تعتبر شجرة التين من الأشجار المثمرة التي تميزت مدينة "مصياف" بزراعتها عن بقية المناطق والمدن السورية، حيث كان لنجاح زراعتها الأثر الكبير في ترسيخ وارتباط اسم هذه المدينة بشجرة التين، ويمكننا القول أنه لم تحتل شجرة من الأشجار المثمرة الأخرى المكانة التي احتلتها شجرة التين في التغذية عند جميع الأمم والحضارات.

موقع eSyria توجّه إلى "مصياف" بتاريخ 3/6/2009 والتقينا بالسيد "محمد إسماعيل" ليعرّفنا على هذه الشجرة وموطنها الأصلي قائلاً: «عزا بعض من العلماء الموطن الأصلي لهذه الشجرة إلى منطقة "سورية" و"الأناضول" ومنها انتقلت إلى معظم دول العالم، فقد زرعت هذه الشجرة في كافة المناطق "السورية" إلا أن منطقة "مصياف" واحدة من المناطق التي نجحت وازدهرت فيها زراعة هذه الشجرة، فقد نجدها تتكاثر بالبذور بشكل تلقائي وغير مقصود في كل مكان تحط به تلك البذور فتجدها تنمو بريّة في مختلف الأراضي، وتجدها تنمو بين الصخور وبين شقوق وجدران المنازل وعلى أسطحتها، هذا كله دليل على تأقلم الشجرة مع بيئة منطقتنا بشكل كبير، بالإضافة إلى كميات الأمطار العالية التي تساعد هذه الشجرة على النمو بشكل جيد».

عزا بعض من العلماء الموطن الأصلي لهذه الشجرة إلى منطقة "سورية" و"الأناضول" ومنها انتقلت إلى معظم دول العالم، فقد زرعت هذه الشجرة في كافة المناطق "السورية" إلا أن منطقة "مصياف" واحدة من المناطق التي نجحت وازدهرت فيها زراعة هذه الشجرة، فقد نجدها تتكاثر بالبذور بشكل تلقائي وغير مقصود في كل مكان تحط به تلك البذور فتجدها تنمو بريّة في مختلف الأراضي، وتجدها تنمو بين الصخور وبين شقوق وجدران المنازل وعلى أسطحتها، هذا كله دليل على تأقلم الشجرة مع بيئة منطقتنا بشكل كبير، بالإضافة إلى كميات الأمطار العالية التي تساعد هذه الشجرة على النمو بشكل جيد

وعن أهمية "شجرة التين" كعلاج طبي في بعض الحالات قال: «لقد عرف "الفينيقيون" قديماً هذه الشجرة واستعملوها غذاء ودواء. كما عرفها المصريون القدماء واستعملوها في الطب وخاصة في علاج آلام المعدة. ويستعمل التين حالياً في معالجة التقرن في جلد العقبين والأثفال على جوانب إصبع القدم وذلك بدهن الموضع المصاب كل يوم بعصير ساق الثمرة الأبيض، وذلك حتى يتم الشفاء.

شجرة التين تنمو على جدران المنازل

كما يستعمل هذا العصير ضد أمراض الجهاز التنفسي وفي دهن اللحم القاسي فيعيد له طراوته قبل الطهو كما يفيد التين في معالجة الإمساك المستعصي وذلك بتناول بعض تينات في الصباح طازجة كانت أم جافة.

هذا وينبغي الاعتدال في كل التين لما فيه من عناصر غذائية دسمة وعلى المصابين بالتهاب الأمعاء أن يقللوا من مقدار استهلاك التين بحيث لا يزيد عن 6-7 تينات في اليوم، كما يفيد منقوع التين في علاج التهاب الجهاز التنفسي (قصبات وحنجرة) وفي تخفيف السعال الديكي والآلام الناتجة عن التهاب البلعوم، ويستعمل التين للحروق البسيطة كما توضع شرائحه على القروح أو الخراج، كما يوصف التين مع زيت الزيتون على الريق لعلاج كسل الأمعاء».

