بسبب برودة المناطق الجبليّة نجد فيها أنواعاً عديدة من الخضار والفواكه التي تنمو خلال فصل الصيف وتعطي ثمارها دون سقيها بالماء، وتتميّز هذه الثمار بطعمها المميّز من الخضار المرويّة، وتلبّي حاجة الناس المنزليّة وبعضها يفيض ويتم بيعه مثل "التفّاح والجبس والعجّور...".

يقول السيّد "مرشد عباس" وهو من المعمّرين في القرية: «إنّ ما تسمّونه الآن خضارا صيفيّة كان الغذاء الرئيسي لنا في القرى يوم كانت معزولة عن القرى البعيدة ومراكز المناطق والمدن، وكانت الدخل الرئيسي لنا حيث كان الإنتاج مختلف كثيراً عن الآن بنوعيته وكميّته، كما أنّ اهتمام الناس قلّ عن السابق حيث اتجه الناس إلى أعمال أخرى، وكمثال اختلف حجم ثمار "الجبس" عن السابق كثيراً ففي السابق كنّا نفلح الأرض "بالبغال" ونضع الكثير من السماد العضوي هذا عدا عن الأمطار الغزيرة وقتها، لكن التعب كان أكبر، والأن أصبح الوضع أسهل "فالتبغ" أصبحت أساليب العناية به أكثير وأسهل، في حين أصبح الجرّار الوسيلة الجديدة للحراسة، لذلك تجد كل زمن يختلف بأدواته وأساليبه فتكون بعض مزاياه جيّدة والأخرى سيئة».

نقوم عادةً بشراء المنتجات من المزارعين وبيعها في "القدموس أوبانيّاس" باستثناء التفّاح الذي كانت تقوم "المؤسسة العامّة للخزن والتسويق" بشرائه من المزارعين إلى حين توقّف زراعته وزوال معظم الأشجار، وعادةً يتحدد سعر المنتجات المختلفة وفق كميّة الإنتاج ممّا قد يضر بالمزارع عند انخفاض الأسعار، وأحيانا قد يكون الإنتاج الفائض قليل فيتلف لارتفاع سعر نقله، فبهذا الشكل تتمثّل مصاعب "الزراعة البعليّة الصيفيّة"

تُزرع الخضار البعليّة في مواعيد محددة لتكون جاهزة لإعطاء الثمار في الصيف، وعن هذا يقول السيّد "أيمن محمّد": «نزرع "العجّور" أو كما يسمّى "القتّة" مع "البندورة والجبس والبطّيخ" في الربيع أيضاً ويعطي ثماره بعد شهر من الزراعة، كما أنّ المزارعين الممارسين للمهنة يزرعون كل أنواع الخضراوات الأخرى التي تحتاج لعناية من "الفول والبامية والخيار .."، وهناك أيضاً الأشجار التي تنمو بعلاً وقبل تعدادها أودّ التذكيز أنّه من عدّة سنوات مضت لم يكن هناك نوع من الخضراوات والفواكه إلا وتجده في جبالنا في الصيف لكن الجو تغيّر وطبيعة حياة الناس تغيّرت أيضاً وتغيّرت معها مكوّنات البيئة المحيطة، وبالعودة إلى أنواع الأشجار فأوّلها "التفّاح" فهو كان المحصول الرئيسي قبل سنوات قليلة خلت بسبب ملائمته لظروف البرد والإقبال العام عليه أمّا الآن فأصبح شبه معدوم، لأنّ ارتفاع حرارة الجو أدّى لانتشار "دودة الساق" التي أنهت وجود أشجار التفّاح في قُرانا، وهناك العنب والتين كمحاصيل رئيسيّة أيضاً، في حين يُزرع "السفرجل والتوت والكرز والجوز وأنواع اللوزيّات" للحاجات الخاصّة لكل بيت، وقد لاحظنا مؤخّراً ازدياد زراعة الكرز في المزارع المستصلحة حديثاً».

مرشد عباس

في حين يوجد مزارعين مازالوا حتى الآن يعتمدون على الزراعة كمصدر وحيد لدخلهم في القرى الجبليّة وأهمّها الزراعة "البعليّة" فيقول عن ذلك المزارع "نادر غانم": «رغم صعوبة الزراعة وتفاوت إنتاجها مازلت أعتمد عليها في دخلي المادّي، وأسقي المزروعات لمرّة واحدة أو مرتين خلال الموسم لأضمن إنتاج أفضل، في حين عزف الكثيرين عن الزراعة وتُركت الأراضي للأعشاب، وإذا أردتم الحديث عن مزايا زراعتنا الصيفيّة فهي تتميّز بطعمها الحلو ورائحتها الشهيّة على اختلاف أنواعها، "فالعجّور" له طعم حلو جدّاً بحيث لا يبقى شيء من إنتاجي إلاّ وأبيعه لمن اعتاد على شراء منتجاتنا ممن يزورون مناطقنا في الصيف من سكّان "طرطوس" أو المحافظات المجاورة، وإذا تحدّثنا عن المصاعب فأنا وأي مُزراع نشعر بالضيق عند خراب كثير من إنتاجنا بسبب "البرَد أو الثلج" أو مثلاً إصابة المزروعات بأمراض كثيرة تسيء إلى الإنتاج، واختلاف المناخ الآن أساء للوضع وزاد من تعقيد العمل الزراعي وسوء الإنتاج، يُضاف الى ذلك قلّة الأمطار فزاد بذلك سعر صهريج الماء إلى 3000 ل.س وهو سعر غير مقبول إطلاقاً».

أمّا عن تسويق المنتجات الزراعية فهناك من عمِل بها من أبناء القرى البعيدة لاصالها إلى مراكز المناطق "كالقدموس والشيخ بدر والدريكيش" فيقول عن هذا السيّد "رشيد علي عبّاس": «نقوم عادةً بشراء المنتجات من المزارعين وبيعها في "القدموس أوبانيّاس" باستثناء التفّاح الذي كانت تقوم "المؤسسة العامّة للخزن والتسويق" بشرائه من المزارعين إلى حين توقّف زراعته وزوال معظم الأشجار، وعادةً يتحدد سعر المنتجات المختلفة وفق كميّة الإنتاج ممّا قد يضر بالمزارع عند انخفاض الأسعار، وأحيانا قد يكون الإنتاج الفائض قليل فيتلف لارتفاع سعر نقله، فبهذا الشكل تتمثّل مصاعب "الزراعة البعليّة الصيفيّة"».

أيمن محمد من اليمين ونادر غانم
رشيد عباس