مهنة السواعد الفتية التي لا تعرف الملل ولا التعب توارثتها العائلات وأحبتها، عمرها آلاف السنين فكانت تصنع سيوف الفرسان وتروسهم ونعال أحصنتهم ثم صنعت أدوات الزراعة اليدوية مثل "المنكوش" و"الفأس" و"القظمه" وبقيت شاهدة وحية على التطور والتقنية ولا يمكن الاستغناء عنها.

وللتعرف على هذه المهنة الخالدة لابد لنا من زيارة محل الأدلبي للحدادة العربية للسيد "مصطفى إبراهيم دايخ" الواقع في سوق الحدادين في مدينة "بانياس" وذلك بتاريخ 1/6/2009 الذي حدثنا قائلاً: «هذه المهنة قديمة جداً وقليلة وهي حالياً تدافع عن وجودها واستمراريتها فبساطة أدواتها وصعوبة عملها شعارها، وأنا أعمل بها من حوالي "51" عاماً فنصنع كل الأدوات التي تحتاجها الزراعة التقليدية مثل"المنجل" و"القالوشة" أي يقتصر عملها على كل ما تقوم به اليد وبشكل خاص ما تستطيع القيام به اليد العاملة بمفردها، فربما تقوم بإصلاح أداة زراعية أو تصنيعها وهي تحتاج إلى سواعد قوية لبذل الجهد في عملية التصنيع بالإضافة إلى العمل اليومي وتنظيم الوقت لتسليم المعدات لأصحابها بموعدها دون تأخير».

أحاول تعليم هذه المهنة لأولادي وأقاربي وهي تختلف عن الحدادة الإفرنجية التي اختصت بصناعة أدوات البناء كالنوافذ وغيرها وهي مهنة في تراجع وضعف شديد، فالمنتجات الخارجية وفرت على الناس الكثير وضاربت على المهنة الأصلية والتي نلجأ لتفادي نتائجها السلبية أحياناً ببيع الفحم الحجري، ولكن هناك من يأتي إلينا منذ زمن لأنه يؤمن بصدق عملنا وجودته وإتقانه وهذا يؤكد أنه لا غنى عن هذه المهنة

وعن سير العمل يقول العم"أبو إبراهيم": «يبدأ عملنا بتجهيز الفرن المعد لصهر الحديد بعد إشعال الفحم الحجري الذي نحضره من "حمص" وتتم بعملية الصهر باستخدام مولد هواء يدفع الهواء للداخل ثم نصهر الحديد المراد تصنيعه أو حتى إصلاحه بدرجة حرراة تقدر بحوالي "300" درجة، ثم نصنع من الحديد المصهور ما نريده بضربه بالمطرقة على السندان ليأخذ الشكل المطلوب، ويسقى بالماء عدة مرات من أجل زيادة قساوته وقوته ليصل إلى قساوة الفولاذ أحياناً إن أردنا ذلك أو يسقى ببطء ثم يوضع في وعاء "الصفوة" وهو عبارة عن صفوة الفحم الحجري بعد إشعاله حيث يرطب بالماء ليبقى مطاوعاً في العمل أي ليس بقساوة الفولاذ فيلبي بين يدي صاحبه أثناء العمل به».

أدوات للزراعة والحصاد

وعن مستقبل مهنة الحدادة العربية يقول: «أحاول تعليم هذه المهنة لأولادي وأقاربي وهي تختلف عن الحدادة الإفرنجية التي اختصت بصناعة أدوات البناء كالنوافذ وغيرها وهي مهنة في تراجع وضعف شديد، فالمنتجات الخارجية وفرت على الناس الكثير وضاربت على المهنة الأصلية والتي نلجأ لتفادي نتائجها السلبية أحياناً ببيع الفحم الحجري، ولكن هناك من يأتي إلينا منذ زمن لأنه يؤمن بصدق عملنا وجودته وإتقانه وهذا يؤكد أنه لا غنى عن هذه المهنة».

الحاج يشعل الفرن