ضمن فعالية دمشق عاصمة الثقافة العربية، قدمت فرقة فولكفانغ دانس ستوديو الألمانية للرقص المعاصر عرضين هما (سولو- وأفتاوشر)، وذلك على مسرح دار الأسد للثقافة والفنون.

وللحديث عن عرض سولو الذي تمحور حول صراع الراقصة هنريتا هون مع الكرسي والطاولة على خشبة المسرح برجوعها بذاكرتها إلى الوراء ونبش حبها الماضي الذي لا ينسى أبداً، لتحرر نفسها في النهاية من هذا الحب الذي انتهى بالفشل مثل أغلب قصص الحب التي ذكرها التاريخ، حاور موقع (eSyria) الشاب مهند السيد عن رأيه بعرض سولو فقال: هذه المونودراما الرائعة التي دخلت في الحالة النفسية للراقصة من خلال شعورها بالوحدة القاتلة والمميتة، في فضاء هذا الكون الغريب الذي تصبح فيه الطاولة والكرسي أدواتٍ معبرة عن حالة الوحدة التي تعاني منها الراقصة في صراعها المجنون مع ألمها الميتافيزيقي.

وفي تعليق للشابة نور سنة ثالثة أدب فرنسي قالت: أثر العرض الراقص في الكثير منا من خلال تجسيد الراقصة لحالة الوحدة المفعمة بحبها للماضي، وأكثر ما أثار انتباهنا يكمن في حرفية الراقصة العالية وتأديتها الدور، السرعة الحركية ولياقة جسدها العالية.

وبعدها دخل عرض أفتاوشر المذهل بعشرة كراسي وعشرة راقصين يحملون في أيديهم عشرين "خشخيشة" بصمت مسرحي مطبق على جو العرض، هنا انتظرنا لحظة ما بعد الصمت ليبدأ أحد الراقصين بهز "خشخيشتة" معطياً الإشارة لبدء العرض اعتماداً على إيقاع "الخشخيشة".

سوسن سنة ثانية أدب فرنسي قالت: يتحدث العرض عن الحياة من خلال التشويق الحقيقي بين الراقصين، حيث يحوّل القوة العاطفية إلى حقيقة مادية تجسد في سلوكيات البشر من خلال إغراءات جنسية ومنافسة وغيرة ورفض وتهور، إلى المزاح والمرح والحسية والإقبال على الحياة، وإن الصوت والموسيقا المستخدمين في هذا العرض بالإضافة إلى ديناميكية الأجساد في الحركة كلها أغنت العرض وأعطت المشاهدين المتعة وإطلاق العنان للتفكير بتأويلات مفتوحة لا يمكن حصرها.

حوّل العرض المشاهدين إلى أصنامٍ جامدة ليس لها قدرة على الحراك بإذهال الجمهور بكافة الأمور التقنية والمسرحية التي قدمتها الفرقة، حتى ضاع الجمهور بمسألة التصفيق لعدم معرفته كيف ومتى سينتهي هذا العرض بسبب ما تميز به من حالة الحركة والصمت المفاجئ.

الشاب مالك قاسم عبّر عن هذه الحالة فوصفها "بالسحر" الذي يجذب المشاهد ويأسره ضمن قوة التعبير: فهذا العرض أوصلنا إلى درجة الذهول وحالة الشرود في العالم الواسع، وأكثر ما أعجبني يكمن في إعطاء الفرد طابع الأمل والحكم علية بالوصول إلى النشوة في النهاية من خلال الموسيقا السعيدة التي ختم بها هذا العرض.

منذ عام 1999 تتولى (بينا باوش وهنريتا هورن) الإدارة الفنية للفرقة التي تعتمد بشكلٍ أساسي على تصميمات الرقص التعبيري التي تقوم بها هورن، كما تعاونت الفرقة مع مصممي رقص عالميين بهدف إغناء تجربتها الفنية وتطويرها، وساعدت العروض الكثيرة التي قدمتها الفرقة داخل ألمانيا وخارجها على تحقيق التبادل الثقافي أكثر فأكثر.

ويتم تركيز عمل الفرقة على تناقضات وعلى أداء ريبورتوار ذي تنوعات فنية وأسلوبية كبيرة، ويشكل التأثر بتقنيات الرقص المختلفة عاملاً مساعداً في توسيع احتمالات طرق الفرقة التعبيرية بشكل دائم.

جدير بالذكر أن الفرقة جالت في جنوب مصر وشرق أوروبا ووسطها وهونغ كونغ والصين واليابان واندونيسيا وكوريا، ومقرها الدائم أكاديمية فولكفانغ- غيسن- ألمانيا.