يتميّز الزعتر الأخضر الذي ينمو طبيعياً في جبال منطقة "عفرين" بنكهته المميّزة والشهية ورائحته العطرة التي تفوح منه وأنت على بعد عشرات الأمتار من المكان الذي ينبت فيه في فصل الربيع الأمر الذي دفع أهل الريف للاهتمام به منذ أقدم الأزمنة واستعماله في إعداد العديد من أكلاتهم المطبوخة والنيئة وفي حفظ الكثير من المواد كمؤونة شتوية، إضافةً إلى استعماله كدواء لعلاج الكثير من الأمراض مثل السعال وضيق التنفس.

التقى مراسل موقعeAleppo في ريف منطقة "عفرين" وتحديداً في قرية "جولاقان" الجبلية بإحدى ربات البيوت وهي "أمينة إبراهيم" وسألها أولاً عن أنواع الزعتر الذي ينمو في الريف فقالت:

في بداية فصل الربيع تظهر لشتلات الزعتر أوراق خضراء طرية تفوح منها رائحة عطرة فتقوم النساء بالذهاب إلى الجبال المحيطة لنزع تلك الأوراق الصغيرة وجلبها إلى البيت حيث يتم تنقيتها وتنظيفها من القش والعيدان الصغيرة المتعلقة بها، ومن ثم استعمالها في العديد من الأكلات التي تعد مباشرةً أو التي تُحفظ كمؤونة لفصل الشتاء، إضافةً إلى استعمالها في إعداد وصنع الزعتر المطحون بشكل تقليدي ويدوي

«الزعتر الأخضر كما هو معروف ينبت في الجبال المحيطة بقرى منطقة "عفرين" بشكل طبيعي وبري لأنّه أساساً عشبة برية، وله نوعان معروفان في الريف هو زعتر الإنسان وزعتر الحمير ويمكننا هنا من التعرّف عليهما والتمييز بينهما بكل سهولة ويسر بسبب الخبرة في التعامل معهما، فزعتر الحمير يتميز بثخن أوراقه وقلة رائحته قياساً إلى زعتر الإنسان، كما يقوم الريفيون بزراعته منزلياً في مشاتل خاصّة وذلك في حاكورات بيوتهم للاستفادة منه بسبب غلاء سعره حيث وصل سعر الكيلو منه هذا العام إلى /450/ ليرة سورية».

حفظ الزعتر في البيت

وأضافت: «في بداية فصل الربيع تظهر لشتلات الزعتر أوراق خضراء طرية تفوح منها رائحة عطرة فتقوم النساء بالذهاب إلى الجبال المحيطة لنزع تلك الأوراق الصغيرة وجلبها إلى البيت حيث يتم تنقيتها وتنظيفها من القش والعيدان الصغيرة المتعلقة بها، ومن ثم استعمالها في العديد من الأكلات التي تعد مباشرةً أو التي تُحفظ كمؤونة لفصل الشتاء، إضافةً إلى استعمالها في إعداد وصنع الزعتر المطحون بشكل تقليدي ويدوي».

وعن أهم الأكلات التي يُستعمل الزعتر الأخضر في إعدادها قالت: «هناك الكثير منها وأهمها السمبوسك وصندويشات الزعتر ومعظم أنواع السلطات، وبالنسبة لإعداد السمبوسك وهي من أكثر الطبخات الريفية انتشاراً وشيوعاً يتم أولاً تجهيز المزيج اللازم لها، ويتألف من القريشة والفليفلة المطحونة وأوراق البصل الأخضر والزيت والملح والنعناع إضافةً إلى الزعتر الأخضر الطازج أو المحفوظ، وبعد الانتهاء من إعداد المزيج يتم تسطيح العجين على خشبة خاصّة بها ومن ثم قطعها بشكل دوائر صغيرة ووضع المزيج في قلب الكرات العجينية ولفها، وبعد الانتهاء يتم قليها بالزيت على النار أو شويها في الفرن حسب الرغبة».

شتلة الزعتر البري

أما بالنسبة للمواد التي يُستخدم الزعتر الأخضر في حفظها كمئونة شتوية قالت "سعاد خليل": «يدخل الزعتر في حفظ العتون والزيتون الأخضر ويتم ذلك بعد تجفيف العتون بالشمس وتحليتها لمدة أسبوع تقريباً بتمليحها بالملح وملح الليمون، بعدها يتم مزج دبس الفليفلة والزعتر الأخضر والكمون وحبات من الليمون بحسب الرغبة ومن ثم فرك الخليط بالأيدي مع بعضها وإضافته إلى العتون ليتم وضعه في قترميزات زجاجية مع وضع قليل من زيت الزيتون فوقه لمنع العفونة عنه، وبنفس الطريقة يتم حفظ الزيتون الاخضر بعد نزع البذور من حباته وتحليته بالماء لعدة أيام مع إتباع الطريقة السابقة في إعداد المزيج، ولحفظ الزعتر نفسه لاستعماله على مدار العام يتم وضعه بعد تنظيفه في ماء أُضيف إليه فليل من الملح وملح الليمون في قترميز أو قارورة كازوزة الكولا وإغلاقها بإحكام ليتم استعماله كلما دعت الحاجة إليه».

وأخيراً تحدثت عن صناعة الزعتر المطحون التي مازالت موجودة بكثرة في الريف بالقول: «هذه صناعة قديمة جداً في الريف ولإعدادها يتم وضع الزعتر الأخضر تحت الشمس عدة أيام لتجفيفه، بعدها تفرك بالأيدي ليصبح مطحوناً، ثم تُقلى المواد التالية على النار: البرغل -الحمص -بذور البطيخ -كعك -قلب فستق العبيد -قلب الجوز -سمسم -مطحون السماق -الملح -الكمون ثم تمزج جميعها مع الزعتر المطحون في طنجرة لتقلى معاً، وبعد الانتهاء من ذلك يتم طحن الخليط بواسطة طحانة يدوية بيتية لأكثر من مرة حتى يصبح ناعماً كالطحين ، بعدها يتم قلي كمية إضافية من السمسم ويضاف إلى الخليط ليكون الزعتر المطحون جاهزاً لتناوله».

الزعتر الأخضر.. محفوظاً كمؤونة