«التعريف بالرسالة الحضارية التي يحملها الإسلام، وإظهار بعض الجوانب التاريخية الهامة في سورية منذ بدايات الفتح العربي كانت أهم أهداف إنشاء متحف الآثار الإسلامية في "حمص"».

هذا ما أكّده لنا الأستاذ "محمد فيصل شيخاني" أمين المتحف، في لقائنا معه في المتحف بتاريخ (21 / 9 / 2008)، حيث قدم لنا شرحاً وافياً عن بدايات تأسيس هذا المتحف والمقتنيات التي يحتويها ومدى أهميتها وطبيعة الزوار الذين يقصدونه.

وجود هذا المتحف في جامع الصحابي "خالد بن الوليد" (ر) يخدم السياحة بشكل عام ويعطي صورة جميلة عن الغنى التاريخي والحضاري الذي تتمتع به سورية

في البداية أشار الأستاذ "شيخاني" أن متحف الأوقاف للآثار الإسلامية:

المخطوطات القديمة

«يقع في إحدى قاعات جامع الصحابي "خالد بن الوليد" (ر)، وقد تم تأسيسه عام /1982/ وأصبح جاهزاً لمباشرة العمل عام /1984/ لكن استقبال الزوار فيه بدأ من العام /1987/، وهو عموماً متحف صغير بمساحته لكنه كبير بمعناه ومحتواه».

وحول مضمون المتحف قال: «يتضمن عدداً من الخزائن والنوافذ التي تم تقسيمها حسب نوعية المقتنيات الأثرية والتي ترجع إلى العهود الإسلامية السابقة، ومعظمها تم الحصول عليها من "حمص" والبعض أهدي للمتحف من محافظات أخرى».

خزانة الأسلحة

وأضاف "شيخاني": «الخزانة الأولى للمتحف تحوي على مجموعة من الفخاريات والخزفيات القديمة منها ما يعود إلى العهدين الأموي والعباسي، ومنها يرجع تاريخه إلى العهد الأيوبي.

والخزانة الثانية تضم مخطوطات أدبية وفقهية وفلسفية، بعضها يرجع تاريخه إلى (100) وبعضها إلى (150) عاماً، ومنها يعود إلى مئتي عام.

لوازم حمام النساء، ولوازم الطباعة على القماش

أما الخزانة الثالثة فهي مخصصة للفضّيات والقطع المعدنية الأخرى ووجدت كنذور حول ضريح الصحابي "خالد بن الوليد" (ر)، بعضها يمثّل "خلاخل" للبنات، و"طبّاشات" للأطفال، كما تحوي الخزانة على مباخر متعددة الأشكال. وأقدم محتويات هذه الخزانة محبرة قديمة كان الكاتب في الماضي يضعها في زنّاره.

والخزانة الرابعة تحوي فخاريات وخزفيات وأحجار تعود إلى عصور إسلامية قديمة.

فيما تعتبر الخزانة الخامسة خزانة النقود، ومنها الورقية التي يعود بعضها إلى عهد الانتداب الفرنسي، ومنها عثمانية تعود إلى بداية الحرب العالمية الأولى، بالإضافة إلى نقود معدنية صغيرة تعود لفترات إسلامية قديمة. مع بعض الأختام المعدنية التي تعود إلى أواسط القرن الماضي.

أما الخزانة السادسة فتتضمن بعض الأسلحة الحربية القديمة كالـ"طبنجات" والبنادق، وأحد السيوف العربية القديمة، وأحد الخناجر اليمانية.

فيما تحوي الخزانة السابعة على مصاحف كتبت بخط اليد، وأهمها مصحف المفتي الأتاسي الذي يعود إلى أوائل القرن العشرين، ومصاحف أخرى مكتوب بعضها بماء الذهب. إضافة إلى اسطرلاب كان يستعمل في البحرية».

وتابع أمين المتحف بالقول: «ومن محتويات المتحف أيضاً نافذتان الأولى تضم الأدوات التي كانت تستعمل في عيد خميس المشايخ مثل: (المزهر، الصنج، الطبلة، الفوانيس القديمة).

أما النافذة الثانية فتضم بعض اللوازم الخاصة بحمّام النساء في الماضي مثل: (الطشت، السطل، الطاسة، الجنطاس، وغيرها من الأدوات)، كما تحوي النافذة على مصباح يعمل بالبنزين كان يستعمل في الساحات العامة في أوائل القرن العشرين. إضافة إلى بعض الأقفال، ولوازم الطباعة على القماش.

وهناك خزانة تتوسط المتحف يعتقد أنها تضم أقدم قوس حربي مكتشف في العالم الإسلامي؟

ويعود إلى عام /1429/ م منسوب إلى الصحابي "سعد بن المدحاس" وقد وجد على ضريحه في الجهة الجنوبية الشرقية من مدينة "حمص" قرب سور المدينة.

كما يوجد في وسط المتحف أيضاً منبر خشبي لجامع "خالد بن الوليد" القديم يعود للعام /1179/ هجرية، حسب الكتابة المدونة عليه..

بالإضافة إلى عدد من الصور القديمة الملتقطة لأجزاء من جامع "خالد بن الوليد" والأماكن الدينية الأخرى، وصور لاحتفالات العيد الشعبي المشهور بحمص (خميس المشايخ) وأصحاب الطرق الصوفية».

وختم الأستاذ "شيخاني" حديثه لنا عن المتحف بالقول: «متحف الآثار الإسلامية منذ استلمته عام /1988/ وحتى اليوم، استقبلت فيه وفود من (48) دولة من القارات الخمس، باعتبار أنه مخصص لضيوف الدولة وهذه الوفود تتضمن رؤساء الدول والأمراء، والوفود الدبلوماسية، والوفود الثقافية والجامعات ووفود المؤتمرات التي عقدت في "حمص"، والوفود العسكرية وبعض الدارسين في الجامعات لعمل أبحاث عن مدينة "حمص" ومساجدها».

وحول أهمية متحف الآثار الإسلامية في "حمص" التقينا الأستاذ "ملاتيوس جغنون" الباحث في مجال التاريخ والآثار فقال: «على الرغم من تواضعه فلا شك أن لهذا المتحف قيمته الحضارية والأثرية، ومقتنياته تعطي مؤشرات هامة بالنسبة للعهود الإسلامية التي مرت بها "حمص" حتى العصور الحالية».

وأضاف: «وجود هذا المتحف في جامع الصحابي "خالد بن الوليد" (ر) يخدم السياحة بشكل عام ويعطي صورة جميلة عن الغنى التاريخي والحضاري الذي تتمتع به سورية».

وتمنى الأستاذ "جغنون" في ختام اللقاء كما يتمنى الكثيرون أن تكون أبواب المتحف مفتوحة لجميع الزوار ليطّلعوا على التاريخ المشرق لآبائهم وأجدادهم، وألا تقتصر الزيارات فقط على الضيوف الرسميين.