"الجديدة"، هي تلك المحلة الجديدة التي اختارها من عاد إلى "حلب" من سكانها بعد غزو "تيمورلنك" للمدينة عام 1400م، ليشاد هذا الحي ويأخذ من صفة الجدة اسمه، ولتشاد فيه الدور الجميلة والحارة المتماسكة ودور العبادة للمسلمين والمسيحيين. وحينما كان هذا الحي جديداً لسكان "حلب" في العام 1400م، يصبح اليوم أحد أهم الشواهد التراثية العمرانية في "حلب"، وأكثر الأحياء جذبا للسياح في المدينة.

** التسمية والنشأة..

يتحدث المهندس "محمود زين العابدين" رئيس مركز "شادرون" للتراث العمراني عن أصل التسمية ونشأته فيقول: «يعدّ حي الجديدة من الأحياء التي نشأت خارج أسوار مدينة "حلب"، ويعود اسم "الجديدة" إلى تصغير جديدة أي المحلة الجديدة الصغيرة، ثم خففت بإزالة التشديد.

عمرت هذه الضاحية وبدأ توسعها وعمرانها في الفترة المملوكية بعد الغزو المغولي الثاني لحلب بزعامة "تيمورلنك". وقد توسعت في القرون التالية وسكنها المسلمون والمسيحيون جنباً إلى جنب وقامت معابدهم الدينية متجاورة ودورهم السكنية إلى جانب بعضها بعضاً. توسعت في فترة الحكم العثماني منذ أوائل القرن السادس عشر وازدادت محلاتها. وقد ذكر أن "السلطان سليم" قد أسكن فيها /40/ عائلة عرفت بامتهان التجارة من مسلمين ومسيحيين، ودعي الزقاق الذي سكنوه بزقاق الأربعين

أما عن تاريخ نشأة هذا الحي فإنه يعود لاجتياح "تيمورلنك" لمدينة حلب عام 1400م، وأحرقها، فنزح المسيحيون عنها، ثم عادوا، وكانوا يسكنون قبل الغزو التيموري داخل الأسوار. ولما كانوا قد فقدوا معظم منازلهم داخل السور فقد اختطوا أمام الزاوية الشمالية الغربية للمدينة محلة جديدة عرفت بالجديدة وأشادوا دور عبادتهم فيها، وتعتبر "الصليبة" هي "الجديدة القديمة"».

جامع شرف

بعد أن اختار سكان هذا الحي بيوتا جديدة لسكنهم بدؤوا يفكرون بأعمالهم فإلى جانب الدور التي سكنوا فيها انتشرت دور العبادة والتي تميزت بإخائها الديني، فضم الحي المساجد والكنائس جنبا إلى جنب، متجاورة متآخية.

وعن التطور العمراني لهذا الحي يذكر الدكتور "محمود حريتاني" في كتابه "أحياء حلب القديمة": «عمرت هذه الضاحية وبدأ توسعها وعمرانها في الفترة المملوكية بعد الغزو المغولي الثاني لحلب بزعامة "تيمورلنك". وقد توسعت في القرون التالية وسكنها المسلمون والمسيحيون جنباً إلى جنب وقامت معابدهم الدينية متجاورة ودورهم السكنية إلى جانب بعضها بعضاً.

كنيسة مار الياس

توسعت في فترة الحكم العثماني منذ أوائل القرن السادس عشر وازدادت محلاتها. وقد ذكر أن "السلطان سليم" قد أسكن فيها /40/ عائلة عرفت بامتهان التجارة من مسلمين ومسيحيين، ودعي الزقاق الذي سكنوه بزقاق الأربعين».

** كنائس، ومساجد، وأجمل البيوت العربية..

من يزر "الجديدة" فلابد له أن يتفاعل مع عبقها الشرقي وطبيعتها العمرانية المميزة التي حافظت على نكهتها العمرانية وفسيفسائها الدينية والاجتماعية. ففي "الجديدة" عدد كبير من الجوامع والمساجد وعدد كبير من الكنائس. بالإضافة إلى دورها العربية التي أصبحت منارة معمارية تراثية تنقل فنون الأمس لزوار اليوم. وعن هذا يتحدث المهندس "محمود زين العابدين"، فيقول: «يتميز هذا الحي بجميع عوامل الاكتفاء الذاتي كمدينة مستقلة، وكان يغلق ببواباته وأبوابه، وله نظامه الدفاعي، وله سويقة اقتصادية تتألف في حالتها الحاضرة من بائعي القماش والنوفوتيه والصوف، وبائعي الدجاج والطيور والخضار والفواكه والأسماك، وهناك أيضاً بائعو الحلوى والألبان وبائعو المكسرات والفخار والأنتيكا.

