«"هرقل"، أو "هيراكيلوس" /610 ـ 641/م، إمبراطور "بيزنطة"، أو ما يعرف بالمملكة الرومانية الشرقية، طرد الفرس من بلاد الشام، واسترد عود الصليب، ورغم تسميته باسم "هركول"، من أبطال الميثولوجيا الذي دعي عند اليونان باسم "هيراكلس"، المعروف بقوته وشجاعته، إلا أنه عجز عن صد جيش العرب في تحريره لبلاد الشام، فانتصر العرب على جيوشه في معركة اليرموك بقيادة "خالد بن الوليد"، ورحل من "أنطاكيا"، إلى "القسطنطينية" وهو يردد كلمة "شوره"، التي تعني الوداع لأرض بلاد الشام، وذلك حسب تفسير "ابن العبري" بتاريخه ص/147/».

هكذا يبدأ الباحث "علي السويحة" حديثه لموقع eRaqqa بتاريخ (23/2/2009)، عن "هرقل" هذه الشخصية التي ورد ذكرها في كتب التاريخ كثيراً، ولشدة أهميتها أطلقت على أسماء مدن وأماكن كثيرة، ويتابع حديثه لنا بالقول: «ما يعرف اليوم بمضيق جبل "طارق"، كان يدعى سابقاً بعواميد "هرقل"، لاعتقاد الأقدمين أن المرور منه إلى الأطلسي، لا يقوى عليه إلا الجبابرة من أمثال "هرقل"، ومع هذا عبره "طارق بن زياد" وسمي باسمه، كما سميت باسمه مدن كثيرة كمدينة "هرقلة" الموجودة بتونس الخضراء، و"هرقليو بوليس" في "مصر"، "هرقلة" عاصمة مقاطعة "بيثنيا" في آسيا الوسطى».

ضرب أهل "الرقة" في "هرقلة" الأمثال، فقيل "أبعد من هرقلة"، أو فلان ساكن "هرقلة"، نظراً لبعدها عن مكان سكنهم الأول، ولسيادة اعتقادهم أن الجنَّ تسكن الأماكن غير المأهولة بالبشر، فإنَّهم كانوا يعتقدون أنَّ الجنَّ قد سكنها، فكانوا يتجنبون المرور بها، وهي اليوم معلم أثري هام

وعن اسم حصن "هرقلة" الموجود على ضفة نهر الفرات، بجانب مدينة "الرقة"، وسبب بنائها، أو تجديد بنائها يتابع "السويحة" قائلاً: «سميت "هرقلة" الشام على الفرات، نسبةً لـ "هرقلة" عاصمة مقاطعة "بينثيا"، الواقعة في آسيا الوسطى، وذكر "الغزويني" هذه المدينة عندما تحدث عن الحرب التي جرت بين "هارون الرشيد"، و"نيقفور" ملك الروم، وكان من أبطالها رجل عربي اسمه "ابن الجزري", حيث سحق "الرشيد" "هرقلة" البيزنطية وسبى أهلها، وكان من بينهم ابنة بطريقها، فنودي عليها في المغنم فشريت لـ"الرشيد"، فصادفت منه مكاناً عظيماً، فنقلها إلى "الرافقة"، وبنى لها حصناً على الفرات أو جدد بنائه، حيث خلد الشاعر هذا النصر فقال:

هارون الرشيد كما تخيله الفنان

هوت "هرقلة" لما رأت عجباً جو السماء ترتمي بالنفط والنار».

أما سبب الحرب على "هرقلة" البيزنطية، فيقول عنه "السويحة": «وسبب الحرب على "هرقلة" البيزنطية نكث "نقفور" ملكها بعهد الصلح مع المسلمين، وقد نسبت المصادر العربية والسريانية هذا النصر إلى القائد "جبلة بن الأيهم الغساني"، ويدل على ذلك شعر "أشجع السلمي" وهو يخاطب "الرشيد" قائلاً:

هرقل

أمست "هرقلة" تهوي من جوانبها ونـاصر الله والإسـلام يرميها

مـلكتها وقـتلـت النـاكثين بها بـنصر من تملك الدنيا وما فيها».

الباحث علي السويحة

وعن موقع "هرقلة" على نهر الفرات، فيتابع "السويحة" بالقول: «تقع "هرقلة" غربي نهر الفرات، على بعد /8/كم غرب مدينة "الرقة"، بأرض الجزيرة، يمر بها قناة تدعى قناة النيل، وتتجه إلى شمال غرب "الرقة"، وتتصل بقناة تدعى قناة "دامانو"، وتسقي الأراضي الواقعة في الجزيرة، وتذهب بعض المصادر التاريخية أن حصن "هرقلة" ربما يكون "الرشيد" قد جدد بناءه، وهذا يعني أنه ربما كان موجوداً سابقاً».

ويختتم "السويحة" حديثه لنا عن وردود اسم "هرقلة" في موروث أهل "الرقة" الشعبي بالقول: «ضرب أهل "الرقة" في "هرقلة" الأمثال، فقيل "أبعد من هرقلة"، أو فلان ساكن "هرقلة"، نظراً لبعدها عن مكان سكنهم الأول، ولسيادة اعتقادهم أن الجنَّ تسكن الأماكن غير المأهولة بالبشر، فإنَّهم كانوا يعتقدون أنَّ الجنَّ قد سكنها، فكانوا يتجنبون المرور بها، وهي اليوم معلم أثري هام».