الأجواء الرمضانية التي لا زالت تحافظ على رونقها الخاص والمميز خاصة في مدن وبلدات "ريف دمشق"، سواء من خلال شخصية المسحراتي وطبلته، أو نداءات الباعة الذين يتفننون في الترويج لسلعهم عن طريق بعض الجمل المحببة.

لكن تبقى شخصية المسحراتي من الذكريات التي يصعب نسيانها أو التخلي عنها رغم التطور التقني الذي يشهده العالم وتوفر وسائل بديلة تقوم مقام عمل المسحراتي.

ارتبط السحور بشهر الصيام، ومهمة المسحراتي إيقاظ أهل الحي الذي كلف به لتناول طعام السحور، وهو طعام مبارك حث عليه الرسول صلى الله عليه وسلم فقال: "تسحروا فإن في السحور بركة"، ولحرص المسلمين على طعام السحور تعددت وسائل وأساليب تنبيه الصائمين وإيقاظهم وقت السحر، ولهذا الغرض ظهرت شخصية المسحر الذي يحلو لبعضهم تسميته "أبو طبلة"

eSyria استوقف "إسماعيل عبيد" المسحراتي في حي المساكن بمدينة "يبرود" وذلك خلال جولته الليلية لإيقاظ الناس على السحور بتاريخ 14/9/2008.

في السحور بركة

سألناه عن هذه المهنة وما يعرف عنها فأجاب قائلاً: «ارتبط السحور بشهر الصيام، ومهمة المسحراتي إيقاظ أهل الحي الذي كلف به لتناول طعام السحور، وهو طعام مبارك حث عليه الرسول صلى الله عليه وسلم فقال: "تسحروا فإن في السحور بركة"، ولحرص المسلمين على طعام السحور تعددت وسائل وأساليب تنبيه الصائمين وإيقاظهم وقت السحر، ولهذا الغرض ظهرت شخصية المسحر الذي يحلو لبعضهم تسميته "أبو طبلة"».

عن طريقة عمله قال: «يبدأ العمل مع أول يوم من رمضان وينحصر العمل في ذلك الشهر وينتهي مع نهايته، الناس كانوا بحاجة إلى المسحر بسبب عدم وجود وسيلة لإيقاظهم لتناول طعام السحور، ورغم التطور الموجود في عصرنا وتنوع وسائل الإيقاظ من منبه وتلفاز وهاتف وجوال إلا أن المسحر مازال يقوم بهذه المهمة في الأحياء القديمة في المدن والأرياف، وبعض الأحياء الحديثة المحافظة على التقاليد، وما زال الناس ينتظرون سماع صوت الطبلة ويطربون لصوتها، عادة ما أخرج في الساعة الثالثة بعد منتصف الليل لأنادي في حي المساكن الذي اخترته "يا نايم وحد الدايم"، طبعاً العمل في هذه الأوقات لا يقارن بالعمل حين يصادف شهر رمضان فصل الشتاء حيث يكون البرد قارساً وتتجمد يداي وأنا أحاول إيقاظ الناس والقرع على الطبل».‏

الطريقة التي يتم على أساسها تقسيم الأحياء بين المسحرين أضاف: «لكل حي من أحياء مدينة "يبرود" مسحر أو أكثر حسب مساحة الحي وعدد سكانه، قديماً كنا نقوم قبل رمضان بالطواف على البيوت لنكتب على باب كل بيت أسماء أفراده حتى نناديهم بأسمائهم أثناء التسحير، يرافق المسحر عادة شخص آخر يحمل الفانوس ثم اختفى الفانوس بعد انتشار أعمدة الكهرباء وبقي المسحر ينادي وحيداً لإيقاظ الناس، هذه الأيام غالباً ما نجد أن أفراد العائلة لا تزال مستيقظة لذا لا نجد صعوبة كبيرة في المناداة عليهم حيث أنهم يسهرون غالباً حتى آذان الفجر».‏

حدثنا عن الجولات اليومية التي يقوم بها قائلاً: «عادة للمسحر ثلاث جولات يقوم بها:جولة يومية اعتيادية تشمل كل الحي لإيقاظ الناس وقت السحر، الثانية غالباً ما تكون يومية تشمل بعض الأحياء بالتناوب لجمع الطعام والمساعدات، في هذه الجولة أصطحب مساعداً معي ليحمل سلة وبعض الأطباق لوضع ما تجود به العائلات من أطعمة، بعض الناس اليوم أصبحوا يجودون بالمال بدل الطعام، المسحرين يقومون في بعض الأحيان بتوزيع ما جمعوه من طعام ولباس على المساكين من الأرامل والأيتام والغرباء الذين انقطعت بهم السبل، أما الجولة الثالثة للمسحر فهي أيام العيد لجمع العيديات من الناس، ونصطحب في هذه الجولات الطبلة التي تعتبر بمثابة الهوية الخاصة لكل مسحر، كما عادة ما يرافقني ابني الذي يساعدني على حمل الهدايا».‏

جدير بالذكر أنه على امتداد العالم الإسلامي اتخذ المسحرون أشكالا مختلفة ففي "عمان" يوقظ المسحراتي النائمين على الطبلة وهو يقول يا "نائمين الليل قوموا اتسحروا سحور.. سحور يا صائمين"، في "الكويت" يقوم المسحراتي الذي يسمى أبو طبيلة بالتسحير ومعه أولاده فيردد بعض الأدعية وهم يردون عليه، في "اليمن" يقوم بالتسحير واحد من الأهالي بالحي حيث يدق بالعصا على باب البيت وهو ينادي على أهله قائلاً: "قوموا كلوا"، في "السودان" يطرق المسحراتي البيوت ومعه طفل صغير يحمل فانوسا ودفتراً به أسماء أصحاب البيوت حيث ينادي عليهم بأسمائهم قائلا "يا عباد الله وحدوا الدايم ورمضان كريم".‏