تعتبر صناعة رغيف الخبز من الصناعات التي تهم المواطن بالدرجة الأولى باعتباره أنه على احتكاك يومي معها نتيجة لاستهلاكه المباشر له، ورغيف الخبز الذي تجاوز مرحلة الأزمة فيما سبق وبدأنا معه في رحلة البحث عن الجودة جعلنا نغوص وراء هذه الصناعة لمعرفة سرها وما يدور في كواليسها، فمن رغيف غير مكتمل النضج وغير صالح للمأكل إلى آخر مقبول نوعاً ما وجيد وآخر أجود، بينما يتصدر رغيف الخبز الحكومي قائمة هذه المنتجات بفارق كبير عن انتاجه لدى الأفران الخاصة, وبالطبع فكل هذا هدرا للأموال ناهيك عن مشكلات الحصول على الرغيف وما يرافققه من مشاكل أخرى.
**المواطن يقول:
السيد"عدنان حوري": «الخبز دون المطلوب, لونه يميل إلى السمرة وأحياناً نجد فيه قطعاً صلبة من العجين اليابس، وأحياناً أذهب إلى عملي في الساعة التاسعة صباحاً وأشاهد الفرن قد أغلق منذ فترة وجيزة مما أضطر للذهاب لفرن آخر بعيد أو أشتري ربطة خبز من الباعة المرابطين أمام الفرن بوزن أقل وسعر أغلى وهذا لا يُطاق».
إن الحرارة والبرودة تؤثران على عملية التخمير اللازمة للخبز، فإذا زادت الحرارة عن حد ما فإنها تفقد الرغيف مواصفاته الجيدة فيتفتت ويتكسر
"محمود نجار": «بالنسبة للخبز هو مشكلة كبيرة فالأفران كثيرة قربنا، ولكن جودة الخبز متفاوتة بين الحين والآخر فخبز اليوم جيد، وغداً غير مضمون ومشاكله تتفاوت مابين العجين أحياناً واللون والنضج».
"زاهر عقاد" : "عامل في مطعم " «يأتي إلينا الخبز في كل صباح من الفرن المتعاقدين معه لتأمين احتياجات المطعم وكما تعلم أن الخبز خاص للمطعم يعني أنَّ حجمه أصغر ووزنه أقل من الرغيف العادي وطبعاً له حسابه الخاص يزيد ب / 2 / أو / 3 / ل.س عن سعر كيلو الخبز العادي».
ويُذكر أن وزن الرغيف الخاص للمطاعم يتراوح ما بين 90/ 95 غرام وقطره يتراوح ما بين 20/25 سم أما وزن الرغيف العادي يزن 160/170غرام .
"ثائر رجب": "صاحب مخزن مواد غذائية": «في كل يوم يأتي إلينا مجموعة من التجَّار يعرضون علينا الطحين بسعر أقل من السوق بـ /4 أو 5 / ل.س وهو سعر بالحقيقة مغرٍ وهذا لا يثير الشكّ لأنهم يقومون بتفريغ الطحين الحكومي ويقومون بتعبئتها بأكياس جديدة ممهورة بماركة واسم وهمي جديد ولا غبار عليها، وللأسف الرقابة شبه غائبة لأنها لا تستطيع ضبط الموضوع بشكل كلّي، واللافت للنظر أنَّ الحكومة تدعم الطحين كمادة أساسية في الغذاء وتوفره للفرن بشكل يومي بسعر 8 ل.س وخمسة قروش, بينما يُباع بالأسواق بسعر يصل لـ 20 ل.س ».
ماذا يقول العاملون عن صناعة الخبز?
"طلال تحاوي" عامل في مخبز فيقول: «إن الحرارة والبرودة تؤثران على عملية التخمير اللازمة للخبز، فإذا زادت الحرارة عن حد ما فإنها تفقد الرغيف مواصفاته الجيدة فيتفتت ويتكسر».
بينما "محمد قازان" وهو صانع العجين فيقول: «الطحين يلعب دوراً كبيراً في جودة صناعة الخبز ونحن بحكم عملنا في العجن نلاحظ تفاوتاً كبيراً في لون الطحين بين دفعة وأخرى وبالتالي تفاوتاً أيضاً في الجودة، أما العجين المرتجع فهو سبب آخر ينعكس سلباً على جودة الرغيف وهو العجين الذي يتعرض لنصف استواء ونحن نقوم بتوزيعه على العجنات حيث يتعرض لتخمير زائد ما يؤثر على جودة المنتج».
