تسلب منك "دمشق" زمنك وأنت تقف أمام أوابدها التاريخية التي لا تزال واقفة شاهدة على زمن يروي قصة الحضارات المتعاقبة بعصورها المختلفة في المدينة العتيقة التي يفوح منها عبق الأصالة والتاريخ.

ومن تلك الشواهد "باب الجابية" الذي كان البوابة الغربية لمدينة "دمشق" يوماً، حيث دخلت منه جيوش الفتوحات الإسلامية بقيادة "أبو عبيدة بن الجراح" من الجهة الجنوبية الغربية، ليبقى أحد الأبواب السبعة لأقدم مدينة عرفها التاريخ، ويروي للآخرين حكايته بسوقه المتعرج وأرصفته الضيقة وشوارعه الممتدة وسوره الذي تصطف حجارته فوق بعضها بتلاحم لا تفكه السنين ولا تهزمه.

الشيء الرائع في هذه المنطقة كثرة المحال التجارية، وكثرة المارين منها، فيمكنك رؤية الآثار من جهة، ويمكنك شراء حاجياتك من جهة أخرى، إضافة إلى تأدية العبادة فلن تفوتك صلاتك وأنت في هذه المنطقة مهما طال زمن وجودك فيها

موقع eSyria بتاريخ 10/1/2010، زار مختار "السويقة وباب الجابية" السيد "ياسين غنام" الذي قدّم لنا لمحة تاريخية عن هذا الباب بقوله: «يقسم "باب الجابية" إلى ثلاثة أبواب أولها يقع عند "شارع البدوي"- وآخرها في بداية سوق "مدحت باشا"، وهي البوابة المقابلة "لباب شرقي"، في حين تقع البوابة الوسطى في سوق "الصباغين" قبالة سوق "الدراع"، وهي البوابة الأكبر والموجودة إلى الآن، أما البوابتان السابقتان فقد اندثرتا مع مرور الزمن».

المختار "ياسين غنام"

ثم أضاف: «يعتبر "باب الجابية" من أبواب دمشق الرومانية في الطرف الغربي للمدينة، وقد دخل منه "أبو عبيدة بن الجراح" عند فتح مدينة "دمشق" سنة 635م، وقد جدد في عهد "نور الدين الشهيد" سنة 1164م ثم في عهد الملك "الناصر داود الأيوبي"، ويقول بعض المؤرخين إن تسميته تعود إلى امرأة صالحة تسمى السيدة "جابية" التي يوجد مرقدها بجانب البوابة الوسطى في سوق "الصباغين"، والبعض الآخر ينسبه إلى قرية "الجابية" التي تقع في "الجولان" لأن الخارج من الباب يتجه نحو تلك القرية، وآخرون ينسبون التسمية إلى عائلة "الجابية" التي كانت تقطن في نفس الحي الذي يوجد به الباب».

ثم حدثنا عن سوق "باب الجابية" الحاج "مصطفى دك الباب" وهو من سكان شارع "البدوي" المتاخم للباب الأول من الجهة الجنوبية، والذي قال: «في القديم كانت مناطق الأبواب تجمعاً للتجار والباعة المتجولين، لكون هذه الأبواب هي مداخل مدينة "دمشق"، لذلك أصبحت المنطقة سوقاً تتوزع وتتفرع عنه الكثير من الأسواق منها سوق "السنانية"، وسوق "الدرويشية"، وسوق "سويقة"، وسوق "الصباغين" وغيرها من الأسواق، وفي الماضي كانت تباع في سوق "باب الجابية" العطارة بكل أشكالها، أما الآن فهو عبارة عن معرض كبير لبيع كافة أنواع المنتجات وخصوصاً المصنوعة منها يدوياً، فمثلاً هناك محال لبيع الديكورات المصنّعة، وأخرى لبيع المنتجات المصنوعة من "القصب"، إضافة إلى بيع الشرقيات بشتى أنواعها، ويوجد جزء من السوق مختص ببيع "العباءات" المصنوعة من الصوف، وجزء آخر تباع فيه الآلات الموسيقية الشرقية».

"باب الجابية" الأوسط وهو الوحيد الباقي

ثم التقينا السيد "محمود الحوراني" صاحب محل لبيع الشرقيات في سوق "باب الجابية"، والذي حدثنا عن المساجد القديمة الموجودة في منطقة السوق بقوله: «تحوي هذه المنطقة على الكثير من المساجد القديمة أهمها مسجد "السنانية" الذي بناه الوالي العثماني "سنان باشا" مكان مسجد قديم كان يعرف باسم "البصل القديم"، وجامع "حسان بن ثابت"، وجامع "الزيتونة"، كما تحوي المنطقة على جوامع صغيرة لكل حي، وفي الماضي كانت تعرف المنطقة بكثرة مساجدها لكونها بوابة "دمشق" الجنوبية باتجاه "الحجاز"».

ومن المارين في السوق الشاب "حسان زكريا" الذي قال: «الشيء الرائع في هذه المنطقة كثرة المحال التجارية، وكثرة المارين منها، فيمكنك رؤية الآثار من جهة، ويمكنك شراء حاجياتك من جهة أخرى، إضافة إلى تأدية العبادة فلن تفوتك صلاتك وأنت في هذه المنطقة مهما طال زمن وجودك فيها».

سوق "باب الجابية" وعلى اليسار جامع "السنانية"