لطالما عرفناه بطعمه المرّ وكثيراً ما تغنّت "العرب" بمرارته ورداءة طعمه وكانت تصف قسوة الشدائد وصعوبات الحياة بطعم "الحنظل" فقد اكتشفوه منذ سالف الزمان حتى أنّ "أبا تمام" يقول:

«البينُ جرّعني نقيع الحنظل/ والبينُ أثكلني وإن لم أثكلِ

البينُ جرّعني نقيع الحنظل/ والبينُ أثكلني وإن لم أثكلِ نقّل فؤادك حيث شئت من الهوى/ ما الحب إلا للحبيب الأولِ

نقّل فؤادك حيث شئت من الهوى/ ما الحب إلا للحبيب الأولِ».

بذور الحنظل

ولكن هذا النبات يحمل في جعبته أسراراً وشفاءً ربما خفي عن كثير منّا معرفتها. eHasakeh ولكشف أسرار هذا النبات التقى الفلاح "سليمان لطيف" من قرية "الحلبية" المجاورة لمدينة "رأس العين" الذي تحدث عن "الحنظل" بالقول: «هو نبات بري ينمو في المناطق الشبيهة بالصحراوية والصحراوية ويوجد في منطقتنا على الطريق المؤدية إلى محافظتي "الرقة" و"دير الزور" وهو يثمر في فصل الصيف ويستمر حتى أوائل الخريف ونبات "الحنظل" له شكل مشابه لنبات "البطيخ الأخضر" أو كما نسميه في منطقتنا "الجبس" ويتميز بطعمه الشديد المرارة حتى إنه يقال انك إذا أمسكت حبة "تمر" بيدك وحبة "حنظل" باليد الأخرى وتركتهما بيدك معاً لمدة دقيقة فإن طعم "التمرة" يصبح مراً وهذا يدل على شدة مرارة "الحنظل" ونستعمله فيما يسمى الطب العربي في شفاء العديد من الأمراض حيث يقطف "الحنظل" وينشّف وتستخرج البذور من داخله وهذه البذور هي التي تستعمل غالباً في العلاج كما تستعمل ثمار "الحنظل" الأخضر أيضاً».

ويضيف السيد "سليمان" عن استعمالات "الحنظل": «نستعمل "الحنظل" للشفاء من "داء السكري" وذلك بخلط مسحوق "بذور الحنظل" مع كمية معينة من "سكر النبات" و"عسل النحل" ونبات برّي طعمه مر أيضاً نسميه "الخامشة" ونستعمله لعلاجات "نزلات البرد" الحادة بإضافة مسحوق "بذور الحنظل" مع "الزعتر البري" و"النعنع"، كما يستعمل لأمراض "تشمّع الكبد" بخلطه أيضاً مع نبات "الكرم" و"سكر النبات" وفي علاج مرض "اليرقان" نستخدم "الحنظل" مع نبات بري آخر نسميه "عجور الحاش" وهذه العلاجات مجربة وقد شفت العديد ممن تناولها».

أمّا "الدكتور نضال شعبان" المختص بالأمراض الداخلية فقد تحدّث عن الاستشفاء "بالحنظل" قائلاً: «يستعمل المنقوع المائي لثمار ولب "الحنظل" كمشروب لإزالة حالات "الإمساك" ولتنشيط حركة الأمعاء والمعدة مما يساعد على سهولة الهضم وتقليل الغازات الناتجة، والزيت المستخرج من بذور "الحنظل" يفيد في عالج بعض الأمراض الجلدية ومنها مرض "الجرب" ويستخدم "الحنظل" في طرد "القراد" العالق بجلد الحيوانات والمواشي الزراعية والطيور المنزلية».

الأستاذ "عاطف الراغب" المجاز في العلوم الطبيعية قال عن "الحنظل": «هو نبات من فصيلة "القرعيات، واسمه العلمي "Citrullus أو colocynthis تحتوي الثمار على مواد "راتنجية" و"قلويدات" و"مواد صابونية" و"بكتين" وفصل من الثمار يحوي "الكولوسنتين" و"الكولوسنثيتين" وهما خليط من مواد "قلويدية" و"غليكوزيدية" ومادة "كحولية" هي "السيترولول" وهو نبات يكثر في البادية وهو من النباتات السامة ويجب التعامل معه بدقة وهو مفيد جدا لآلام "المفاصل" و"الظهر" و"عرق النسا" و"النقرس" شرباً وضماداً، وهو كذلك نافع "للفالج" و"اللقوة" ويؤخذ كمسهل وهو يعالج "الصرع" و"الماليخوليا" وكذلك يستخدمون الثمرة بعد شيها على النار ودلك الشعر بها كمقوية للشعر وتكسبه لونا أسود وتطيله».

ويكمل الأستاذ "عاطف" عن فوائد "الحنظل": «وذكر" الكندي" رحمه الله طريقة جميلة للعلاج به عن طريق دلك الأقدام "بالحنظل" فيؤدي "للإسهال" ويبرئ آلام المفاصل وذلك بأن يقوم المريض بقطع "الحنظلة الخضراء"

نصفين وكل نصف يداس عليها بالقدم ويقف المتعالج عليها حتى إذا شعر بأن الطعم المر وصل إلى حلقه تركها ليصاب بعدها بإسهال يزيل الديدان ويخفض السكري ويريح المفاصل أما زيت "الحنظل" فيستخدم لآلام الركبة والضهر حيث يدهن على موضع الألم ويدلك لفترة دقيقة وقد قرأت دراسة مؤخراً أن مركز أبحاث أميريكي توصل إلى أن خلاصة "البطيخ المر" أو "الحنظل" قد تساعد على حماية النساء أو شفائهن من "سرطان الثدي"».