«يا صايم... هلأ عبينا.. وعالنبي صلينا.. تعا دوق العسل»، ويأتيك صوت آخر وبنغمة حلوة: «المية فيجة، والثلج معمل يا خال، قرب لعنا والحلاوة زايدة يا خال.. هادا اللي وصفه الطبيب لابنة الخال».

هذا هو لسان حال بائع العرقسوس الذي أصبح مع الأيام مشهداً من مشاهد "دمشق" التقليدية والفلكلورية.

يرجع تاريخ اكتشاف العرقسوس إلى خمسة آلاف عام كما تؤكد الكتب الطبية التاريخية، وهو نبات عشبي يزرع في "حلب" و"ريف دمشق"

موقع eSyria وخلال جولته في شوارع "دمشق" في نهاية الأسبوع الاول من شهر رمضان الموافق لـ /27/8/2009/ التقى السيد "عبد الله الأحمد" أحد بائعي العرقسوس الذي أخبرنا عن أهمية هذا المشروب لأبناء "دمشق" فقال: «العرقسوس من المشروبات الصيفية عند أهل "دمشق" بشكل عام، وفي شهر الصيام يصبح له من الاهمية ما يتجاوز الطعام لكونه يساعد على الحد من الشعور بالعطش».

يقول السيد "محمد هشام طربين" أحد العطارين والمهتمين بالأعشاب تاريخياً: «يرجع تاريخ اكتشاف العرقسوس إلى خمسة آلاف عام كما تؤكد الكتب الطبية التاريخية، وهو نبات عشبي يزرع في "حلب" و"ريف دمشق"».

وعن طريقة إعداده يقول "طربين" نقلاً عن "القاسمي" في كتابه (قاموس الصناعات الشامية): «ينظف العرقسوس ويزال قشره، ويجفف بالشمس، ثم يدق حتى ينعم، ويوضع مقدار منه ضمن خيشة من القماش، ويلف بها ويصب عليه قليل من الماء، ويترك لعدة ساعات ليتخمر، وبعدها يوضع على مصفاة ناعمة وتحتها وعاء كبير، ويصب عليه الماء ثم يؤخذ من الوعاء ما صُّب من الماء على المتخمر ويتكرر هذا العمل لعدة ساعات، وحالياً وجدت آلة لتكرير هذا المشروب، وبعدها نحصل على شراب لونه أحمر مائل للسواد، حلو الطعم لذيذ الطعم، ويقدم بــ "طاسة نحاس" للمحافظة على برودته».

ويضيف "طربين": «وفي يومنا هذا يباع العرقسوس بأكياس النايلون، أو من البائعين الذين يجوبون شوارع "دمشق" حاملين قربهم النحاسية على ظهورهم وعلى بطن البائع زنار نحاسي فيه صف من الكاسات وبيده طاستان من النحاس يحرك واحدة على الأخرى بالإبهام والسبابة بنغمة معدنية جميلة ترّن بموسيقا رنانة وهو ينادي: «شِفا وخمير.. تعا دوق يا عطشان».

الطبيب "غسان يونس السهلي" المهتم بالأعشاب في علاج كثير من الأمراض تحدث لـ eSyria عن فوائد العرقسوس الصحية قائلاً: «هو ملين للأمعاء، ويقي من العطش، وينفع في معالجة النزلات الصدرية والسعال، كما أنه مدر للبول، ويسكن آلام المعدة عند شربه ساخناً، ويساعد في شفاء القرحة المعدية والإثني عشرية».

وأضاف "السهلي": «وقد كشفت الدراسات الطبية وآخرها دراسة ألمانية، أن العرقسوس يزيد من كفاءة الجهاز المناعي لاحتوائه على مادة الريفافرين المضادة للالتهابات الفاعلة في مكافحة فيروس الالتهاب الرئوي الحاد /السارس/، لكننا ننصح المصابين بارتفاع الضغط الشرياني، وداء السكري بعدم تناوله».

بقي أن نشير إلى أن المهندسين الزراعيين ينصحون بزراعته في حدائق المنازل لما فيه من خواص تمنع الذباب من الاقتراب.