بعد كل ما توصلت إليه الكلمات، من عمق وإبداع، يأتي دور الموسيقا لتبدأ في إخراج الكلمات بلغة يفهمها العالم أجمع.. "تبدأ الموسيقا عندما تنتهي الكلمات" هو شعار يعمل من خلاله الموسيقيين رغم أنهم يوصفون بأنهم متحدثين غير جيدين إلا أنهم مؤمنون بأنفسهم، كما يقول بوتشيني:"إذا لم تؤمن بنفسك فلن يؤمن بك أحد".
ومن هذا المنطلق قدمت الفرقة الفيلهارمونية السورية أمسية موسيقية نشرت الدفئ في ليلة يوم الأربعاء الباردة..وبقيادة عازف "الترومبيت" وقائد الأوركسترا د. "ناهل الحلبي"، ومشاركة "عازف الكلارينيت" والمؤلّف الموسيقي "كنان العظمة"، قدمت الفرقة الفيلهارمونية يوم 18/2/2009 أمسية موسيقية في "دار الأسد للثقافة والفنون".
وبمشاركة ما يزيد عن 80 عازفاً قدم عازف الكلارنيت "كنان العظمة" واحداً من أجمل أعماله الموسيقية قابلها الجمهور بعاصفة من التصفيق..ليعود بعدها "كنان" ويقدم قطعة موسيقية أخرى من أعمال المؤلف الموسيقي "روستيني" ليست أقل روعة من سابقتها، وقبل فترة الاستراحة الأولى قدمت الفرقة مقطوعة "آريا من أوبرا" للمؤلف الايطالي "بوتشيني".
ويذكر هنا أن الفرقة "الفيلهارمونيّة" السورية تعتبر الأولى من نوعها عربياً وفي المنطقة، حيث بدأت تدريباتها منذ بداية العام/2006/، وتتألّف نواة الفرقة من تشكيلة كافّة الآلات الهوائيّة الأوركستراليّة (الخشبيّة والنّحاسيّة)، ومجموعة من الآلات الإيقاعيّة، حيث وصل عدد أفرادها إلى 200 فنّان حين يكتمل نصابها.
وكان الحضور الذي غصت به مدرجات مسرح الأوبرا على موعد مع السيمفونية الخامسة أو كما تسمى الأسطورة الموسيقية للمؤلف الروسي "تشايكوفسكي" خرج بعدها أعضاء الفرقة بعد أن نشروا موجات من الإحساس بالموسيقا وكأنها كلمات جميلة تهمس في فؤاد كل من يسمعها.
وخلال حوارنا مع بعض العازفين في الفرقة أكدوا أن وجود فرقة بهذا المستوى تقدم أعمالاً منتقاة بعناية من شأنه أن يقدم للموسيقا السورية روحاً أكبر وأعمق..كما ستكون سفيراً سورياً يجول في أرجاء العالم معرفاً بالقدرة الموسيقية والتميز الإبداعي لكل العازفين فيها.
وكان د."ناهل الحلبي" عازف الترومبيت وقائد الاوركسترا قال في تصريح للصحفيين: «الفرقة الفيلهارمونية السورية نشأت من حاجتنا إليها..ومن ضرورة تعديل وضع الموسيقا الحالي في سورية، فبعد كلّ حفل موسيقي يتحدث النقاد عن الأداء السيئ للآلات الهوائية والنحاسية..من هنا أتت فكرة هذه الفرقة بنواتها، وهي الآلات الهوائية فقط، الخشبية والنحاسية، مع بعض الآلات الإيقاعية، والفرقة تضم حوالي ستين عازفاً من الآلات الهوائية والإيقاعية»
أشار د."ناهل الحلبي"إلى أن «السيمفونية الخامسة ستعزف مجدداً خلال افتتاح مهرجان القديس "إليان" في مدينة "حمص" مع المطرانية الأرثوذكسية ومشاركة ثلاثة من مغني الأوبرا من إيطاليا وروسيا، إضافة إلى أن هذا الحفل سيعاد في دار الأسد ضمن فعاليات القدس عاصمة للثقافة العربية 2009 في شهر آذار 2009 وهناك جهود لتحقيق توأمة بين محافظتي "طرطوس وسافونا" من خلال مؤسسة الشام، وكما ذكرت "أوبرا توسكا" بمناسبة الذكرى الخامسة لتأسيس "دار الأسد"».
يذكر أن د."ناهل الحلبي" من مواليد 1976خريج المعهد العالي للموسيقا في العام 2000 ، أول خريجي إيطاليا الأجانب بأعلى شهادة في العلوم الموسيقية، عازف الترومبيت الأول في الفرقة السيمفونية الوطنية، أحد مؤسسي مؤسسة الشام للصداقة السورية –الإيطالية.
أما عازف الكلارنيت "كنان العظمة" من مواليد عام/ 1976/، خريج المعهد العربي للموسيقى ، والمعهد العالي للموسيقى، تتلمذ على يد "أناتولي موراتوف"، ويحمل شهادة البكالوريوس في الهندسة الكهربائية من "جامعة دمشق، حائز على الماجستير من معهد "جوليارد" للموسيقي في "نيويورك"، حيث تتلمذا على يد "تشارلز نيديش". يُحضر حالياً لدرجة الدكتوراه في الموسيقى بجامعة "نيويورك". كما حاز "كنان العظمة" على الجائزة الأولى في مسابقة "نيقولاي روبنشتاين" الدولية للعازفين الشباب في "موسكو" عام/ 1997/.