خسارة كبيرة ... خسارة كبيرة ... لازال صدى هذه الكلمات يدوي بين جدران منزل الفنان المرحوم نبيل خزام في حمص وهي من الكلمات القليلة التي استطاع أهله وزملاؤه الفنانون التلفظ بها نظرا لكبر الفاجعة والمصاب الذي مد يديه السوداء وخطف نبيل خزام في ريعان شبابه ... حين نضجت ثماره تماما.
ولد الفنان نبيل عام (1947) من أسرة متوسطة في حمص، كان لديه ميلا كبيرا للفن فجسد أدوارا عديدة في مسرح الكشاف (للهواة) في كنيسة أم الزنار بحمص بالاشتراك مع ممثل هاو أيضا يدعى ماهر لطفي أحدثت مسرحياتهما ضجة كبيرة وجذبت جمهورحمص بكافة شرائحه لحضور المسرح حتى المسؤولين كانوا لا يفوتوا عرضا لنبيل خزام إلا ويحضرونه.
في أوائل الستينات سافر الشاب نبيل خزام إلى دمشق باحثا عن انطلاقة أوسع ويتحدث أخاه الأكبر ألبير خزام عن هذه الفترة لموقع eHoms قائلاً:" بعد أن أنهى المرحوم نبيل الثانوية العامة كان هناك نية لإرساله إلى إسبانية بغرض الدراسة لكنه لم يكن يريد تحميل العائلة أعباء مالية إضافية فقرر الذهاب إلى دمشق ليشق طريقه الفني بنفسه وتعذب كثيرا في بداية الأمر فكان يبيت في غرف صغيرة جدا ويعيش في فقر شديد كل ذلك ليحقق حلمه في التمثيل".
بداية أيام الفنان نبيل في دمشق عمل مع المسرح العسكري وكانت نقاط مضيئة في حياته عندما اشتغل في مسرح سعد الله ونوس فلعب ادوار البطولة في مسرحيتي (رأس المملوك جابر) و(حفلة سمر من أجل 5 حزيران).
ومنها انتقل إلى مسرح الشوك الذي أسسه كبار الفنانين السوريين دريد لحام ونهاد قلعي ورفيق سبيعي وياسين بقوش وناجي جبر في أواخر الستينات يعتبر النقلة النوعية في حياة الفنان نبيل حيث اشترك في عدة مسرحيات أهمها بكل تأكيد "كاسك ياوطن" التي لاقت شهرة عربية واسعة وقُدمت على مسارح أغلب الدول العربية.حقق نبيل خزام شعبية واسعة حيث شكل مع الفنانة صباح الجزائري ثنائيا فنيا رائعا حيث قدما عددا من السكيتشات والمنولجات والمقالب الظريفة.في بداية السعبينات أنضم نبيل خزام إلى التلفزيون وقدم عددا من الأعمال التلفزيونية نذكر منها (مذكرات حماد) و(أبجدهوز) ولعب أدوار البطولة في مسلسلي (الوديعة) و (وين الغلط) كانت هذه الأعمال في بداية دخول التلفزيون إلى البيوت ولاقت شعبية كبيرة خصوصا في حمص مدينة الفنان نبيل.
على صعيد السينما لم يكن لنبيل سوى فيلم واحد وهو( الاتجاه المعاكس) بالاشتراك مع صباح الجزائري ومنى واصف. كما شارك الفنان ياسر العظمة في مسلسله الشهير مرايا عام (1981) وأبدع بالأدوار التي كانت تكتب له خصيصا. كما عمل في مسلسل للأطفال على غرار مسرح العرائس بعنوان (كل شبر بندر) للمخرجة شيرين ميرزا.
وفي العام نفسه كان في ليبيا يقدم عرضا لمسرحية (كاسك يا وطن) حين شعر بأعراض المرض الخبيث وعند قدومه إلى سورية تبين أنه سرطان في الدم ومن الصعب الشفاء منه، الجميع تكتم على الخبر وعاش نبيل خزام صراعا مريرا مع المرض، كان من الصعب التخيل أن زهرة شباب نبيل سيقتلعها الموت ويغيبها إلى الأبد.
أواخر العام (1981) سافر الفنان نبيل إلى لندن للعلاج وتبرع الرئيس الراحل حافظ الأسد حينها بكافة تكاليف علاجه وإقامته في المشفى الملكي البريطاني. لكن المرض الخبيث تغلب على نبيل ووضع حدا لمسيرته في الحياة والفن يوم 7/6/1983 ليخطف واحدا من أعمدة الفن ليس في سورية فحسب بل في العالم العربي بشهادة كبار الفنانين والمخرجين وأذاعت خبر وفاته عدد من الإذاعات المشهورة مثل إذاعة لندن ومونت كارلو. عند تشييع جثمانه في حمص خرجت المدينة لتودع عريسها كما حضر عدد كبير من الفنانين السوريين من دمشق ليقفوا مع أهله في رحيله.