بأسلوب مبتكر مازج الفنان "أنمار" بين مختلف عناصر الطبيعة والمرأة، وقدم منمنمات فنية خلال مسيرة فنية تناهز العقد.

البذرة الفنية التي تأسس عليها الفنان "أنمار تقلا" منذ الصغر بقيت نواة صغيرة تروى وتشبع بالأفكار والرؤى الفنية إلى ما بعد المرحلة الجامعية، حيث اتقدت كشعلة تمتلك زيتها الخاص الكفيل بإنارة دربها الطويل، وهذا ما أكده الدكتور الفنان "أنمار" المتبع لخط المنمنمات الإيرانية الفنية خلال حديثه لمدونة وطن eSyria بتاريخ 1/7/2012 عن مشواره الفني حيث جرى الحوار التالي:

يتمتع الفنان "أنمار" بطول بال كبير وعشق فريد لفن المنمنمات والدليل على هذا صبره الكبير على انجاز لوحة ما بهذا الأسلوب الفني، فالمنمنمات أسلوب فني جميل ومبتكر ومتقن العمل وليس من السهل التعامل معه وتوظيف أدواته في خدمة الأفكار العامة. وقد يرى المتلقي في لوحات المنمنمات التي يقدمها الفنان "أنمار" شيئا من الإبداع لدقة عملها وطريقة عملها، والمميز أيضاً الأعمال الرملية التي تجسدت بذات الأدوات الفنية للمنمنمات، حيث تمكن الفنان بحرفيته من تسخير مكونات بيئته البحرية لصناعة لوحات فنية جميلة، وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على حب الفنان وعشقه لفنه الذي يحصل منه على أكبر ساعات من يومه العملي

  • ما الذي دفعك للعمل الفني وأنت الطبيب؟
  • من لوحاته

    ** أعتقد أن الطاقة والقدرة الفنية التي أمتلكها بداخلي منذ الصغر كافية لتوقد الأفكار الإبداعية التي سطرت ابداعاتها على السطوح الغرافيكية بشكل أرضى فضولي وموهبتي الفنية، وخاصة أنني أحب الطبيعة وأنوثتها والعلاقة الخفية المثالية بينها وبين المرأة، وهذا ما وجدته في المنمنمات الإيرانية الابتكار الفني غير المطروق.

    ومما ساعدني في صقل موهبتي الفنية هي دراستي العلمية للطب، حيث وسعت آفاقي ومداركي الفكرية وأصبحت في تطور مستمر، وتأكد لي هذا من خلال مقارنات فنية قديمة وحديثة أظهرت تطور أدواتي على مدار عقد من الزمن.

    لوحة المرأة

  • هلا حدثتنا عن البيئة الاجتماعية وكيف كان لها أثرها في الرؤى الفنية التي تنتهجها حالياً؟
  • ** في البداية والدتي كانت مهتمة كثيراً بالرسم والأعمال اليدوية، وكانت تقيم العديد من المعارض السنوية ضمن المدرسة التي تدرس بها، إضافة إلى أن الوالد كان ذواقا للخط العربي وتميز بخطه الجميل، وهذا ما خلق حالة من الفطرية بداخلي تجاه الفن، ولكن في تلك الفترات لم يكن هناك أي دورات أو دروس تقوية في المجال الفني على صعيد توافر المراكز الفنية المتخصصة بتنمية المهارات، ولكن بقيت محاولاتي الفردية البسيطة المتباعدة في السنوات حتى نهاية المرحلة الجامعية حيث نضجت الأفكار وتخمرت وتقولبت في ذهني بشكل جيد وشكلت موهبة جاهزة للإبداع، وعندها بدأت بالرسم بمختلف الأفكار والرؤى وبدأت أدوات الرسم والعمل تتضح بالنسبة لي من خلال عدة تجارب ومحاولات.

    لوحة البحر

  • لماذا اخترت المنمنمات الإيرانية كخط فني لك؟
  • ** في الأساس يستهويني كبصر وكفكر رسم المرآة والطبيعة وعناصر الحياة فيها، وكنت دوماً أتمنى الجمع بين هذه العناصر بطريقة تختلف عن المألوف المطروق، وهو ما سيقدم لوحة جميلة ورائعة، وهذا ما وجدته بالمصادفة في فن المنمنمات الإيرانية وتعرفي على المنمنم الأول في إيران الأستاذ "محمود فرشجيان" واستماعي لخفايا وتفاصيل هذا الفن وما يمكن أن يقدمه من لوحات غنية بالعناصر والألوان الزاهية المفعمة بالحياة التي من الممكن أن يقرأ خلالها المتلقي قصيدة شعرية أو حتى قصة دينية بكل وضوح وصراحة، فروحانية الحياة تظهر في مفردات هذا الفن بشكل واضح.

  • الألوان في لوحات المنمنمات هي مصدر البهجة والمتعة وعنصر الجذب الهام في الفكرة العامة للوحة، فكيف تعاملت مع تدرجاتها وحرارتها المفعمة؟
  • ** إن بهرجة الألوان شيء لافت في المنمنمات وتحتاج إلى تركيز عال خلال التعامل معها، فالتفاصيل البسيطة والدقيقة قد تكشف صحتها أو خطأها، لذلك كان لابد من التعامل معها بكل موضوعية وتعبيرية قريبة من الواقع الحقيقي لها، حيث ترى أن ثوب المرأة قد يشكل حزام الطبيعة الأساسي في اللوحة، وشعرها حديقة الزهور، وهذا ما يحتاج إلى دقة عالية في التعامل اللوني وتدرجات اللون الواحد وتماهيه مع بقية الألوان.

