شهدت "كلية الفنون" مؤخراً تخرج دفعة طلاب من مختلف الاختصاصات، وهو الحدث الاعتيادي الجميل الذي ينشر في قاعات وأقسام الكلية. أجواء العيد إنه عيد التخرج الذي حمل هذه المرة مفاجأة حقيقية وسعيدة لطلاب الكلية، حيث تمَّ عرض مجموعة من مشاريع التخرج لقسم الاتصالات البصرية في صالة العرض الجديدة للكلية، والذي كان العرض الأول فيها بعد إعادة تصميمها وإكسائها لتكون صالة عرضٍ ترقى إلى المستوى العالمي بتجهيزاتها.

موقع eSyria بتاريخ 16/8/2009 كان على موعد مع الدكتور "عبد الناصر ونوس" رئيس قسم الاتصالات البصرية الذي حدثنا عن المعرض بالقول: «أنا سعيد جداً لأنه أول عرضٍ يقدم في الصالة الجديدة وهو لطلاب الكلية فالأمر مهم جداً للطلاب، فهذا المكان هو أولاً وأخيراً لهم، إضافةً إلى الفضاء الذي عشنا به خلال عرض المشاريع والذي ساعد المشاهد كثيراً لأن يتحسس أهمية العمل المقدّم، فإن كان العرض في صالة صغيرة لضاع الكثير من قيمة العمل، لذلك نحن نؤكد إن المكان المناسب يساعد التجربة الفنية الجيدة أن تظهر بشكلها اللائق».

قدمت في مشروعي أرشفة بصرية لأحداث "غزة" لأهمية أن تأرشف كهذه الأحداث في بوسترات فهي تنقل المشاهد إلى لحظة وقوع الحادث، رغبت أن أتحدث عن هذا الموضوع ليس فقط من باب أننا عرب بل أيضاً موضوع يمس الإنسانية

يتابع "ونوس" حديثه عن مفهوم الاتصالات البصرية: «الاتصالات البصرية بلغة الألفية الثالثة في مقدمة الفنون بسبب حداثة أدواتها، فأدواتنا من تدفعنا وتضعنا في المقدمة، الأمر الذي يضيف عبئاً إضافياً لطلابنا؛ ليكونوا مهمين ومتمكنين حتى في مجال التقانات والتعامل مع قيمة الرقميات. فالجمع بين الفن والحداثة متمثلة بالأدوات الرقمية يتطلب جهداً ومتابعةً إضافيةً وقلقاً أكبر من باقي الاختصاصات، وهو أمر واضح من خلال نتائج طلابنا».

ماكيت من مشروع "نور بكداش"

وعن نتاج الطلاب أضاف "ونوس": «الطلاب مميزون ونتائجهم تروي ذلك، وأعتقد أن "كلية الفنون الجميلة" تخطو خطواتها بإيقاع سريع باتجاه الأهم، كما أرغب أن أقول في النهاية إن الحركة التشكيلية تشهد في سورية انطلاقة جميلة جداً لكنها بحاجة إلى تهذيب، فالحالة تشبه وعاء ذرة على النار يشهد تطاير (البوشار)، ففي الواقع ليست كلّ الحبات الصاعدة إلى الأعلى حقيقية وناضجة، لكن بوجود هذه الصالة وكهؤلاء الطلاب نستطيع أن نجزم بوجود حركة تشكيلية جميلة».

ممن حظوا بفرصة أن يكون مشروع انطلاقهم نحو الحياة العملية من صالة الكلية الجديدة التقينا الطالبة "نور بكدش" التي حدثتنا عن مشاركتها بالقول: «تفاءلت كثيراً حين قدم مشروعي في صالة العرض الجديدة، فهذه المساحة الواسعة والإضاءة الخاصة وتصميم المكان ككل منح المشروع حقه وأظهره بشكل جميل، وقد كان مشروعي تصميم لعبة للأطفال شخوصها وعناصرها مستوحاة من رموز دمشقية لتكون لعبة لأبناء سورية من واقعنا وتراثنا لأن معظم الألعاب المتداولة لدينا تأتي من الخارج وتحمل رموزاً لا نمتلكها كالقتل والضرب، اللعبة التي قدّمتها تتضمن عدة مراحل، فبالبداية يجمع اللاعب النارنج في سلة، من ثم يصيب عشر كرات، ويجمع قطع صورة لاكتشاف وجه الشخص. وفي النهاية أرغب أن أشكر كل أساتذة قسم الإعلان وأخص بالذكر الدكتورة التي أشرفت على عملي "سوسن الزعبي"».

