نبات بري تزخر به البيئة الساحلية، وظفته النساء الريفيات في إغناء السفرة المنزلية ولما له من فوائد يتناقلها الأهالي في دورها على فطم الأطفال الرضع، وساعدها بذلك رحلة التسليق في الطبيعة البرية التي لا يكاد يمضي أسبوع إلا وتقوم بها أغلب السيدات.

فنبات "الخبيزة" من النباتات التي لا تزرعها العائلات الريفية في ريفنا الساحلي، وإنما تعتمد على عملية التسليق للحصول عليها، وبرأي السيد "عبد الله بدور" من أبناء ريف مدينة "بانياس" أن وجبة "الخبيزة" مع زيت الزيتون والبيض وجبة ألذ من لحم الخروف، مضيفاً خلال حديثه لمدونة وطن eSyria التي التقته بتاريخ 25/1/2013: «خلال خدمة العلم تعرفت على أحد الأصدقاء من المنطقة الشرقية، وبعد تبادل الكثير من الأحاديث اخبرني أنهم يعتمدون على زراعة نبات "الخبيزة" للحصول عليها ورغم هذا فهي ليست بلذة النبات البري الذي يحصلون عليه من الطبيعة ضمن مناطق أخرى.

بعض السيدات بعد أن يضفن جميع المواد عدا عصير الليمون الحامض، يقمن بإضافة بيضة بلدية واحدة أو اثنتين على أقصى تقدير، لتحضير الخبيزة بالبيض، وهذا وفق نفس طريقة التحضير المتناقلة من الجدات

فوالدتي لا يكاد يمر أسبوع إلا وتحضر لنا وجبة من النباتات البرية العشبية ومنها "الخبيزة" التي تحصل عليها من الطبيعة».

نبات الخبيزة

السيدة "تولاي عبد الله" والدة الشاب "عبدو" تحدثت عن رحلة التسليق بالقول: «مع كل يوم جمعة تقريباً تخرج بضع سيدات في رحلة برية لجمع الحشائش التي نجدها متوافرة في مثل هذه الأوقات من السنة، خاصة أن مع بداية شهر كانون الثاني تبدأ أغلب النباتات العشبية المفيدة بالظهور على سطح التربة، فترى أغلب الأهالي يرتادون كل بقعة خضراء بهدف العثور على هذه النباتات وأهمها وأوفرها في وقتنا الحالي نبات "الخبيزة".

حيث يكون مع كل سيدة حقيبتها القماشية الخاصة التي حاكتها من بقايا القطع القماشية وسكينها الجيدة لزوم قطع النبات من التربة.

أزهار الخبيزة

ومن أهم خصائص عملية تسليق نبات "الخبيزة" أنه يصبح شبه نظيف بعد تلسيقه من البرية، لأن عملية تسليقه تعتمد على الأوراق والأغصان فقط دون مس عمق الجذور فيه، حيث يبقى علينا غسله في المنزل ومن ثم تحضيره للطهو».

أما السيدة "ليلى شدود" فتحدثت عن طريقة تحضير وجبة "الخبيزة" كما تعلمتها من والدتها، قائلة: «بعد جمع نبات "الخبيزة" من البرية يتم تقطيعها إلى قطع متوسطة أو كما يعرف بعملية الفرم، لأنه خلال المرحلة التالية وهي السلق بالماء المغلي يفقد النبات الكثير من حجمه المكون بالأساس من الماء، وتترك بعض الوقت حتى تبرد لأتمكن من عصرها بيدي وتخليصها مما تبقى فيها من ماء، وخلال هذه الأثناء أكون قد جهزت الثوم والملح وبهار الفليفلة وعصرت الليمون الحامض.

وبعدها أضع زيت الزيتون في وعاء على النار، وأضيف إليه مسلوق الخبيزة حتى يتفاعل مع بعضه بعضاً، ومن ثم أضيف على التوالي الملح والثوم المدقوق والحامض وأتركه حوالي عشر دقائق على النار، ثم ارفعه ليكون جاهزاً لتناوله بعد وضعه في طبق زجاجي وإلى جانبه ثمرتا فليفلة خضراء».

تضيف: «بعض السيدات بعد أن يضفن جميع المواد عدا عصير الليمون الحامض، يقمن بإضافة بيضة بلدية واحدة أو اثنتين على أقصى تقدير، لتحضير الخبيزة بالبيض، وهذا وفق نفس طريقة التحضير المتناقلة من الجدات».

وفي لقاء مع الباحث "أياد السليم" الذي تحدث عن هذه النبتة العشبية بالقول: «نبات "الخبيزة" نبات عشبي ينمو في الطبيعة البرية بالقرب من سطح التربة العلوي كنبات دخيل على المزروعات المزروعة في فصل الشتاء، وينتشر بشكل عام في الوديان والسهول وحول المنازل والمزارع وعلى سفوح الجبال ويقل وجوده على قممها، وله نكهة لذيذة عند الطهو، ويحمل أزهاراً زهرية اللون، وينمو بشكل عام في بيئات مختلفة، ومنها البيئة الساحلية التي يعنى أهلوها بهذا النبات ويبحثون عنه في الطبيعة بغية طهوه.

إذ يحمس بزيت الزيتون، أو يُطبخ مع قليل من البرغل، ومن المناطق التي زرتها ووجدته منتشراً فيها بكثرة قرية "الخريبات" التابعة لمدينة "طرطوس".

وله استخدامات أخرى غير الطعام منها الطبية وطرق تطبيقها المتناقلة والمتوارثة من الأجداد».

يتابع: «هذا النبات العشبي يتراوح ارتفاعه ما بين عشرة إلى ثلاثين سنتيمتراً، أوراقه مستديرة الشكل أو كلوية، غائرة التفصيص أي تفاصيل سطح الورقة عميقة وذات حواف مسننة، ولها عنق طويل، وأزهارها صغيرة ذات لون بنفسجي باهت متجمعة تنمو إلى جانب عنق الأوراق.

ولهذه النبتة عدة أسماء تعرف بها بحسب كل منطقة ينمو فيها مثل رقمة، ورقمية، وخبازي، وخباز، وخبيز، وخبازة.

أما عن الاستعمالات الأخرى لأوراق الخبيز وهي الصحية ومن أهمها أنه ملين الصدر ومدر اللبن والبول، ومسكن للسعال ويعالج آثار الحروق والقروح المعوية وآلام الجهاز الهضمي ويلينه، وخشونة القصبة الهوائية، ويخفف الحكة الجلدية.

أما الجذر فهو وتدي، ويحتوي على مادة سائلة بيضاء تظهر متى قطع الجذر أو جرح، وهي مادة شديدة المرارة، وقد استخدمته نساء الريف سابقاً بعملية فطم أطفالهن».