  • هل يحتاج فن المنمنمات إلى طريقة خاصة للبدء بتوظيف العناصر على السطح الغرافيكي؟
  • ** بشكل عام لا يوجد طريقة خاصة لبدء العمل، ولكن بالنسبة لي أقوم برسم العنصر الأساسي في اللوحة ومحور العمل فيها ليتفرع عنه باقي التفاصيل والمنمنمات، إضافة إلى أني أهوى التجريب في كل شيء لأرى النتيجة وأقارنها بما أريد.

  • كيف تنظر إلى مكانة اللون على سطح اللوحة، وماذا يعني الخطأ في تموضعه وتمازجه؟
  • ** أساس العمل بفن المنمنمات الإيرانية هي الألوان الاكريليكية، إضافة إلى العنصر الأساسي وهو المرأة التي تنبثق منها مختلف تفاصيل اللوحة، لذلك وجب انتقاء الألوان التي تعبر عن جمالها وزهوها وأنوثتها، وهذا بشكل مباشر أو غير مباشر، وهنا كان من المفترض تصحيح أي خطأ لوني بطريقة دراماتيكية تجعل الخطأ محور انطلاق فكرة أخرى متعاقبة متتالية متوافقة بشكل خلاق مع الفكرة العامة للوحة.

  • كيف وجدت متلقي هذا النوع من المدارس الفنية في "طرطوس"، وهلا حدثتنا عن المسافة الفنية بين المتلقي وهذا الفن؟
  • ** لم أتوقع من المتلقي ما وجدته من الاعجاب والمتابعة للمعرض الذي قدمته من حوالي خمسة أشهر بلوحات من المنمنمات، فقد استوقفت لوحاتي الجميع للتأمل وقراءة الفكرة منها، والعودة بالخيال إلى ماهية وبساطة العناصر المكونة للحياة والطبيعة.

    فمختلف عناصر اللوحة واضحة وتختلف في توظيفها العام عن توظيف عناصر لوحات التجريد أو الانطباعية، رغم أن لوحة المنمنمات تمتلك الكثير من العناصر المتداخلة، وهذا ما دفع المتلقي للوقوف مطولاً وإشباع رغباته منها بكل بساطة وقراءتها بكل وضوح، ما انعكس على العلاقة بيني وبين هذا المتلقي الذي قرأ أفكاري ومهاراتي دون فواصل تذكر.

  • كان لك ابتكارات فنية وظفت تقنية المنمنمات خلالها، هلا حدثتنا عنها؟
  • ** أوجدت فكرة فنية مبتكرة غير مطروقة بعد تطور ادواتي الفنية، وبدأت العمل بها بذات التوجه الفكري الفني الذي اعجبني في المنمنمات، فاستخدمت تقنية المنمنمات الإيرانية في العمل على الرسم بحبات الرمل البحري، لأني وجدت في دقتها تقاربا من فن المنمنمات، وأعتقد أنها كانت تجربة ناجحة رغم صعوبات العمل بها، ففي البداية عملت بحبات الرمل البحري فظهرت من خلالها أفكار جميلة ورائعة ولكنها لم تكتمل لعدم تمكني من تلوين حبات الرمل بسبب مساماتها الكثيفة، فاستعضت عنها بنوع آخر من الرمل ويدعى "الرمل النبكي" ذو المسامات الدقيقة جداً وأحياناً عديمها.

    واستخدمت الألوان المائية لتلوين الرمل النبكي، واللاصق والماء لإتمام عملية الرسم بالفرشات الصغيرة الناعمة، وعملت على أن تكون الأفكار والرسومات ذات طابع دقيق لتتناسب وبنية الرمل الدقيقة.

  • لاحظنا وجود توقيع خاص لك ينسجم مع تقنية العمل الفني، فكيف أوجدت المكان الخاص به على سطح اللوحة؟
  • ** بشكل عام أنا أعتبر أن اسمي هو جزء من اللوحة بشكل عام، كما الشاعر الذي يتفنن بعنونة اسمه على دواوينه الشعرية، فأوجدت المكان والشكل المناسب لاسمي على سطح اللوحة، ورسمته بمنتهة دقة الشكل الذي تناسب مع عناصر اللوحة بشكل عام ليكون جزءا لا يتجزأ منها، فقد يكون في جزء من زهرة أو خصلة شعر امرأة أو زاوية اللوحة العليا.

    وفي لقاء مع الفنان "عاصم تقلا" حدثنا عن رؤيته لدخول المنمنمات الإيرانية لخط الفن الطرطوسي، وكيف يقرأ المشوار الفني للفنان "أنمار"، وهنا قال: «يتمتع الفنان "أنمار" بطول بال كبير وعشق فريد لفن المنمنمات والدليل على هذا صبره الكبير على انجاز لوحة ما بهذا الأسلوب الفني، فالمنمنمات أسلوب فني جميل ومبتكر ومتقن العمل وليس من السهل التعامل معه وتوظيف أدواته في خدمة الأفكار العامة.

    وقد يرى المتلقي في لوحات المنمنمات التي يقدمها الفنان "أنمار" شيئا من الإبداع لدقة عملها وطريقة عملها، والمميز أيضاً الأعمال الرملية التي تجسدت بذات الأدوات الفنية للمنمنمات، حيث تمكن الفنان بحرفيته من تسخير مكونات بيئته البحرية لصناعة لوحات فنية جميلة، وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على حب الفنان وعشقه لفنه الذي يحصل منه على أكبر ساعات من يومه العملي».

    يشار إلى أن الفنان "أنمار تقلا" من مواليد "طرطوس" عام /1975/ ويعمل كطبيب لمصلحة "مديرية صحة طرطوس".