«سمك الكرسين من أهم أسماك نهر الفرات، وهو سمك فراتي أصيل، ولم يتم استزراعه في النهر، كغيره من الأسماك الأخرى كسمك "الكارب" مثلاً، وهو يتكاثر في أواخر شهر نيسان، ويستمر موسم تكاثره لمدة أسبوعين تقريباً، وهو ألذ وأشهى أنواع السمك الفراتي على الإطلاق، خاصة إذا تم شيُّه على الفحم»، هذا ما قاله الصياد الشهير "محمد المرعي الشاهين" لموقع eRaqqa بتاريخ (28/11/2008)، لدى سؤاله عن سمك "الكرسين" الفراتي.

وبسؤال "الشاهين" عن أنواع سمك "الكرسين"، تحدث قائلاً: «هناك أربعة أنواع معروفة لسمك "الكرسين"، وهي أولاً: "الكرسين الأصفر"، وله نوعان، "كرسين أبو بلاجم"، ثم "الكرسين الأصفر العادي"، ثانياً: "الكرسين الأسود"، وله ثلاثة أنواع، وهي: "الكرسين العاشب"، وقد تم استزراعه في نهر الفرات، بمساعدة خبراء من روسيا، وبدأ استزراعه في "صراة الدلحة"، ومن خلال وجود قناة للتصريف، بدأ "الكرسين العاشب" ينتقل لمجرى نهر الفرات، أما النوع الثاني فهو "أبو حدبة"، ويتميز بحجم صغير ووزن ثقيل، والنوع الثالث هو "السرينج"، ثالثاً: المغوار أو "الحزَّاني"، وهو من أنواع الكرسين المنقرضة، ويتميز بلون جلده المرقَّط، رابعاً: "الحوَّار"، وهو من أنواع الكرسين الرملية، والمنقرضة تقريباً».

بالأمس، قبل نحو ثلاثة عقود كان الفرات، يزخر بأنواع متعددة من أسماكٍ شهيرة، بكمياتٍ كبيرة، أما اليوم فمن يقذف صنارته من هواة الصيد في الماء، ينتظر ساعات طوال قبل أن يصطاد سمكةً واحدة، وقد لا يأتي بشيء، الصيد الجائر الذي يستخدم فيه البعض أساليب محظورة، كالمتفجرات والكهرباء والسموم والغازات الخانقة، أدّى إلى تدمير جماعي للأحياء المائية، وتسبب بمخاطر جمّة على صحة المستهلكين

ولدى سؤال الصياد "إبراهيم الحسين"، عن واقع الصيد في محافظة "الرقة"، أجاب بقوله: «بالأمس، قبل نحو ثلاثة عقود كان الفرات، يزخر بأنواع متعددة من أسماكٍ شهيرة، بكمياتٍ كبيرة، أما اليوم فمن يقذف صنارته من هواة الصيد في الماء، ينتظر ساعات طوال قبل أن يصطاد سمكةً واحدة، وقد لا يأتي بشيء، الصيد الجائر الذي يستخدم فيه البعض أساليب محظورة، كالمتفجرات والكهرباء والسموم والغازات الخانقة، أدّى إلى تدمير جماعي للأحياء المائية، وتسبب بمخاطر جمّة على صحة المستهلكين».

كرسين الحوار

وتظهر مشكلة الصيد والصيادين في حوض الفرات واضحة، من خلال تراجع الصيد النظامي أمام الصيد المخالف والجائر في المياه المفتوحة (النهر والبحيرات)، وتدهور الثروة السمكية.

حيث يقول الصياد "محمد شاهين المرعي": «لقد كنت أصطاد بالشباك قرابة /200/ كغ يومياً لسنين عديدة، بينما لا يتعدى ما تخرجه شباكي اليوم /50/ كغ، معظمها أسماك صغيرة، ومن الأنواع غير المرغوبة، والسبب في رأيي، هو استخدام بعض الصيادين أساليب ممنوعة في الصيد، كاستخدام الديناميت على نحو خاص، فهو لا يقتل الأسماك التي يصيبها مباشرة حتى القاع وحسب، بل يخلق حالة ذعر في محيط الانفجار الواسع، ما يجعل الأسماك تهرب إلى مواقع بعيدة في النهر، إضافة إلى لجوء بعض الصيادين لاصطياد الأسماك بأنواع عديدة من السموم كاللانيت، وزهر الكبريت».

