«تنضح أعمال الفنان التشكيلي "محمد الرفيع" بالدلالات والرموز للحياة، بما فيها النباتات والموروث الشعبي والحضاري، والفضاء لديه يشكل جزءاً من تكوينات اللوحة، وشخصياته التي تتداخل مع معابر الحياة البيئية وتبقى معلقة ما بين مدار الفضاء وسكناها وتواجدها»، هذا ما قاله الفنان التشكيلي "محمود غزال" متحدثاً عن قراءته لأعمال "محمد الرفيع" التشكيلية.
موقع eRaqqa وبتاريخ (17/11/2008)، التقى الفنان التشكيلي "محمد الرفيع"، ليحدثنا عن تجربته التشكيلية.
في الواقع، إن أحد أهم المشاريع الهامة في حياتي الفنية، هي إنجاز معرض لمجموعة من كبار مبدعينا السوريين والعرب، سواء أكانوا شعراء أو أدباء أو مفكرين أو تشكيليين، وقد بدأت فعلاً بهذا المشروع الضخم، الذي لا أعتقد أنني سأفرغ منه قريباً، فعدد اللوحات التي أنجزتها، ما يزال قليلاً إلى الآن، فالبداية كانت مع "العجيلي" و"البياتي" و"أحمد شوقي" و"سعاد الصباح" و"عبد الرحمن منيف" و"فيصل البليبل"، وأتمنى أن أنجز هذا العام، عدداً أكبر من اللوحات
ولدى سؤاله عن سبب اختياره للمدرسة الواقعية، كمنهج يطغى على غالبية أعماله، تحدث بقوله: «في الوقت الذي يرفض فيه "بيكاسو" وجود أي تشابه بين الصورة والواقع، فإن المدرسة الواقعية في الفن التشكيلي، تنقل بأمانة كل ما تراه العين، وتقدم موقفها منه، والفن ينصاع أحياناً لقواعد البساطة وظلالها، وبالنسبة لي فإن الواقعية تلعب دوراً تمثيلياً وجمالياً يلبي الحاجات الداخلية لي كفنان، لذلك فقد انصب اهتمامي على ملاحظة تفاصيل اللوحة وجزئياتها، ومن ناحية ثانية فإن اللوحة الواقعية، تلامس الذوق العام بالنسبة للمتلقي من خلال التركيز، ولا تحتاج إلى فلسفة، أو قراءة عميقة، وهي تصل إلى البصيرة بشكل مباشر، بعيداً عن الطلاسم، كما أن الواقعية، تعطي حقيقة الجسد من خلال الملامح التعبيرية والنفسية».
وعن تأثير البيئة الفراتية على أعماله الفنية، قال "الرفيِّع": «في الحقيقة إن المكان يلعب دوراً كبيراً، في شكل النتاج الفني والفكري لحضارات كاملة وعديدة، والبيئة الطبيعية تترك بصماتها الواضحة في خيال ووجدان المبدع، والموروث الثقافي والاجتماعي لبيئة ما، تراه قد شكل سمة في شتى مجالات العمل الإبداعي من فكر وفن وموسيقا، ومن المعروف أن البيئة الفراتية، هي بيئة غنية، فمن منا لم يتأثر بطبيعة الفرات، وتاريخ "الرقة" عريق، فمن الطبيعي أن ينهل المرء من تراثها، الذي تتجسد فيه مختلف العادات والتقاليد والحكايات الملهمة، فلو تمعنا الفرات لقرأنا على موجاته السحر، ولو تمعنّا بلباس المرأة الريفية، لوجدناه غاية في الجمال بألوانه الزاهية، مما يطلق العنان لمخيلة الفنان».
