إلى الشمال الشرقي من محافظة "طرطوس"، وعلى بعد خمسة عشر كيلو متراً من مركز المدينة تقع بلدة "السودا" متربعة على هضبة بازلتية، حجارتها السوداء أعطتها اسمها، وفي وسطها يقع أثر عريق من آثار بلادنا الرائعة، أثر يعد شاهداً من شواهد الإيمان بالله، وصرحاً من صروح العبادة، إنه كنيسة "نياح السيدة" في "السودا".

موقع eTartus سلط الضوء على هذه الكنيسة القديمة الشاهدة على توق الإنسان للبقاء وحب الخلود، وزار منطقة "السودا" بتاريخ 22/12/2008 وكان لقاء مع الأخ "طوني جرجس جبرائيل" ليحدثنا عن أصل تسمية هذه الكنيسة وفي ذلك يقول: «كنيسة "نياح السيدة" والمقصود بكلمة "نياح السيدة" هو (رقاد السيدة العذراء)، وهو في اليوم الخامس عشر من آب من كل عام، وهو يوم عالمي وذكرى خالدة، ودعيت بهذا الاسم منذ القرن الثالث الميلادي وهو القرن الذي شيدت فيه الكنيسة، وتقول الرواية أن مكان هذا الهيكل يظهر نور يمثل في صورة السيدة العذراء يضيء ظلمة الليل لذلك دعيت بهذا الاسم».

تقسم أرض الكنيسة إلى قسم الهيكل المقدس، حيث يقوم الكاهن بخدماته، وهناك قسم الوسط وهو المكان الذي يقف فيه المصلون، وقسم الشعرية في الجهة الغربية

وعن الكنيسة القديمة وقصة اكتشافها فقد قال الأخ "طوني جبرائيل" لموقع: «عثر الوافدون إلى "السودا" والذين استوطنوها على هيكل قديم يقوم في غابة من السنديان والبلوط، وقد غطى أشجار العليق كل جوانبه، فكشفوا جهته الغربية فظهر هيكل صغير، يتسع لكاهن يخدم الأسرار المقدسة فيه، وهو بشكل نصف دائرة، نصف قطرها متران ونصف، وجدرانه من الحجر والطين بسماكة المترين تقريباً، وتعلو قبة الهيكل المغطاة بالخشب والطين ثلاثة أمتار، يحوي الهيكل الصغير على مائدة في الوسط، وقد نحتت من الحجر الأسود بشكل صليب والمذبح في الجدار الشمالي، أما الفسحة الغربية أمام الهيكل فهي مكشوفة بين الشجر، وقد أعدت ليقف فيها المصلون، وهي لا تقي برداً أو حراً، وقد رجحت الدراسات أن يكون أصل هذا الهيكل رومانياً وهو يعود إلى القرن الثالث الميلادي». وللزائرين والقاصدين "السودا" والكنيسة فهم سيجدون اليوم كنيسة كبيرة مبنية بالحجر الأسود البازلتي وتحوي قاعة الصلاة، والمذبح، وحامل الأيقونات، وقد شيدت هذه الكنيسة في عام 1889 ميلادية وعن طريقة بنائها يقول الأخ "طوني جبرائيل": «لم يكن المكان الذي خصص لهذه الكنيسة كافياً ولا يتسع المكان لعدد كبير من المصلين والحاجين إليها، لذلك فقد قرر أبناء القرية أن يقوموا بتشييد كنيسة كبيرة ملاصقة للهيكل القديم، وكانت المشاركة من جميع أبناء القرية، وقد قرروا أن يكون بناؤها فقط بالحجارة السوداء وبدأت عملية تحضير وتشذيب هذه الحجارة وتجهيزها للبناء، وبهذه الروح العالية ارتفع البناء الضخم وتمت المرحلة الأولى من البناء، حتى وصلوا إلى قناطر السقف والعقدية، وهنا احتاج البناؤون إلى جسر خشبي كبير يسمى "وصل" ليكون الدعامة لهم، وتم العثور على طلبهم في قرية "متن الساحل"، وأصر رجال القرية على حمله مع ثقل وزنه حتى وصلوا به إلى القرية، وكان يبلغ من الطول عشرين متراً وبعرض حوالي خمسين سنتمتراً، ثم تمت مراحل البناء المتبقية وارتفعت قبة الجرس، وأحضر الجرس من لبنان ليقرع معلناً بناء هذا الصرح الإيماني».

الهيكل القديم من الجهة الخارجية

أما عن أقسام الكنيسة الجديدة فيقول الأخ "طوني جبرائيل": «تقسم أرض الكنيسة إلى قسم الهيكل المقدس، حيث يقوم الكاهن بخدماته، وهناك قسم الوسط وهو المكان الذي يقف فيه المصلون، وقسم الشعرية في الجهة الغربية».

ومن الجدير بالذكر أن الهيكل القديم الذي اكتشف وجد بالقرب منه شجرة زيتون مباركة، عمرها من عمر الهيكل، كما وجد معه ثلاث أيقونات تمثل إحداها صورة للسيدة العذراء وللسيد المسيح عليه السلام، وأيقونة تمثل صورة لرقاد السيدة العذراء.

الهيكل من الداخل
احد الايقونات التي وجدت مع الهيكل