الصيادمحمدالمرعي الشاهين

ويضيف الشاهين: «تعتبر "الرقة" التي تمتد على مساحة /20/ ألف كم2 تقريباً من أغنى المحافظات السورية بأماكن صيد الأسماك، لوجود مسطحات مائية شاسعة، منها بحيرة الأسد /460/ كم2 من المياه العذبة، وبحيرة البعث /25/ كم2، ومجرى الفرات الذي يعبر المحافظة بطول/160/ كم ومتوسط عرض يقارب ثلاثمئة متر، إضافة إلى مجموعة بحيرات صغيرة مغلقة، والمصارف وأقنية الري، وينشط في نهر الفرات، قرابة /230/ صياداً مرخصاً، وفقاً لبيانات مديرية زراعة "الرقة"، وعدد غير معروف من الصيادين غير المرخصين، يستخدم معظمهم طرق صيد مخالفة، وقد يساعد على تقدير عددهم وحجم نشاطهم، معرفة أن أجهزة الحماية السمكية صادرت خلال العام الماضي /83/ مولداً كهربائياً».

أما الصياد "عبد الكريم الحسين"، فيتحدث عن مشكلة أخرى، حيث يقول: «بمرور الزمن قضى الصيد المحظور على /20/ نوعاً من الأسماك، كانت تعيش في مياه الفرات، حتى أصبح من يصيد سمكة من أنواع "فرخ الجزر" و"المجناس" و"الرومي"، يحسده عليها جميع الصيادين، وهي الأنواع المرتفعة الثمن في السوق اليوم /250/ ليرة سورية للكيلو غرام الواحد بسبب تناقصها، أما أسماك "الكرسين" و"الكارب" فغدت كمياتها متوسطة، ولم يبقَ متوفراً في الماء، سوى الأنواع العادية من أسماك "المطواق" و"البوري" و"الجرّي"، التي يتراوح ثمن الكيلوغرام منها /60/ إلى/130/ ليرة سورية، ومع أن صيد الأسماك يعتبر في فترة التحريم الرسمي للصيد، جريمة يحاسب عليها القانون، لأنها فترة تكاثر، إلا أن عمليات الصيد الجائر تتواصل رغم تكثيف المتابعة من قبل أجهزة الحماية، لم تقتصر آثار الصيد الجائر على إبادة الأحياء المائية فقط، بل أدت إلى خلل في التوازن البيئي لحوض الفرات، فأسماك "الكارب العاشب" و"الفضي" تتغذى على نباتات تلحق التلوث بمياه الفرات مثل نبات "الزل" وأعشاب أخرى، ومع انقراض هذه الأنواع من الأسماك التي زرعت بطريقة اصطناعية، عاودت تلك النباتات الملوِّثِة للمياه نموها ثانية، لتظهر مشكلة بيئية في بحيرة سد البعث وفي المياه الراكدة، ولم تقم الجهات المعنية حتى الآن بإعادة استزراع أسماك "الكارب" بنوعيه، مع استمرار الصيد الجائر».

الصياد عبدالكريم الحسين

ويقول الطبيب البيطري "محمد فاضل سلامة": «تشترك جميع الأسماك في صفات عامة، حيث إن جميعها لها عمود فقري، ومن ثم فهي من الفقاريات، تتنفس أساساً بوساطة الخياشيم، والأسماك من الحيوانات ذوات الدم البارد، أي أنها غير قادرة على تنظيم درجة حرارة الجسم، التي تتغير تبعاً لدرجة حرارة الماء المحيط بها، وإضافة إلى ذلك فللأسماك كلها تقريباً زعانف تستخدمها في السباحة، وقد ظهرت أوّل سمكة على سطح الأرض، منذ نحو /500/ مليون عام، فكانت أول الحيوانات الفقارية، ويعتقد بعض العلماء أن تلك الأسماك المبكرة هي أسلاف لفقاريات أخرى». وأخيراً، يحدثنا الدكتور "عبد الحميد الزاب"، عن القيمة الغذائية للأسماك، حيث يقول: «تساهم الأسماك بدرجة كبيرة في إمدادات الأغذية، ذات القيمة الغذائية، نتيجة المواصفات الفريدة التي تتمتع بها، والتي أكسبتها أهمية خاصة في مكافحة سوء التغذية، التي تعاني منها بعض البلدان، خاصة إذا ما علمنا أن الأسماك تحتوي على نسبة بروتين تتراوح بين /17-18%/، إضافة إلى أن لحومها ذات قيمة حيوية عالية بسبب انخفاض نسبة الدهون فيها، وخلوها من الكولسترول، وغناها بالعناصر المعدنية كالكالسيوم، والفوسفور والحديد، واحتوائها على الفيتامينات الضرورية لجسم الإنسان».