وعن رؤيته للمشهد التشكيلي في محافظة "الرقة"، تحدث "الرفيِّع" بقوله: «لا شك أن "الرقة" شهدت في منتصف القرن الماضي، بعض التجارب الفنية الهامة، التي منحت عبر فترات زمنية ماضية، رصيداً فنياً هاماً، أخذ صدىً رائعاً في العديد من الأوساط، إن أهمية المشهد التشكيلي في "الرقة"، تنبع من الدور الريادي والخلاق، الذي تأسس في الستينيات وترسخ في السبعينيات والثمانينيات من القرن الماضي، خصوصاً في فترة تأسيس تجمع فناني "الرقة"، وإقامة نقابة الفنون الجميلة، التي اعتبرت نقطة هامة ومضيئة، وضمت العديد من الفنانين التشكيليين، الذي تركوا بصمات واضحة وفاعلة، على الساحة التشكيلية في محافظة "الرقة"، ومن أبرز هؤلاء الفنانين: "طلال معلا" و"فواز يونس" و"ابراهيم الموسى" والدكتور"أحمد معلا" و"عنايت عطار" و"عبد الحميد الفياض" و"محمود فياض" و"علاء الأحمد" و"موفق فرزات" و"جورج شمعون" و"فهد الحسن" و"محمد عساف" و"محمد صفوت" و"ياسين جدوع" و"أيمن ناصر"، وغيرهم، فتبلورت اللوحة التشكيلية الرقية التي سعت لإيجاد مكانة متميزة لها، وظل هاجس تنمية الحس الفني والجمالي، والاهتمام بنشر الثقافة الفنية ورعاية المواهب، والارتقاء بالذوق العام، هو الشاغل لهذا الجيل الذي تبوأ مكانة مرموقة، وفي بداية التسعينيات بدأت موجة جديدة من الفنانين، الذين باتوا يشكلون حضوراً حقيقياً في الحياة التشكيلية، ومنهم: "محمد الحريري" و"حسن مصطفى" و"موسى الحمادة" و"رافد فياض" و"محمود غزال" و"عبد الفتاح النجم" و"جمعة الأحمد" و"محمد العكلة" و"عبد الله الهندي" و"حمود سليمان" و"أحمد العايد"، وآخرون ممن تمتاز أعمالهم بمستوٍ جيد، وبصمات واضحة وطموحة، يسعى كلٌّ منهم إلى التفرد وصياغة تجربته الخاصة، وأستطيع القول أن المشهد التشكيلي الرقي، شهد تطوراً كبيراً وملحوظاً، تجسد في ظهور تيارات فنية كثيرة، وهو جزء من المشهد التشكيلي السوري».
ويتحدث "الرفيع" عن مشروعه الفني الذي بدأه، ولم يفرغ منه بعد، حيث يقول: «في الواقع، إن أحد أهم المشاريع الهامة في حياتي الفنية، هي إنجاز معرض لمجموعة من كبار مبدعينا السوريين والعرب، سواء أكانوا شعراء أو أدباء أو مفكرين أو تشكيليين، وقد بدأت فعلاً بهذا المشروع الضخم، الذي لا أعتقد أنني سأفرغ منه قريباً، فعدد اللوحات التي أنجزتها، ما يزال قليلاً إلى الآن، فالبداية كانت مع "العجيلي" و"البياتي" و"أحمد شوقي" و"سعاد الصباح" و"عبد الرحمن منيف" و"فيصل البليبل"، وأتمنى أن أنجز هذا العام، عدداً أكبر من اللوحات».