أما أهم المنشآت المعمارية في حي الجديدة ففيها "حمام بهرام" الذي بناه "بهرام باشا". ويعتبر هذا الحمام أحد أهم وأقدم الحمامات العثمانية، التي تعد من الأبنية الوقفية العائدة لوقف جامع البهرمية، وتتميز عمارتها بالزخارف الحلبية المعروفة بالحجارة البيضاء والسوداء المتناوبة في صفوف واجهة البناء، مع وجود قبة فوق المدخل، ونلاحظ من الخارج الزخارف الهندسية على الجدار الشمالي، فضلاً عن الحجارة الملونة المتشابكة كما في المباني المملوكية والأيوبية، وحمام البهرمية وكما هو الحال عليه في جميع الحمامات توزعها على ثلاثة أقسام هي القسم الخارجي أو البراني، القسم الوساطني، والقسم الداخلي أو الجواني.

  • جامع شرف: أنشئ جامع شرف في عهد السلطان الملك الأشرف قانصوه الغوري /أي في العصر المملوكي/ وهناك كتابات حجرية تحمل اسماً آخر نواب دولة المماليك وهو "خاير بك"/، ثم وسع الجامع وجدد خلال فترات متلاحقة كان آخرها أيام السلطان "عبد الحميد الثاني" في عام /1899م/ ووسعت القبلية عام /1933م/.
  • وفيها مطحنة شبارق وكنيسة الأربعين شهيد وكنيسة مار الياس المارونية، وجامع أبشير باشا، وساحة الحطب وفيها البيوت والقصور القديمة المشهورة، مثل دار أجقباش ودار غزالة ودار كبة».

    ويتناول الدكتور "عبد الله حجار" في كتابه "معالم حلب الأثرية" معظم الأوابد الأثرية في هذا الحي وهي: «كنيسة الأربعين شهيد، وتقع في بوابة الياسمين تم تجديدها في /1869م/ تمتاز باحتوائها على العديد من الأيقونات والصور الرائعة من أهمها صورة للعذراء مريم من عصر النهضة ومن مدرسة الفنان "رافائيل"، كما يزين جدار الكنيسة الشمالي أيقونة كبيرة تمثل "الدينونة الأخيرة" وهي من رسم زعيم مدرسة الأيقونات الحلبية الخوري "نعمة الله" وابنه حناينا عام /1708م/.

  • كنيسة العذراء مريم للأرمن الأرثوذوكس. وهي كنيسة صغيرة تجاور كنيسة الأربعين شهيد وتطل على نفس باحتها مذكورة بمخطوطات من عام /1429م/ وقبل كنيسة الأربعين شهيد. رممها المطران الحلبي "خشادور" /1535م/ وقد حولت إلى متحف يعرض الكؤوس والمباخر وعصي المطرانية والملابس التي تستعمل في خدمة القداس.
  • ـ كنيسة العذراء للروم الأرثوذوكس: تقع في وسط شارع بوابة الياسمين.

  • كنيسة سيدة الانتقال للسريان الكاثوليك: وهي إحدى الكنائس التي ذكرها الرحالة "بيتر دي لافاله" /1625م/ جددت إثر حرقها /1825م/ وتتصل بها من الغرب دار المطران».
  • أما الدور الموجودة في حي الجديدة فهي: دار كبه- دار غزاله- دار صادر- دار بليط- دار باسيل- دار دلال- دار وكيل- دار الصايغ- دار أجقباش. والعديد من هذه الدور تحولت إلى فنادق أو مقاهي أو مطاعم تراثية وأيضا متحف التقاليد الشعبية وهو دار أجقباش.

    وتعد "الجديدة" في الوقت الحالي من أهم مناطق "حلب" ذات الطابع العمراني الجميل الذي جعلها مقصداً سياحيا هاما. وحدودها جنوباً بوابة القصب وضريح "السهروردي" وشرقاً حارة الشمالي وشمالاً حارة التومايات وغرباً شارع التلل التابع للصليبة الصغرى ثم صار الناس يطلقون اسم محلة الجديدة على محلة الشمالي وبالي وبرغل والتومايات ويسمون الجديدة الحقيقية "الصليبة".