عاش القديس "إليان" في مدينة "حمص" في القرن الثالث للميلاد، كان رجلاً مؤمناً بالله غير مكترث بمغريات العالم الفاني، وكان طبيباً يعالج أمراض الأجسام وأمراض النفوس.
واستشهد القديس "إليان" عام 285 م على يد والي المدينة بعد أن رفض العودة إلى الوثنية وعبادة الأصنام حيث قيده الجنود بالحبال وحلقوا شعره ثم غرزوا اثني عشر مسماراً طويلاً في رأسه ويديه وقدميه، ثم تركه الجنود ظناً منهم أنه مات، أما "إليان" فكان حياً وما لبث أن استجمع قواه وتمكن من جر نفسه إلى مغارة قريبة كانت مصنعاً للفخار وهناك أسلم الروح.
وفي عام 450م قرر الأسقف "بولس" أسقف "حمص" آنذاك أن يبني بماله الخاص كنيسة على اسم القديس "إليان" مكان المغارة التي مات فيها وأن تنقل إليها رفاته، وذلك في منطقة الورشة في حي "باب تدمر" ومازالت قائمة حتى الآن، فشيدت للقديس كنيسة واسعة جميلة مزينة بالأعمدة والرخام
لا تذكر المصادر التاريخية شيئاً عن مصير هذه الكنيسة في العصور التي تلت بناءها، ولكن يبدو أنها فقدت الكثير من أهميتها ورونقها أثناء الحوادث العديدة التي تعاقبت على المنطقة في القرون الوسطى.
غير أنه من المؤكد أنها بقيت قائمة عبر الأجيال ووجودها ثابت في نهاية القرن السادس، كما يتبين من أيقونة للقديس (موجودة حالياً في باريس) تحمل تاريخ 1598 وقد أهداها إلى "دير مار اليان" بطريرك أنطاكية وسائر المشرق "يواكيم السادس" الذي كان سابقاً مطراناً على مدينة "حمص" ومن جهة أخرى هناك أحد الرحالة الفرنسيين الذي زار "حمص" في أيار 1658 يتحدث عن الكنيسة وعن تابوت الشهيد.
في النصف الأول من القرن التاسع عشر كانت "كنيسة مار اليان" عبارة عن بناء صغير طوله تسعة أمتار وعرضه خمسة أمتار وبما أنها أصبحت لا تتسع للمصلين فقد تم توسيعها وبدأت أعمال تجديد الكنيسة عام 1843.
وفي نهاية عام 1969 عندما تسلم المطران "ألكسي عبد الكريم" أمور أبرشية "حمص" تقرر بالتعاون مع عمدة دير القديس "اليان" ترميم الكنيسة المذكورة التي كانت في الآونة الأخيرة مغلقة في معظم أيام السنة فأخذ العمال يقومون بقشر الطبقة القديمة من الكلس التي تكسو جدرانها والتي كانت قد بدأت بالتفتت وذلك لطلائها بطبقة جديدة من الإسمنت، وفي أيار 1970 عندما وصلوا بالعمل إلى القبة التي تحيط به ظهرت تحت القشرة الخارجية رسوم جدرانية قديمة (على طريقة الفريسك) وتكشف هذه الرسوم صوراً للسيد المسيح وصوراً لمريم العذراء وبعض الأنبياء والقديسين، كما تحمل كتابات باللغة اليونانية واللغة العربية، وفي أيار 1970 تم إبلاغ المديرية العامة للآثار والمتاحف في "دمشق" عن هذا الاكتشاف فأوفدت خبراءها لترميم هذه الرسوم وأخذت التدابير اللازمة لحفظها من الرطوبة وتأثير النور.
ومن ثم قرر سيادة المطران "ألكسي" تزيين الكنيسة بكاملها برسوم جدرانية (فريسك) فكلف بهذه المهمة الرسامين الأخوين "جبرائيل وميخائيل موروشان" من كنيسة رومانيا وقد دامت هذه الأعمال من 12 نيسان لغاية 28 تشرين الأول 1973، وبذلك تم تزيين كل جدران الكنيسة وأقبيتها وسقفها وتشكل مساحة قدرها 800 متر مربع برسوم مختلفة نرى فيها بعض المشاهد من حياة السيد المسيح وصوراً لعدد من القديسين ومشاهد من حياة القديس "اليان".
وقد دعا المطران "ألكسي" للاحتفال بالقداس الإلهي وتدشين هذه الكنيسة بحلتها الجديدة البطريرك "إلياس الرابع معوض"، وذلك يوم الأحد بتاريخ 3 شباط 1974 بعد أن وصل "الأيقونسطاس" (حامل الأيقونات الذي يفصل هيكل الكنيسة عن صحنها) الجديد من بوخارست- رومانيا هدية من البطريرك "يوستنيانوس" للكنيسة و"الأيقونسطاس" من الخشب المحفور، صنعه الفنان "أوبريجا" ورسم أيقوناته الأرشمندريت "صوفيان".