لأنها "حلب".. والتي هي من أهم المدن العربية والإسلامية، تستحق أن نفرد لها جولات لأوابدها الأثرية التي لازالت تعانق اليوم بعبق الأمس البهي عبر آثاره العريقة التي بقيت إلى الآن شاهداً على تلك العصور.
والحمامات الأثرية في "حلب" لازالت تحتل مكانة خاصة بها.. إذ تعود بتاريخ بنائها إلى الفترة ما بين القرنين الثاني عشر والخامس عشر الميلاديين، بلغ تعداد الحمامات في "حلب" في أوج ازدهارها (177) حماما، ثم تدنى في عام (1970) إلى (40) حماماً ولم يبق منها الآن سوى القليل..
خلوة العريس هي خاصة بالعرسان فقط إذ تتميز بجرن الماء الأبيض اللون والذي يتمتع بجمالية خاصة من حيث نصاعة بياضه وتصميمه وشكله الخارجي، ومن ثم يأتينا الإيوان الذي يجلس فيه أهل العريس، ويحيط بالإيوان عدة خلوات عادية للاستحمام، وبجانبه (غرفة الحنة) والتي تتم فيها (حنة العريس) قبل دخوله الحمام إذ تلف يده بـ (الشاش والبودرة) الذين يمنعان وصول الماء إلى الحنة
ومن أشهر هذه الحمامات "حمام النحاسين" الذي يعود بناؤها إلى القرن الثاني عشر، ويقع أمام "خان النحاسين" مباشرة، ولا يزال يستعمل حتى الآن بوظيفته الأساسية ويمتاز بقبته المزينة بالفتحات الزجاجية للإنارة وضخامة حجم وزخرفة قاعة (البراني) فيه.
موقع eSyria زار الحمام بتاريخ (25/7/2008)م حيث قام السيد "محمود الأيوبي" باصطحابنا بجولة ميدانية في أروقة الحمام ليحدثنا بداية عن أقسام الحمام قائلاً: «يتألف الحمام من حيث تصميمه من ثلاثة أقسام متدرجة من حيث حرارتها وهي (البراني، الوسطاني، والجواني). وأول ما يدخل المستحم إلى الحمام يدخل إلى (الجواني) الذي يتميز بأنه أشد هذه الأقسام حرارة، فيستحم فيه ثم يتجه إلى غرفة البخار ليجلس فيها فترة من الزمن بحسب تحمله لدرجة الحرارة.
وبعد ذلك يتجه إلى (الوسطاني) وهو أصغر من البراني وتحيط به الخلوات الصغيرة ذات القباب العالية، حيث يتكيس فيه ويتليف على يد "المكيّس" ثم يخرج الى المسبح إن رغب بذلك، والمسبح هو من الإضافات التي أجريت على الحمام حديثاً إذ لم يكن موجوداً في السابق، وبعد ذلك يخرج إلى (البراني) ليرتاح فيه قليلاً قبل مغادرته الحمام.
و(البراني) هو القسم الخارجي المؤلف من باحة واسعة أرضه مرصعة بالرخام الملون وتحيط به المساطب المفروشة التي تحوي على خزائن ومشاجب لحفظ ثياب المستحم، وتعلوه قبة ذات كوى ومشابك مزخرفة، ويستقبل الناطور المستحم ويبدل له المناشف ليرتاح على المصاطب».
يتميز الحمام بوجود عدد من الخلوات الخاصة للاستحمام والتي يحوي كل منها جرناً للماء وأهم هذه الخلوات وأفضلها شكلاً وأكثرها اتساعاً هي (خلوة العريس) وعنها يقول "الأيوبي": «خلوة العريس هي خاصة بالعرسان فقط إذ تتميز بجرن الماء الأبيض اللون والذي يتمتع بجمالية خاصة من حيث نصاعة بياضه وتصميمه وشكله الخارجي، ومن ثم يأتينا الإيوان الذي يجلس فيه أهل العريس، ويحيط بالإيوان عدة خلوات عادية للاستحمام، وبجانبه (غرفة الحنة) والتي تتم فيها (حنة العريس) قبل دخوله الحمام إذ تلف يده بـ (الشاش والبودرة) الذين يمنعان وصول الماء إلى الحنة».
يلتصق مباشرة بـ (حمام النحاسين) حمام آخر كامل الأقسام ينفصل تماما عن هذا الحمام ألا وهو (حمام الست) المخصص للنساء وعنه يحدثنا السيد "الأيوبي" قائلاً: «كان (حمام الست) مخصص فقط للنساء حيث تدخله النساء من باب خاص، وباب هذا الحمام كان من سوق (الدهشة) في حين باب حمام الرجال من (المحمص).
يفصل بين الحمامين جدار سميك جداً، وقد تم العثور على هذا الحمام حين أردنا أن نضع خزانة من الزجاج على الجدار وعند الهدم ظهر لنا (حمام الست) وهو كامل الأقسام كما هم حالياً وحمام النساء مشابه تماما لحمام الرجال من حيث الأقسام الرئيسية، ويحوي أيضاً (خلوة للعروس) تشبه تماما (خلوة العريس) في حمام الرجال، وتتميز (خلوة العروس) باتساعها أكثر من خلوة العريس، وتم إزالتها حاليا حيث تم إحداث المسبح. والحمامين الآن موصلات ببعضهما البعض..».
إذاً هذه هي الأقسام الرئيسية لجميع الحمامات القديمة والتي كانت تتميز بالتجمعات التي كانت تجمع أبناء الحي بأفراحهم، ولا تزال هذه الحمامات رغم التطور والتقدم تتمتع بمكانتها المرموقة في "حلب" وفي سورية بشكل عام وهي مقصد للكثير من السياح من داخل سورية وخارجها وهي ما زالت على ترتيباتها القديمة من حيث طريقة الاستحمام وتوزع الأقسام الرئيسة فيه..