تقول النكتة "الطرطوسية": «يحكى أنه في يوم من الأيام غرقت سفينة محملة بمادة المتة في البحر مقابل مدينة "طرطوس" فحمل كل مواطن من مواطني المحافظة "مصاصته" ونزل إلى البحر كي يشرب المتة».

وتوضح النكتة السابقة مدى الاهتمام والولع الذي تحظى به المتة كأفضل المشروبات التي تقدم في "طرطوس" فهي رفيقة كل السهرات وجلسات الأصدقاء وفي أوقات الدوام أحياناً ورفيقة سهرات الدراسة أحياناً أخرى.

تصل كمية مبيعات المحل من "المتة" أسبوعياً إلى ما يعادل "2400" علبة متة يصل ثمنها إلى "72000" ليرة سورية، ثمن كل علبة "30" ليرة سورية

وقد اعتادت الآنسة "ديمة الغاوي" موظفة في مقر الجمعية العلمية السورية للمعلوماتية في "طرطوس" شرب المتة ثلاث أو أربع مرات في اليوم قبل تسلمها عملها في الجمعية، ولكن هذه العادة تغيرت حالياً، حيث اقتصرت على مرة واحدة وهذا ما جعلها تشعر بفقدانها لشيء مميز اعتادت عليه سابقاً، ولكن عندما تعود إلى المنزل فإن أول رغباتها هي شرب المتة.

ديمة الشيخ

وتقول: «للمتة فائدة هامة وكثيرة فهي تغني الجسم بالسوائل ولها أنواع مختلفة لكن أفضّل منها الزرقاء "الخشنة" أو ما تسمى "أماندا" لأنها ذات طعم طيب.

ويمكن لمن يرغب إضافة أنواع من الزهورات للمتة تساهم في التخفيف من آثار الزكام والرشح في فصل الشتاء».

محمد حمود

وتؤكد الآنسة "ديمة الشيخ" أهمية هذا المشروب بالنسبة لها ولزملائها فهي لا تعتبر زيارتها لصديقة أو زيارة صديقة لها "محسوبة" إذا لم تشرب معها "المتة"، وهي إن أرادت دعوة شخص عزيز لزيارتها فتدعوه لتناول "المتة" وليس القهوة أو أي مشروب آخر، كما تعتبرها نوعاً من التسلية في أوقات الفراغ والملل، خاصة مع الأنواع المختلفة من الموالح والمكسرات التي تضيف النكهة والمتعة لجلسة "المتة".

في حين جاء رأي الآنسة "سها معروف" مخالفاً للقاعدة حيث ترى أن هذا المشروب لا قيمة له ولا فائدة ولا يعني لها شيئاً، فهو مجرد مادة خضراء تصبغ الأمعاء باللون الأخضر وتتساءل: ما فائدة شرب هذه المادة التي لا نعلم محتوياتها ولا نوعها أصلاً؟!

عمار احمد

وتصل مبيعات محل الجملة للسيد "عمار محمد أحمد" في مدينة "بانياس" إلى ما يقارب النصف طن أسبوعياً من مادة "المتة"، الذي أوضح مدى اهتمام مختلف شرائح المجتمع في "طرطوس" بهذا النوع من المشروبات حيث قال: «تصل كمية مبيعات المحل من "المتة" أسبوعياً إلى ما يعادل "2400" علبة متة يصل ثمنها إلى "72000" ليرة سورية، ثمن كل علبة "30" ليرة سورية».

ويضيف: «للمتة أنواع وهي "الخارطة وأماندا وحمراء وزرقاء وتاراغوي وبيترا" وجميعها نحضرها من شركة "كبورا يبرود" ماعدا "التاراغوي"، وهناك نوع جديد لم أعمل به حتى اليوم يقال أنه بالأعشاب التي تساهم في تخفيف الوزن ويسأل عنه الكثير من المواطنين».

ويرى السيد "عمار" أن معظم الناس يستغنون عن الطعام والشراب ولا يستغنون عن شرب "المتة" حيث يقول: «تحتل المتة الصدارة في قائمة مبيعاتي فأي تاجر جملة يطلب فاتورة لابد أن تحتوي على طلب للمتة، أما حجم التوزيع الأكبر فهو باتجاه القرى والمناطق الجبلية».

ويتفنن السيد "محمد حمود" صاحب معمل "أرادوس" لصناعة مصاصات المتة في اختراع المزيد من الأشكال والألوان لها، حيث وصل عدد الأشكال إلى ما يزيد عن المئة شكل تقريباً وبأحجام مختلفة، وقد دفعه عمله في هذا المجال لهجرة مدينته "معرة النعمان" والإقامة في "طرطوس" للعمل في هذا المجال حيث يقوم بتصدير منتجات معمله إلى "استراليا" و"فنزويلا" و"الأرجنتين" وكافة المحافظات "السورية".

وتصل مبيعات السيد "حمود" من المصاصات ضمن محافظة "طرطوس" إلى حوالي مئتي دزينة في اليوم الواحد، وأكثر الطلبات باتجاه مناطق "الدريكيش" و"صافيتا" كما يقوم السيد "حمود" باستيراد "الجوزة"، وهي كؤوس خاصة بشرب المتة لكن مبيعاتها محدودة حسب رأيه فهي للأشخاص ذوي المزاج الخاص بشرب المتة، وهي غير مطلوبة كثيراً بسبب سعرها الذي يصل إلى مئة ليرة سورية للجوزة الواحدة.

وعن معلوماته عن المتة قال السيد "حمود": «هي عشبة خضراء تسمى "جيربا" موطنها الأصلي "الأرجنتين" وأهم فوائدها لمرضى الحصى الكلوية الذين يشربونها بكثرة لزيادة السوائل في جسمهم، إضافة إلى أنها مشروب غير ضار مهما أكثرت منه على عكس المشروبات الأخرى مثل الشاي والقهوة».

كما تلاقي منتجات الحرفية "بنان عيزوقي" التي تعمل في صناعة السلال والأواني المنزلية من الخيزران وخاصة ما تسميه "عدة المتة" إقبالاً متميزاً حيث ترغب الكثير من سيدات المنازل في اقتناء كؤوس الخيزران التي توضع فيها الكؤوس الزجاجية الخاصة بنقع المتة والصينية الخاصة بتقديمها، إضافة إلى الصحون الصغيرة الخاصة بتقديم الموالح والسكرية.