المتوجه من مدينة "السويداء" باتجاه مدينة "دمشق" يتوقف مغادراً المحافظة عند بلدة "الصورة الكبيرة" التي تقع في المنطقة الشمالية من محافظة "السويداء"، وتعتبر أول بلدة في "جبل العرب" تواجه الزائر القادم من دمشق، وهي تقع تقريباً في منتصف المسافة بين العاصمة و"السويداء" جنوباً، وترتفع عن سطح البحر حوالي/675/ متراً، وتتبع اليوم إدارياً لناحية "الصورة الصغيرة" والى بلدية "خلخلة"، وهي تقع على الحافة الشرقية من منطقة "اللجاة" وإلى الشرق من بلدة "المسمية" التابعة لمحافظة "درعا".

يحدها من الشرق البادية ومن الناحية الجغرافية فهي تقع في المنطقة المسماة (وادي اللواء). eSuweda التقى الأستاذ "حسن حاطوم" مدير الآثار سابقا في "السويداء" في 19/3/2009 وحدثنا عن معنى التسمية بقوله: «اصل تسمية بلدة "الصورة الكبيرة" من الناحية اللغوية "الصور" وهو القرن الذي ينفخ فيه "البوق" و"الصورْ من صيران وهي صفحة العنق وهي الرائحة الطيبة والقليل من المسك، و"أصوار" هي النخل الصغير أو شط النهر و"الصارة" هي أعلى الجبل، و"الصوّار" هو قطيع البقر، ذلك كما ورد في معجم "المنجد" ص/439-440/، وكلمة "ساوارا" و"ساوروس" في المعجم "اليوناني" القديم الموجود في "باريس" في الصفحة /782/ تأتي بمعنى جنس من الزواحف البرية أو نوع من الأسماك ونوع من الأفران أو المدافئ القديمة».

في الشمال، في "الصورة الكبيرة" هناك ساكف "حنت" جميل جداً، طوله متران، يعلو باباً من البازلت "حلس" بمصراعين، كل مصراع بارتفاع 2.28 متر وبعرض 86 س.م مزين بنقش الصليب، وعليه نقش "الطُغراء" شعار السيد "المسيح" أو ما يسمى بالفرنسية مونوغرام وكتابة يونانية مسيحية ترجمتها "يا يسوع المسيح ساعدنا"

أما عن آثار البلدة فيقول الباحث الآثاري "أبو عساف": «"الصورة الكبيرة" كانت قرية قديمة سكنتها عشيرة تدعى "السوارات" والتي ورد أسماء بعض أفرادها ضمن النقوش الكتابية اليونانية، ولا تزال آثار مساكنها القديمة وأماكن العبادة المسيحية فيها ماثلة حتى اليوم، وأن تلك العشيرة كانت قد سكنت كذلك قرية "الصورة الصغيرة" الموجودة على ذات المسار الجغرافي "للصورة الكبيرة"، وهناك إحصائية سكانية تمت عام/1930/ تذكر أن عدد سكان "الصورة الكبيرة" آنذاك/820/ نسمة من المسلمين الموحدين و/16/نسمة من المسيحيين، بينما كان عدد سكان "الصورة الصغيرة" في نفس العام المذكور/420/ نسمة من المسلمين و/48/ نسمة من المسيحيين، وهذا ورد في الصفحة /412/ في كتاب "الدروز" لمؤلفه "كابيتين، ن، بورون"، والذي كتبه في "باريس" 1930».