تزامن

كما كان لنا لقاء آخر مع الطالبة "ريم عجمي" وعن مشروع تخرجها حدثتنا: «قدّمت في مشروعي /8/ بوسترات عن الموسيقا يتحدثون عن أمور فلسفية أكثر من أن يكونوا بوسترات طرقية، فحاولت أن أقدمهم كلوحات فنية، كل أعمالي استوحيتها من أقوال كبار الحكماء مثل "نيتشه"، "بيتهوفن"، "كومفوشيوس" و"جبران خليل جبران"، حيث اخترت ألواناً نقية لتكون ألوان الموسيقا مملوءة بالضوء، إضافة إلى الألوان المعتقة. فالموسيقا بالنهاية فن قديم ومتأصل».

تتابع "ريم" مشيرة إلى إحدى لوحاتها: «هذه اللوحة المفضلة لدي لأنني وحدت فيها بين حمامة السلامة وآلة الكمان، والموسيقا هي اللغة المشتركة بين الشعوب التي توحد بين الآراء ومن الممكن أن تصل إلى السلام بصوتها الموجه لكل العالم، كما أني أحب الموسيقا وكنت أقرأ لـ"جبران" فأوحى لي بالكثير من الأفكار، وحاولت أن أقرأ المزيد ولأشخاص مختلفين في مجال الموسيقا وتوصلت إلى هذه الأفكار من وحيّ ما قرأته وكأنني ترجمت هذه العبارات التي أثرت بي إلى لغة بصرية».

أثناء التحكيم

تراوحت المشاريع المقدمة في أفكارها بين ثقافة، فن، وتراث بالشكل الغالب. أما الطالب "هاني دوجي" اختار لمشروعه منحىً وطنياً سياسياً لما رآه وأثر به من مشاهد مأساوية نقلت من "غزة" إلى بيوتنا، وقرر أن ينقلها هو الآخر بطريقته ضمن الاتصالات البصرية: «قدمت في مشروعي أرشفة بصرية لأحداث "غزة" لأهمية أن تأرشف كهذه الأحداث في بوسترات فهي تنقل المشاهد إلى لحظة وقوع الحادث، رغبت أن أتحدث عن هذا الموضوع ليس فقط من باب أننا عرب بل أيضاً موضوع يمس الإنسانية».

يتابع "هاني": «أسميت مشروعي "تزامن" وهو يتحدث عن فترة زمنية طويلة المدى مثل الفراغ الرئاسي الأميركي، الأطفال الشهداء، وموضوع السلام، ففي إحدى البوسترات هنا شعار السلام العالمي ضمن عدسة القناص المحتل، وفي الأخرى "أولمرت" عندما قال نحن نحبكم يا أهل "غزة" بعد أن قتل 1500 فلسطيني، وبوستر آخر لعلم أميركا الذي يضم نجوماً بعدد ولايات أميركا التي تضم ولاية جديدة وهي إسرائيل الولاية 53، وفي آخر مقياس للسرعة يبدأ بالفكر النازي وبعد مراحل طويلة من التطور صار بشكل الفكر الصهيوني الذي يجسد الإرهاب والقتل، فالضحية اليهود يوماً تحولوا الآن إلى الجلاد».

يتابع "هاني " شرحه السريع لبوستراته: «هنا تحدثت عن فترة فراغ الرئاسة الأميركية والأمل الذي كان موجوداً بالرئيس الجديد، فالرئاسة الأميركية مثلتها بوجه واحد متعدد الأقنعة يبدو في كل مرة بملامح ولون جديد. أما هنا كان الموضوع سكينة قاتل التي عندما تطعن أحدهم عادةً تخرج من جسده مدماة إلا أن السكين الإسرائيلي الذي يطعن الفلسطيني يخرج من جسد كل فلسطيني مدمى و ملتوي».