لها في كل مكان نصيب

وحدّثنا كذلك عن أصناف "التين" العديدة قائلاً: «لقد عرف من التين أصناف عديدة مثل بعض الأنواع ذات القشرة الخارجية الغامقة واللب الأحمر وتتبع لها كافة أنواع التين السوادي وله أنواع عديدة جداً، بالإضافة لبعض الأصناف ذات القشرة الفاتحة أو الكاشفة ولبها له شكلان، فمنها ما هو ذو لب أحمر مثل "الحمريني" و"السلطاني" و"الغزلاني" و"الديري" و"الغرزي "و"القطيني" و"الخضريوي" ومنها ما هو ذو لب أبيض أوعسلي أو مائل للزهري مثل "البرطاطي" و"البياضي" و"الشامي" و"الزيراني" وإن أغلب هذه الأصناف مزروع في منطقتنا وتعرف بأسماء محلية خاصة إلا أن "مصياف" عرفت بصنفها الذي يسمي باسمها (المصيافي) والذي يطلق عليه أهالي مدينة "مصياف" اسم "التين البرطاطي" لشدة حلاوته حيث يحتوي على نسبة عالية من السكر في ثماره أو "البياضي" بسبب لون لبه الأبيض الناصع ذي التوشيح الزهري الخفيف أو المائل للعسلي اللامع والقليل البذور

والذي كان منتشراً على مساحة واسعة من أراضي "مصياف" والقرى المجاورة حيث كما يروي المسنون أنه في أيام حلول المجاعات التي كانت تحل على منطقتنا مع بدايات القرن العشرين أن هذه الشجرة شكلت إضافة لما كان يزرع من محاصيل كالقمح والشعير والذرة، القوت الوحيد لغالبية سكان المنطقة إلى جانب ما كان يزرع من جفنات دوالي العنب والتي كانت تستخدم ثمارها لصناعة الدبس والزبيب والنبيذ في بعض قرى المنطقة.

الهبّول

لذلك نلاحظ الاهتمام والتوسع في زراعة "شجرة التين" حيث أنها انتشرت على مساحة واسعة من أراضي "مصياف" وفي جميع القرى المحيطة لها فقد زرعت بشكل واسع في شمال وغرب وجنوب وشرق المدينة».

وعن كيفية حفظ ثمرة التين وإبقائها دون تلف أجابنا قائلاً: «لأهمية ثمار هذه الشجرة وضرورة إبقائها دون تلف لأطول فترة ممكنة، فقد عمد أهالي المنطقة إلى محاولة إيجاد وتطوير آلية جديدة للاحتفاظ بتلك الثمار متخلصين من خلالها من جميع الحشرات والطفيليات التي كانت تسيء لها وتقلل من فترة تخزينها وإبقائها لمدة أطول، فالناس في المنطقة كانوا يأكلون الثمار الطازجة خلال أشهر النمو والنضج في فصل الصيف وكل ما يزيد عن حاجتهم يتركونه على الأشجار ثماراً ناضجة لتذبل وتتساقط، وبعدها تقوم الأسر مع نهاية الموسم بجمع تلك الثمار والتي تسمى بـ"القاعي" والاحتفاظ بها لتتغذى بها خلال بعض أشهر الشتاء لفائدتها الكبيرة ولكن هذه الثمار لم تكن لتدوم طويلاً فكثيراً ما كانت تحتوي على بعض الحشرات ما يسمونه (بالقاطوع) والطفيليات التي هي أيضاً تتغذى عليها من داخلها وتؤدي لفسادها وبالتالي خسارتها، لقد عمدت الحكومة في ستينيات القرن العشرين إلى محاولة إيلاء بعض الاهتمام لهذه الشجر ومحاولة تصنيع ثمارها وأقامت ما عرفناه بمعمل للتين لكن لم تكلل هذه الخطوة بالنجاح. من هنا وبالأخذ بمقولة (الحاجة أم الاختراع) وباعتماد آليات فكرية مع بعض المستلزمات المتوفرة في حوزتها وبشكل مبسط قامت هذه الأسر بمحاولة إجراء عملية تدخل فيما يسمى في أيامنا بعملية تصنيع المنتج الزراعي حيث عمدت هذه الأسر على ممارسة بعض العمليات المتسلسلة والتي يجب إتمامها بنجاح للوصول بالمحصول إلى الهدف النهائي له وهو إطالة مدة بقائه جيداً وصالحاً للاستخدام والتغذي عليه لأطول فترة ممكنة بحيث تتوافق هذه المدة مع عدد أيام الشتاء الطويلة، وكان لهم ما أرادوا محققين غايتهم فيما أسموه "بالهبٌول" والذي تتلخص العملية التصنيعية له بعدة مراحل تبدأ بمرحلة القطاف وتنتهي "بالهبُول"».