تميزت قرية قطوع الشيخ علي بموقعها الجغرافي المطل على بحيرة طبريا ، واشتهرت بأوديتها وينابيعها وعرفت كذلك بطاحونتها التي كانت مكان لتجمع أهالي القرى المجاورة نزح سكانها عام 1967 بعدد يتجاوز 400 نسمة باتجاه درعا وريف دمشق بعد دخول الاحتلال الصهيوني إليها.
أرض الخيرات المباركة
يذكر الشيخ محمد عوض العلي تولد 1943 أن قطوع الشيخ علي هي إحدى قرى البطيحة التابعة لمنطقة فيق في الجولان المحتل ،يحدها من الشمال قرية الحسينية، ومن الغرب المسعدية ، ومن الجنوب الدوكا ،أما من الشرق فهناك قريتي شقيف وكنف ، ترتفع عن سطح البحر 186 متراً، وتتميز بغزارة الأمطار وبمناخها الدافئ شتاءً، وتبدو جمالية طبيعتها باللون الأخضر الذي يغطي سفوحها، فضلاً عن وجود الينابيع والسواقي والعيون في مختلف قراها،.
ويشير العلي أن قطوع الشيخ علي تعود تسميتها لكثرة الخيرات بما فيها منظر شك أكياس اللبن بمشهده الواضح للرائي من بعيد ،لذا سميت بمقطوع الشيخ علي ، حيث تتميز القرية بالمياه الوفيرة وكثرة الينابيع ، فضلاً عن تربتها السوداء الخصبة التي هي أرض مباركة للخيرات وكل الأشجار المثمرة ، سيما بالوديان والمرتفعات ،كما ينمو فيها كل الأعشاب البرية كالشومر والخبيزة والعلتة والسنيرية والعكوب والبابونج والنعناع والزعتر ما يوفر بيئة صحية ومياه نظيفة وغذاء طبيعي ، لذلك كانت الأمراض حسب قوله غير موجودة، ومن النادر حدوث الوفيات.
وبين العلي أن القرية تشتهر بالوديان كالصاخنة والزبيد ، وكان للناس ذكريات في وادي عيون حمود الذي يجتاز القرية غرباً ضمن منطقة حراجية على بعد 4 كم إلى الجنوب الشرقي من مركز الناحية ، لتنهل النساء جرار الماء حملاً على الرأس من مسافات ليست ببعيدة نظراً لعدم وجود شبكة مياه أنذاك الوقت وانعدام شبكة الكهرباء.
المنازل كانت مبنية من الحجارة البازلتية الزرقاء
ويتابع العلي حديثه أن بيوت ومنازل قطوع الشيخ علي كانت مختلفة بالصنع ، فهناك منها بيوت اللبن الطين وكان منها بيت ومضافة عمه الشيخ رجا العمر ، إلا أن بنية اللبُن المتماسكة كانت أقوى من الحجر حسب قوله لصعوبة اختراق الرصاص منه لمتانتها وصلابتها كقوالب البلوك تماماً بعدما كان يتم إطلاق النار من قبل العدو الصهيوني وبزخات متواصلة ، مشيراً إلى أن أغلب مساكن ومنازل القطوع كانت مبنية من الحجارة البازلتية الزرقاء ذات السقوف الطين و الخشب ،حيث توسع البناء باتجاه الجنوب والغرب بعد الوحدة السورية المصرية بمساكن إسمنتية حديثة ودخول مادة البلوك .
الحاج "جبر رجا" تولد 1954 وهو نازح من الجولان" ويقيم في درعا ، يتذكر كيف كانت قريته قطوع الشيخ علي، الوحيدة التي يوجد فيها مدرسة للتعليم من بين عدة قرى مجاورة بالبطيحة، حيث كان أبناء القرى المجاورة يأتون للدراسة فيها، بينما هناك قسم كبير من المدرسين يأتي من "القنيطرة وفيق" أو القرى المجاورة، مبيناً أن المدرسة كان فيها مقاعد خشبية وسبورة قديمة، ولكن ضمن إمكانيات محدودة ومتواضعة تختلف عن اليوم.