التقينا أحد أصحاب الأفران وسألناه عن سبب الإغلاق باكراً فأجاب السيد "مصطفى ماردلي" فقال:«هناك بعض الأفران التي تغلق باكراً وذلك بسبب متاجرتها بالطحين وبيعه لمجموعة من التجَّار فالمكسب معهم دائماً فمثلاً عندما يكون المخصصات اليومية للفرن / 1000/ كغ فإنه يقوم بإنتاج نصفه أي / 500 / كغ من الطحين ويبيع الباقي بمربح / 2 / ل.س تقريباً، وبهذا يوفرون الجهد والكدّ والمحروقات وأجر العمَّال اليومي فهذا ربح إضافي على حساب المواطن ويحمِّل الحكومة عبء إضافي ويجعلها في موقع الاتهام بالتقصير، يُذكر أن كل كيلو طحين ينتج/ 1.2/ كيلو خبز وعليه فإن حلب تستهلك حوالي 1560 طناً من الخبز يومياً »
مديرية التجارة توضِّح:
توجهنا إلى السيد "محمّد حنوش" مدير التجارة الداخلية بـ"حلب" يقول ليخدثنا عن نسب توزيع كميات الطحين على الأفران الخاصة والحكومية فقال: «إنه لا يوجد أي تخفيض على كميات الطحين المخصصة للأفران بل على عكس ذلك هناك زيادات مؤقتة وإعادات تبلغ /5.5/ طناً يومياً تضاف إلى الكميات المخصصة للأفران في المدينة، كما يوزع /808/طناً من الدقيق يومياًً على المخابز الخاصة في المدينة والريف ، كما يوزع حوالى/108/طناً من الدقيق يومياً لصالح الأفران الاحتياطية، كما تم إحداث مخبز احتياطي في كل من "تلرفعت"و"الباب" و"صوران"و"أخترين" و ذلك بطاقة أنتاجية تصل مابين /10-12/ طن يومياً لكل فرن، كما سيتم تشغيل فرن "منبج" في الوقت القريب وفتح فرن جديد في "مسكنة"
أما عدد مخابز القطاع الخاص فيبلغ عدد مخابز الريف 263 مخبزاً وعدد مخابز المدينة / 273/ مخبزاً، ومجموع مخابز المدينة الريف / 539/ مخبزاً تعمل بحدود / 770/ طن يومياً ، كما تم منح /590/ ترخيصاً لفتح أفران خلال عام /2009/ وذلك بهدف تغطية النقص في القرى والمدن البعيدة.
كما دعا مدير التجارة الداخلية كافة المواطنين إلى التعاون مع دوريات الأفران والمخابز الموزعة في المدينة والريف والإبلاغ عن أية مخالفة تتعلق بنقص الوزن أو عدم مطابقة الخبز للمواصفات أو التصرف بالدقيق التمويني وعدم التقيد بمواعيد العمل المحددة والتي تنص على بدء العجن الساعة 5 صباحاً وبدء البيع 6 صباحاً"
ومن خلال حديثنا مع السيد "وضاح نيرباني" مدير الرقابة في مديرية التجارة الداخلية أن هناك / 8 / دوريات موزعة ضمن قطاعات المدينة بكاملها تقوم بجولات متتالية على الأفران وكل دورية مهمتها مراقبة أكثر من /40/ فرن وهذه مهمة صعبة فنحن نشكو من ضعف الكادر في العمل ، بالإضافة إلى أن عناصر الدورية لا تستطيع أن تقمع كل الظاهر السلبية لوحدها أينما كانت ظاهرة ، وهو موضوع يحتاج إلى تكاتف من قبل الجميع، وأي مخالفة قانونية نطلب من الموطن إبلاغنا عنها مباشرة في أي موقع كان على الخط الثلاثي المباشر / 119 / على مدار الساعة».
مديرية المخابز بحلب تُجيب :
تساؤلات المواطنين ومعتمدي تسويق الخبز وأقوال القائمين على صناعة الخبز حملناها إلى السيد "محمود المحمود" مدير فرع "حلب" للمخابز حيث أجاب: «إن المؤثرات التي تعود بالسوء على الخبز كثيرة منها: نوع الدقيق وحيث يوجد أكثر من / 50 / نوعاً من القمح والخميرة والحرارة والبرودة وطبيعة نقل الخبز, وأيضاً العامل له علاقة بالإضافة إلى الآلة, وبناء على ذلك يستحيل أن يكون إنتاج الخبز في المخابز ممتازاً, ولكنَّ خبزنا بشهادة الشريحة العظمى جيد ومقبول أما السيئ فلا نخبزه نهائياً ونعده تلفاً صناعياً ويستحيل بيعه للمواطن وإذا زاد - أي التلف الصناعي-عن حد معين يغرم عمالنا, وهنا تجدر الإشارة الى أن وزارة الاقتصاد ووزارة المالية أقرتا إعطاء العاملين بالمخابز جميعهم حوافز إنتاجية بغض النظر عن الربح والخسارة وهذا مكسب للعاملين كافة"» .
وحول التباين بين الخبز في الربطة الواحدة, أضاف: «يقوم بعض البائعين بتوزيع أرغفة الخبز البائتة على الربطات الجديدة وهذا يسيء لنا, فيلاحظ المواطن الفرق في الربطة الواحدة, ولكن نستطيع أن نقول: إن خبزنا بشكل عام جيد رغم أن نسبة التنفيذ لدينا 120-130 % وأن 80% من سكان مدينة "حلب" يفضلون شراء المادة من المخبز مباشرة وأن 75% من سكان المحافظة يستجرّون الخبز من القطاع العام» .
و أخيراً بدورنا نرى أنه بإمكان المعنيين تحسين جودة الرغيف من خلال الاهتمام بالعناصر الفنية ومراقبة عملية نقل الخبز وعدم تكديسه وتفعيل الرقابة التموينية داخل المخبز ولدى المعتمدين لضبط المخالفات ومعالجتها , وندعو المواطنَ إلى أن يقوم بدوره الحقيقي في مكافحة أي بؤرة خلل أو فساد عن طريق الإبلاغ عنه للجهات المسؤولة في سبيل تحقيق الغاية المرجوة ...