تقدم الجبال الساحلية في فصل الصيف سلة غنية من ثمار الخوخ مختلفة الألوان والأشكال والجودة والطعم الطيب، وهذا ما يميز إنتاج هذه المناطق، ويعطيها شهرتها.

تحتاج أغلب الفاكهة الصيفية إلى ري منتظم، لكن شجرة الخوخ تنتصب في الجبال الساحلية بألوان ثمارها مكتفية بالماء الذي منحها إياه فصل الشتاء، لتعطي ثماراً هي الأجود طعماً والأميز لوناً ورائحة.

مازال الخوخ المنتج في مناطقنا الجبلية يعطي الطعم الحقيقي للخوخ سواء كان حلواً أو حامضاً أو بين بين، وذلك لأسباب عديدة نذكر منها طبيعة أراضينا الحمراء التي تكسب الخوخ لوناً وطعماً وحجماً مميزاً لغناها بالمعادن والمواد العضوية، كما تؤدي مياه الشتاء إلى إكساب الشجرة القوة والغذاء الكافي الذي يجعلها تقاوم عطش الصيف لتكمل دورة حياتها بثمار مميزة

يقبل المستهلكون المحليون على هذه الفاكهة الأساسية في أشهر الصيف، حيث يميز الكثيرون بين الخوخ المنتج محلياً وبين ذلك الذي تنتجه بقية مناطق "سورية" وخاصة الداخلية منها، وفي "طرطوس" تنتج معظم المناطق في السهول والجبال الخوخ الذي نجد أشجاره في حديقة المنزل، وبجوار الطرقات، والمزارع المنظمة باعتباره ينتمي إلى عائلة "اللوزيات" التي تزرع في منطقة الساحل السوري وجباله، وعن ذلك يقول السيد "سميح عليان" وهو مزارع من "مدينة الدريكيش" لمدونة وطن eSyria بتاريخ 20 تموز 2014: «مازال الخوخ المنتج في مناطقنا الجبلية يعطي الطعم الحقيقي للخوخ سواء كان حلواً أو حامضاً أو بين بين، وذلك لأسباب عديدة نذكر منها طبيعة أراضينا الحمراء التي تكسب الخوخ لوناً وطعماً وحجماً مميزاً لغناها بالمعادن والمواد العضوية، كما تؤدي مياه الشتاء إلى إكساب الشجرة القوة والغذاء الكافي الذي يجعلها تقاوم عطش الصيف لتكمل دورة حياتها بثمار مميزة».

أصناف ممتازة نوعاً ومواصفات تنتجها مزارع طرطوس

ويتابع: «لدينا مثل يدلل على أهمية مياه الشتاء لجميع النباتات فنقول: "شجرة الـ... شبعت من ماء الشتوية"، يضاف إلى ذلك عدم استخدام الناس "للسماد الكيماوي" معتمدين في نفس الوقت على السماد العضوي وجودة التربة الجبلية الساحلية، ما يشكل نقطة الفصل في الطعم الفريد لخوخ الساحل السوري، وأنا أقارنه هنا بناء على التجربة مع بعض الأنواع التي يتم شحنها من المحافظات الداخلية التي يسقى فيها الخوج بشكل منتظم، وتقدم له كميات كافية من الأسمدة الكيماوية؛ حيث يفقد شيئاً من نكهته الطبيعية، فنقول عن طعمه إنه "قيء" بمعنى ليس له طعم واضح. وفي قرى "الدريكيش" نهتم بزراعة الخوخ بأنواعه، باعتباره ينتمي إلى عائلة "اللوزيات" المقاومة للعطش إلى حد كبير، وتناسب الطقس البارد، حيث تصطف أشجار الخوخ على طول السلاسل الجبيلة في القرى التي تم استصلاح أراضيها أو تلك التي بقيت على وعورتها، ومنها الجديد ومنها القديم حيث يقوم المزارعون بتجديدها دوماً باعتبارها شجرة قصيرة العمر».