ويشير "رجا" أن نبات الحلفا والصعيد كان يعتمد عليه في فرش المنازل وتأثيثها والمؤلفة أغلبها من غرفتين ، لتتخذ كحصير للجلوس والنوم، أما الوسائد فكانت من الصوف، ومن هنا صارت صناعة الحصير والأواني الفخارية أهم ما يميز قرى الجولان".
السمك والخضار يتم شحنها بالسيارات إلى أسواق الشام
أنور الخياط من قطوع الشيخ علي يقول إن قريته من القرى الجميلة بالبطيحة المتميزة بموقعها الاستراتيجي وصيد السمك في البحيرة التي كان السكان المجاورين للبحيرة يعتمدون عليها في معيشتهم على الزوارق والصيد بالشباك الى جانب التعيش من الزراعة والرعي، مشيراً إلى أن تسويق السمك والخضار بالقرية كان ضمن سيارات شحن تأتي لنقلها من البطيحة الى أسواق الشام ، ومنها سوق الهال حيث يأتي التجار وقت المواسم ويجلبون معهم عبوات لتعبئة الخضار، وشحن السمك ، وحسب قوله فأن أهل الجولان الذين نزحوا إلى ريف دمشق، ما زالت وجبة السمك من طعامهم المفضل إلى الآن .
أما رياض الشاويش تولد عام 1950 فيذكر والده تاجر الأغنام المعروف بالبطيحة حيث كان يحضر الأغنام على اللانش عبر بحيرة طبريا ويتنقل بالأغنام بين فلسطين وسوق طبريا وصفد ، لافتاً أيضاً الى تلك المطحنة القديمة بآلاتها البريطانية الحديثة التي عملت قبل النزوح 1967 بعامين ، حيث كانت المطحنة الوحيدة بالبطيحة ، واصفاً بناءها الخارجي المصنوع من البلوك ومحركها البريطاني الفريد الذي حجمه أكثر من مترين ، حين كنّ النسوة يخرجن لطحن الحبوب في تلك المطحنة خلال ساعتين من العمل بفرق كبير عن المطحنة القديمة التي كانت تعمل على الرحى وتأخذ الوقت الكبير من الجهد والعمل.
أبناء القرية كانت تربطهم علاقات الإخاء والود والتعاون
يقول الحاج حسين السليم أبو بسام مختار شبعا حالياً تولد 1948 من أبناء قرية قطوع الشيخ علي "إن العادات الاجتماعية بالقطوع كانت متماسكة بين أبناء سكانها ، حيث كان يربطهم الإخاء والود والتعاون ، ومن المعروف عن رجال القرية أنهم كانوا أشداء وأصحاب موقف وحزم يضرب بهم المثل بين أبناء القرى المجاورة ، فيما كانت العلاقات تترسخ من خلال التعاليل المعروفة بالسهرات على ضوء اللوكس القديم ، وهي كانت صفة تجمع أبناء البطيحة في لياليهم المظلمة، لتدار "التعليلة" كل يوم عند بيت ، وتتكاثف العادات الاجتماعية يتعاون الأهالي في الأفراح والأتراح، خاصة مشاركاتهم في الزراعة وجني الثمار، أما وقت الحصاد لمحاصيل القمح والشعير ، فكانت مفضلة في الليل وتقضى ساعاتها بالسمر وترديد الأغاني".
ويذكر المختار أبو بسام أن من العائلات التي كانت تسكن قرية قطوع الشيخ علي ذياب و العمر والفندي المعروفين بالسيوف، وسعد الخطيب، والنبوتي ،وعلي السليم عشيرة العثامنة و ابو عريمش.
ويعود الشيخ محمد عوض العلي ويتذكر المواقف الجريئة للأجداد السابقين وذلك اعتماداً على رواية أحد أبناء الجولان واسمه "اكريم الدكشوري بقوله" أن الجد علي كان حازماً ،حيث رفض أنذاك الوقت بيع القرية للتجار القادمين من تركيا ومعهم من الإقطاعيين الغرباء وذلك في سبيل وقف التعليم بالمدارس ، خاصة أن اسم قرية قطوع الشيخ علي كانت مقيدة بوثائق تركية لأهميتها.