"شقائق النعمان" هي أزهار برية حمراء اللون تنمو في سورية بكثرة وذلك خلال فصل الربيع، ولشقائق النعمان في منطقة "عفرين" من ريف محافظة "حلب" حضور لافت في حياة الناس فنبتتها تستخدم كغذاء قبل إزهارها وكذلك تُستخدم أزهارها في علاج بعض الأمراض وأخيراً تعتبر أزهار "شقائق النعمان" أزهار طقسية لدى أبناء الديانة الإيزيدية.

عن استعمالات "شقائق النعمان" ونبتتها في منطقة "عفرين" تقول السيدة "فهيمة عبدو" لموقع eAleppo: «في البداية أود القول بأنّ العشبة البرية التي تحمل أزهار "شقائق النعمان" لها اسم خاص في منطقة "عفرين" وهو "العريس والعروس" وذلك عندما تكون العشبة في بداية نموها في أوائل الربيع وقبل ظهور أزهار "شقائق النعمان" الحمراء عليها، وحتى اليوم يلعب الأطفال في المنطقة بلعبة تسمى "العريس والعروس" مستخدمين هذه العشبة فيها فالأزهار الحمراء موجودة ضمن أكياس كروية صغيرة فيها وتتفتح هذه الأكياس في أواسط فصل الربيع لتخرج منها الأزهار.

أزهار "شقائق النعمان" مباركة لدى أبناء الديانة الإيزيدية حيث يوجد الآلاف منهم في قرى منطقة "عفرين"، فلأبناء هذه الديانة طقوسهم الخاصة مع هذه الزهرة

ولكن قبل تفتح هذه الأكياس لا يُعرف لون الزهرة التي بداخلها فهناك البيضاء والحمراء ولذلك يلعب الأطفال بلعبة "العروس والعريس" فيفتح كل واحد منهم كيساً ليعرف حظه فالزهرة البيضاء رمز للعريس أما الحمراء فهي رمز للعروس».

السيد صبحي نوري

وبالنسبة لاستخدامها في الغذاء قالت: «قبل ظهور الأزهار الحمراء تعتبر عشبة "العريس والعروس" نوعاً من أنواع الخبيزة الشائعة التي يستعملها الريفيون في غذائهم بل يفضلونها على باقي أنواع الخبيزة بسبب طعمها اللذيذ والمميز حيث يطبخونها بعدة طرق ومن هذه الطبخات: الخبيزة /العريس والعروس/ المقلية والخبيزة /العريس والعروس/ بالبرغل.

أما المقلية بالزيت فتم طبخها بفرم بصلة أولاً وقليها بالزيت حتى تحمرّ مع إضافة الفليفلة المطحونة والملح إليها وبعدها يُضاف إليها نبتة شقائق النعمان /"العريس والعروس"/ المفرومة والمغسولة جيداً ليتم قليها على النار الهادئة لمدة ربع ساعة تقريباً ويفضل تناولها مع الليمون لأنّ عصير الليمون يمنحها المزيد من اللذة.

شقائق النعمان، أزهار طقسية عند الإيزيديين

ولإعداد "العروس والعريس" بالبرغل يتم غسلها جيداً وتنظيفها من الأتربة والقش ومن ثم تُفرم بصلة وتقلى بالزيت حتى الاحمرار ومن ثم تضاف إليها تلك النبتة مع رشة من الملح والفليفلة المطحونة وقليها لمدة حوالي خمس دقائق، وبعد ذلك يضاف إليها البرغل وإغلاق غطاء الطنجرة بإحكام حتى الاستواء».

وأضافت السيدة "فهيمة": «ومن الناحية الطبية فإنّ لأزهار "شقائق النعمان" الحمراء استعمال شائع ومفيد في القضاء على السعال وإيقافه وذلك بغليها جيداً بالماء ومن ثم شربه ولذلك تجد الريفيين يقطفون تلك الأزهار ويحفظونها في بيوتهم ضمن أكياس قماشية خاصة ليتم تناولها في فصل الشتاء للقضاء على السعال الذي يصيب الإنسان بكثرة بسبب البرد والزكام».

وضع شقائق النعمان على مداخل بيوت الإيزيديين في الأربعاء الأحمر

لتسمية زهرة "شقائق النعمان" حكاية قديمة ملخصها أن "النعمان بن المنذر" ملك "الحيرة" كان معشاباً /أي يعرف بمختلف أنواع الأعشاب وفوائد كل واحدة منها/ وذات يوم خرج إلى خارج "الحيرة" عاصمة ملكه وسار في أرض ذات نبات مختلف الألوان ومن ضمنها الشقائق فأعجبته تلك الشقائق الحمراء وقال حينها: من نزع شيئاً من هذا فانزعوا كفه فكف الناس عن قطفها وسُميت منذ ذلك الوقت شقائق النعمان.‏

السيد "صبحي نوري" تحدث عن جانب آخر من جوانب أزهار "شقائق النعمان" قائلاً: «أزهار "شقائق النعمان" مباركة لدى أبناء الديانة الإيزيدية حيث يوجد الآلاف منهم في قرى منطقة "عفرين"، فلأبناء هذه الديانة طقوسهم الخاصة مع هذه الزهرة».

وأضاف: «بحسب ما يرويه الإيزيديون أو من خلال ما كُتب عنهم فإنّ الصبايا عندهم يستيقظن في الصباح الباكر من رأس سنتهم الذي يُسمى عندهم بالأربعاء الأحمر ليجمعوا هذه الأزهار بغية لصقها على أعتاب بيوتهم ومداخلها لأنّ ذلك يسهّل على الملائكة التعرّف على دورهم وسكنهم».

وأخيراً قال: «ربما /ولست متأكداً من هذه المعلومة/ أنّ الأربعاء الأحمر لدى أبناء الديانة الإيزيدية سُمي بذلك بسبب الحضور المميز لأزهار "شقائق النعمان" الحمراء في هذه المناسبة التي تصادف الأربعاء الأول من شهر نيسان من كل عام بحسب التوقيت الميلادي الشرقي».