من خلال متابعة "مدونة وطن" للمنتجات الزراعية السورية المختلفة وتصنيفاتها وطريقة إنتاجها، لاحظنا أن معظم المزارعين في جبال "طرطوس" لا ينتبهون إلى أن أغلب ما ينتجونه من فاكهة يدخل في إطار المنتجات العضوية مرتفعة الثمن، التي يجري تصدير قسم كبير منها إلى خارج "سورية"، لكونه منتجاً عضوياً طبيعياً 100%. وكلام السيد "سميح" عن جودة الثمار المنتجة في قرى "الدريكيش" جزء من الدليل على هذا الكلام.

أشكال عديدة من ثمار الخوخ

في حديث آخر يقول السيد "نسيم الأسمر" تاجر في سوق خضار "طرطوس": «للخوخ أنواع كثيرة جداً تصل إلى عشرات الأنواع على مستوى العالم، وفي "طرطوس" كما في باقي مناطق "سورية" نزرع عدة أنواع تبدأ من خوخ أخضر "جرنوك" يعد باكورة الأنواع، والخوخ الأصفر بكافة أحجامه، والأحمر بأنواعه الكثيرة "الصغير، سريع التلف"، والأحمر الكبير القابل للتصدير، والأسود كبير الحجم المفضل للتصدير، و"الأسود الطولاني" الذي يحتاج إلى مناطق باردة لينتج الثمار، عدا أنواع كثيرة جداً لديها مسميات علمية من بلد المنشأ، لكن اعتدنا تسميتها بالأسماء السابقة، ومنذ القديم زرع أهلنا أنواعاً عديدة للاحتياجات المحلية دون التفكير بتسويقها جدياً، حيث يعد "الخوخ" عنصراً أساسياً على الموائد، وهو من بين أهم الفواكه التي يتم تناولها صيفاً، من هنا كانت زراعة "الخوخ" تستهدف تأمين الاحتياجات المحلية مقارنة بزراعته في محافظات أخرى مثل "إدلب، وريف دمشق، واللاذقية" حيث تؤمن هذه المناطق معظم كميات الخوخ الموجودة في السوق الداخلية، ونكتفي نحن إلى هذه اللحظة بتأمين جزء من السوق الداخلية في "طرطوس" فقط».

من جهته يقول السيد "عاصم سليمان" تاجر عصائر ومربيات من مدينة "طرطوس": «يستخدم الخوخ في أغراض كثيرة إضافة إلى الاستهلاك الطازج مثل صناعة المربيات والعصائر، كما أن لثماره قيمة غذائية عالية لاحتوائها على "البروتين، الدهون، الكربوهيدرات سهلة الهضم، والألياف"، وكثير من العناصر المعدنية مثل "البوتسايوم، الكالسيوم، الفوسفور، الحديد، النحاس، والصوديوم"، وفيتامينات "أ، ب1، ب2، جـ"، وبعض الأحماض العضوية مثل "حامض الستريك والماليك والبانتوثينك"».

السيد "نسيم الأسمر"

أما عن واقع انتشار زراعة الخوخ فنوجز بناء على النسب التي تنشرها المراكز الزراعية في "سورية"، حيث تتركز هذه الزراعة في عدة محافظات: "حماة، واللاذقية، وريف دمشق، وإدلب"، وترفد هذه المحافظات الأسواق بنحو 86% من الإنتاج الإجمالي، فيما تتصدر محافظة "ريف دمشق" الإنتاج من الخوخ بنحو 9.5 آلاف طن، تليها "حماة" بنحو 9 آلاف طن، ثم "اللاذقية" بكمية 7 آلاف طن، ويوزع الإنتاج على ثلاثة من أشهر الصيف هي حزيران وتموز وآب، في حين تختلف النسب السابقة كثيراً وتتذبذب بناء على ظروف الطقس، والأمراض، ومستويات الرعاية بالشجرة».