركة امرأة من هي؟
  • ** نعم أول من وصل إلى الشهيد "يوسف العظمة" وهو مضمخ بجراحه المجاهدة "نازك العابد" حيث فاضت روحه الطاهرة وهي تضمد جراحه، ومنحت رتبة نقيب فخري في الجيش العربي الفيصلي إضافة إلى دورها في تطور الحركة النسائية السورية واللبنانية، والمجاهدة "صالحة شاكر" من جرمانا التي كانت تخبز يومياً مُدّاً من الطحين وترسله للثوار، والمجاهدة "فاطمة هناوي" من "أشرفية صحنايا" توصل المؤن للمجاهدين، والمجاهدة "ترفه شاهين المحيثاوي" التي أخذت تطلق النار تارة من متراس شقيقها بعد أن كسرت ساقاه بشظايا الطيران الفرنسي، وتارة من متراس والدها بعد إصابته بست وثلاثين طلقة في جسده حتى تم إعلام الثوار ودحر الحملة الفرنسية في معركة "أرض الحطب".

    والمرأة "أم حمد بستان شلغين" التي باعت مصاغها ورهنت أرضها وباعت مئة رأس من أغنامها لتشتري ذخيرة وسلاحاً للقادمين من لبنان لمساندة الثوار فهدم "أندريه" القائد الفرنسي منزلها كي لا تكون قدوة لغيرها وحاول مفاوضتها للتراجع عن موقفها مقابل بناء منزل لها فأجابته ويدها خلف ظهرها بعد أن طلب مصافحتها قائلة: "قل لسيدك ما وقفت هذا الموقف من أجل بلدي كي أتراجع عنه.. ولا يمكن أن أمد يدي لعدوي"، فصعق من صلابتها وأدى لها التحية العسكرية، وقال لها: "لابد أنك جان دارك العربية"، وكرمتها الحكومة السورية فأطلقت اسم مدرسة باسمها في مدينة "صلخد".

    وهناك زوجة المجاهد "سلمان حمزة" وبعد أن ضمدت جراحه حيث كانت الدماء تبلل ثيابها لكثرة ما ضمّدت من جراح، خرجت لتسأل عن شقيقها وأولادها الخمسة حاملي الراية "البيرق" فأجابوها والدموع تملأ المقل باستشهادهم في معركة المسيفرة، عادت إلى المنزل لتجد زوجها قد فارق الحياة أيضاً فوضعت رأسها على صدره وسلمت روحها لخالقها وأسرع الثائر الدكتور "عبد الرحمن الشهبندر" ليلقي نظرة على الشهيد وزوجته عندها قال: "إن هذه المجاهدة تستحق أن تسمى خنساء القرن العشرين بجداره"، ودوّن هذه الحادثة في مذكراته.

  • وفي العصر الحالي ألم تدوّن حوادث عن مقاومات؟
  • ** بلا شك في العصر الحالي هناك العديد من النساء المقاومات أمثال "ميسون عبد الحميد عبد الله" العراقية، وقبلها الفلسطينية "دلال المغربي" التي قادت عملية جريئة خلف خطوط العدو الصهيوني، وتوالت العمليات الاستشهادية من "ريم الرياشي وهنادي جرادات وآيات الأخرس" وفي الجنوب اللبناني "سناء محيدلي، وابتسام حرب".

    وشاركت النساء السوريات من أجل عروبة لبنان فقدمت المناضلة "حميدة طاهر" من محافظة "الرقة"، والمناضلة "زهر أبو عساف" من محافظة "السويداء" روحيهما فداء له، وعلى ذرا "الجولان" البطلة الشهيدة "غالية فرحات".