وبسؤال الفنان التشكيلي "جورج شمعون" عن تجربة "الرفيِّع" التشكيلية، تحدث قائلاً: «ينتمي الفنان التشكيلي "محمد الرفيع" إلى المدرسة الواقعية في الفن التشكيلي بكل تدابيرها، ويكاد يكون أميناً على هذا المنهج التشكيلي الواقعي التصويري الذي هجره الرسم المعاصر، سعياً وراء التحديث في إغناء التجربة الفنية المعاصرة، على أن "الرفيِّع"، يقلب المفهوم الحداثوي المتطرف بتشظي اللوحة وحشدها بالرموز، إلى حداثته الواقعية التي اتسمت بالتصوير الجريء للطبيعة بكل تشكيلاتها الجميلة، ليظهر مهاراته الفردية في التقاط أدق الأجزاء وتنوير اللوحة بكتلة لونية، تترسم تلك الطبيعة ذات التكوين الأسطوري الجميل، الطبيعة بكل تجلياتها الثرة، والبيئة بكل مناحيها الشعبية والقروية والجبلية هي كل ما يشغل "الرفيِّع" من موضوعات، راهن على ريشته محترزاً من التقليد السريع ومن الانطباعية العابرة، التي قد تقيد نظرته في وصف المفردات، فالواقعية التي لازمت لوحاته كانت من الواقع وإليه، ناسجاً ما يتركه هذا الواقع، من حساسيات فنية، هي خميرة الفنان ولونه الذي لا يشير إلا إليه، بعيداً عن النظريات الفنية التي تثقل من تجربة اللوحة نقدياً في بعض الأحيان، وهو الأمر الذي يذكرنا على نحو ما قاله الفنان الفرنسي "كلود مونيه": لقد كنت أكره دائماً النظريات، وفضيلتي الوحيدة كانت الرسم بصورة مباشرة أمام الطبيعة، محاولاً في الوقت نفسه رسم الانطباعات التي تتركها الطبيعة عليّ، والرسم المباشر للطبيعة اتبعه الرسامون في كل مكان لا سيما رسامو المناظر الطبيعية الفرنسيون، في منتصف القرن الثامن عشر، ولا يشذ أو يتطرف الفنان "الرفيِّع" عن هذه القاعدة إلا بمقدار ما يتركه من أثر فني لامع، وما تركه في معارضه الأخيرة من أثر، كان واضحاً للجميع، رسوماته للطبيعة والبيئة كانت أبعد من الواقع، أي أدق وأمضى وأكثر نفاذاً في عمق اللوحة التي يرسمها، معبراً عن قوة الطبيعة بتفصيلاتها التي لا تقع عليها العين عادة، غير أنه يمتلك ريشة حساسة ليصل إلى كل تفصيل مضمر، ولا يبدو المشهد فوتوغرافياً جامداً، بل يمتلئ بالنبض الإنساني والحميمية، التي يركز عليها "الرفيِّع" وهو يرسم روح الإنسان في سعيه الحثيث لمواصلة الحياة، والفنان "محمد الرفيِّع" وهو يتداخل مع الطبيعة إلى حد صارم ومخلص، فإنه يسعى في كل لوحة إلى أن يترك انطباعاته الشخصية المستمدة من ذات الطبيعة، التي تزداد جمالاً بين شعيرات ريشته الساحرة».
والجدير ذكره أن الفنان "محمد الرفيع" من مواليد "الرقة" عام /1963/، ومارس العمل الفني بشكل مدروس منذ العام /1985/، تابع الرفيّع دراسته، وتخرج من معهد إعداد المدرسين (قسم العمل اليدوي) في "دمشق" عام /1985/، وهو عضو نقابة الفنون الجميلة، ومشارك دائم في المعارض الجماعية داخل المحافظة وخارجها، حاز الجائزة الأولى في مهرجان "حلب" القطري عام /1996/ كما حاز الجائزة الأولى في مسابقة نقابة الفنون الجميلة التي أقامتها بالتعاون مع نقابة المعلمين عام /2000/، في "طرطوس"، وحصل على العديد من شهادات التقدير والتكريم في مجال العمل الفني والتربوي، وأقام ثلاثة معارض فردية في أعوام /1991/ و/1996/ و/2002/، كما شارك في أكثر من خمسة وستين معرضاً جماعياً في محافظة "الرقة" و"دمشق" و"حلب" و"اللاذقية" و"طرطوس" و"الحسكة".