قبل أربع سنوات تقريباً من الآن، لم يكن الرقاوية يتناولون (الفول النابت) في مدينتهم على الإطلاق، بل ومعظمهم لا يعرف هذه الأكلة الشعبية، اللهمَّ إلا الذين عرفوها من خلال زيارتهم لمحافظات "حمص" و"اللاذقية" و"دمشق"، وهذه أشهر المحافظات السورية على الإطلاق، بتحضير هذه الأكلة الشعبية، لكن في الأربع سنوات الأخيرة، بدأت عربات بيع الفول النابت، تنتشر واحدة تلو الأخرى في شوارع مدينة "الرقة" وأحيائها، حيث بات منظرها اليوم مألوفاً لدى الرقاوية، وأصبح لها زبائن كثر، حتى صار من المتوقع بأن صحن الفول النابت، سينافس نظيره (عرنوس الذرة) والذي يتربع على عرش المأكولات الشعبية الخفيفة، التي تباع على العربات في مدينة "الرقة".

موقع eRaqqa التقى وبتاريخ (20/10/2008) السيد "ديب طربوش" وهو أول من أدخل هذه الأكلة الشعبية إلى محافظة "الرقة"، ولدى سؤاله عن بداياته مع هذه المهنة في مدينة "الرقة"، وكيف كان استقبال الرقاوية لمادة الفول النابت بادئ الأمر، أجاب قائلاً: «في الحقيقة لقد تعلمت هذه المهنة في مدينة "حمص"، على يد أمهر المعلمين في مجال تحضير الفول النابت وبيعه، وبعد أن أتقنتها تماماً، عدت إلى مدينة "الرقة" لأمارس هذه المهنة، وكان ذلك في عام /2004/، وقد كانت البداية صعبة جداً، حيث أن أغلب الناس في مدينة "الرقة" لم يكن لديهم فكرة عن مادة الفول النابت، حتى أنهم استغربوا الاسم كثيراً، وكثير منهم كان يتوجه إلى عربتي، وعندما يكتشف أنني أبيع الفول بهذه الطريقة، يعتذر مني ولا يشتري شيئاً، وكان اعتمادي في البيع آنذاك، على الرقاوية الذين تعرفوا على هذه المادة في المدن الأخرى، كمدينة "حمص" و"اللاذقية" و"دمشق"، وذلك من خلال دراستهم أو تأدية الخدمة الإلزامية في هذه المدن، وبعد مرور بضعة أشهر على هذه الأمر، بدأ الناس يتعودون تدريجياً على رؤية عربتي التي أبيع عليها الفول النابت، فالناس بطبيعتهم لا يرتاحون للمهن الدخيلة والجديدة، خاصة إذا كانت تتعلق بتقديم وجبات الطعام، ومن الأمور التي ساعدت على سرعة قبول الرقاوية وتأقلمهم مع هذه الوجبة، هو دخول فصل الشتاء، حيث كان منظر البخار وهو يتصاعد من قدر الفول، بالإضافة للرائحة الشهية التي كانت تنبعث منه، كانت تغري الزبائن لشراء صحن من الفول، علَّها تدخل قليلاً من الدفء إلى أجسادهم، وشيئاً فشيئاً بدؤوا يدركون أن الفول النابت هو وجبة شهية وصحية، ولا تكلف الكثير من المال، وبعد أكثر من سنتين من بدايتي بالعمل، بدأ عدد من الباعة يمارسون هذه المهنة في مدينة "الرقة"، حتى أصبح هناك ثلاث عربات تبيع الفول النابت إضافة لعربتي، لكن زبائني الخاصين لم يتركوني أبداً، فهم يعرفون جيداً أين ومتى يجدونني، حيث أنني أتخذ أماكن ثابتة للعمل، فمن الساعة السابعة صباحاً وحتى الثانية ظهراً، أقف بجانب حديقة /7/ نيسان، في الجهة المطلة على مدرسة دار السلام الإعدادية، أما مساءً فإنني أقف في شارع القنيطرة، والمعروف بشارع "تل أبيض"».

بعد شراء الفول المجفف ذي النوعية الممتازة، نقوم بتنظيفه من الشوائب، ثم نغسله بالماء جيداً، وأقوم بعد ذلك بطبخه حتى ينضج بشكل جيد، بعد إضافة الملح إليه، وبذلك تنتهي العملية الأصعب والتي تستغرق ساعات طويلة، أما المرحلة الثانية، فهي تتم أمام نظر الزبون وعلى العربة، حيث أقوم بسكب حبات الفول في صحن صغير من الفلين الصناعي، وأضيف إليها قليلاً من الماء الساخن الذي طبخت به، ثم نرش قليلاً من التوابل المؤلفة من الملح والفلفل الأحمر والكمون والسمَّاق، وأخيراً نضيف حمض الليمون، ونغرس في الصحن قطعة صغيرة من الخشب، والتي تشبه الدبوس، لتكون بمثابة الشوكة لالتقاط حبات الفول

وبسؤال السيد "طربوش" عن طريقة تحضير الفول النابت، وكيفية تقديمه جاهزاً للزبائن، قال: «بعد شراء الفول المجفف ذي النوعية الممتازة، نقوم بتنظيفه من الشوائب، ثم نغسله بالماء جيداً، وأقوم بعد ذلك بطبخه حتى ينضج بشكل جيد، بعد إضافة الملح إليه، وبذلك تنتهي العملية الأصعب والتي تستغرق ساعات طويلة، أما المرحلة الثانية، فهي تتم أمام نظر الزبون وعلى العربة، حيث أقوم بسكب حبات الفول في صحن صغير من الفلين الصناعي، وأضيف إليها قليلاً من الماء الساخن الذي طبخت به، ثم نرش قليلاً من التوابل المؤلفة من الملح والفلفل الأحمر والكمون والسمَّاق، وأخيراً نضيف حمض الليمون، ونغرس في الصحن قطعة صغيرة من الخشب، والتي تشبه الدبوس، لتكون بمثابة الشوكة لالتقاط حبات الفول».

الفوال ديب طربوش