د. علي ابو عساف

وبالنسبة لاكتشاف الموقع يتابع الدكتور "أبو عساف": «لقد تمت دراسة تاريخ وآثار "الصورة الكبيرة" كباقي مواقع المحافظة من قبل العديد من الباحثين والأثريين العرب والأجانب، وقد ذكرت في العديد من المراجع القديمة، وتبين أنها سكنت خلال مراحل متتابعة منذ عهود الآراميين والعرب "الأنباط" مروراً بالعصور "اليونانية والرومانية والغسانية البيزنطية" وحتى العصر العربي الإسلامي، وقد ذكرها الباحث الأثري "جل.بركها" في كتابه "رحلات بركها" الذي ترجمه الأستاذ المرحوم "سلامة عبيد" بين عامي /1810-1812/ بقوله: «بعد ساعة ونصف مررنا "بالسوارة- الصورة" وهي قرية تحتوي على خرائب عن يميننا، وسرنا في السهل الخصيب الذي يحاذي وعر "اللجاة" وعلى يميننا كانت "حزم"، وهي بلدة خربة، وجميع هذه القرى تقع على أطراف "اللجاة"، وكان سكانها الأقدمون يستغلون الحقول التي يرويها وادي "اللوى"، ولا تزال حيطانها واضحة المعالم في بعض الأماكن، وبعد مسيرة ثلاث ساعات وصلنا "الخلخلة" وهي بلدة خربة، وإن وادي "اللوى" يقترب في بعض المحلات حتى يلاصق "اللجاة"، وفي محلات أخرى يتقدم مسافة ميل في السهل، وكانت ضفافه مكسوة بأخصب المراعي التي لا يستفاد منها إلا قليلاً».

وبالنسبة لقلب البلدة فيقول الباحث الفرنسي "ج.ماسكل" في كتابه "جبل الدروز" عام 1944: «في الشمال، في "الصورة الكبيرة" هناك ساكف "حنت" جميل جداً، طوله متران، يعلو باباً من البازلت "حلس" بمصراعين، كل مصراع بارتفاع 2.28 متر وبعرض 86 س.م مزين بنقش الصليب، وعليه نقش "الطُغراء" شعار السيد "المسيح" أو ما يسمى بالفرنسية مونوغرام وكتابة يونانية مسيحية ترجمتها "يا يسوع المسيح ساعدنا"».

حسن حاطوم

ويعتبر باب "الحلس" المذكور آنفاً من حيث الأبعاد كواحد من الأبواب البازلتية الضخمة في "سورية"، كما وردت "الصورة" أيضا في مؤلف الأب "هنري" عن المباني والمواقع الأثرية المسيحية بقوله: «"الصورة الكبيرة" هي قرية تابعة لناحية "الصورة" في منطقة "شهبا"، وتقع شرق "المسمية" وشمال "الصورة الصغيرة"، وعلى طريق "دمشق- شهبا- السويداء"، وهي في "لحف اللجاة" الشرقي، على ضفة وادي اللوى، وكانت قديماً من حيث التقسيم الكنيسي تابعة لمنطقة "اللجاة"، ولعل اسمها القديم كان "سافارا"، وتدل كتاباتها اليونانية على وجود جماعة مسيحية مؤمنة فيها منذ العصر البيزنطي /بدايات القرن الرابع م/، حيث بني في "الصورة الكبيرة" في العصر البيزنطي كنيستان، ومن الكتابات الهامة ما هو موجود فوق "ساكف" حنت الباب الجنوبي البازلتي لكنيسة صغيرة جاء فيها ما ترجمته "أيها الرب يسوع المسيح أعنا"، وفوق هذه الكتابة نقش لصليب ورمز للسيد المسيح /السمكة باليونانية آختيس/ وقيل إن هذا النقش قد نقل إلى مطرانية "خبب" للروم الكاثوليك منذ زمن قديم».

وفيما يتعلق بمعالم الطريق الروماني الموجودة في "الصورة" فيقول الأستاذ الدكتور "حاطوم": «إن شبكة الطرق الرومانية كانت تربط مختلف المدن والقرى القديمة انطلاقاً من "دمشق" باتجاه الجنوب، وقد تأكد أن هناك طريقاً مرصوفاً بالبازلت كان يمر شرق "الصورة الكبيرة"، وكان صالحاً انطلاقاً من بلدة "براق" مروراً "بالصورة" ومحاذياً لوادي "اللوى" حتى "أم الزيتون"، وبعدها يتابع إلى "السويداء" ماراً بعدد من المواقع والقرى وذلك موجود في صور جوية ملتقطة من قبل الأب الفرنسي "بوادبار" عام/ 1930/».

موقع آثار الصورة في خريطة السويداء