«يعتبر مهرجان القصة القصيرة عاملاً أساسياً في تطوير الثقافة الأدبية، يعد أن أصبح اللغط في الساحة الثقافة بالترحم على القصة القصيرة، إلا أن أقلام نابغة تظهر بتميز وهي تسبح في فضاء الأدب القصصي، وتقدم نتاجاً أدبياً يساهم في تفعيل دور النقد وثقافته لإغناء مشاريع الثقافية العربية».
هذا ما تحدث به مدير المهرجان "فاتح كلثوم" لموقع eSyria بتاريخ 15/2/2009 وأضاف بالقول: «مما لاشك بأن القاص"إبراهيم صموئيل" هو واحد من الأدباء المتميزين في عالم القصة القصيرة ومجموعاته طبعت أكثر من ثلاث مرات لشدة التأثير الأدبي والسردي وعوامل التشويق والتلهف لقراءة أعماله،وترجمت أعماله إلى الإيطالية والبلغارية، ومع التميز الواضح في فنية كتاباته القصصية وإتقانه لها، ما جعل مهرجان القصة القصيرة يسعى بكل جهده إن يضع في حساباته تكريم شخصيات أدبية عمالقة في بلدنا الحبيبة "سورية" ومن بين تلك القامات الأدبية القاص "إبراهيم صموئيل" إذ قدمت خلال المهرجان الكاتبة "نوال حلح" دراسة عن تجربة الأديب وهي أديبة وناقدة متميزة».
مما لاشك بأن القاص"إبراهيم صموئيل" هو واحد من الأدباء المتميزين في عالم القصة القصيرة ومجموعاته طبعت أكثر من ثلاث مرات لشدة التأثير الأدبي والسردي وعوامل التشويق والتلهف لقراءة أعماله،وترجمت أعماله إلى الإيطالية والبلغارية، ومع التميز الواضح في فنية كتاباته القصصية وإتقانه لها، ما جعل مهرجان القصة القصيرة يسعى بكل جهده إن يضع في حساباته تكريم شخصيات أدبية عمالقة في بلدنا الحبيبة "سورية" ومن بين تلك القامات الأدبية القاص "إبراهيم صموئيل" إذ قدمت خلال المهرجان الكاتبة "نوال حلح" دراسة عن تجربة الأديب وهي أديبة وناقدة متميزة
موقع eSyria التقى الكاتبة والناقدة "نوال حلح" التي أعدت دراسة عن تجربة المكرم في مهرجان القصة القصيرة القاص"ابراهيم صموئيل" أدبية بالحوار التالي:
*ما الدافع لك لتقديم دراسة مستفيضة عن تجربة القاص "ابراهيم صموئيل"؟
** الحقيقة هي أن الأسماء التي تبقى في الذاكرة قليلة، ومن تلك الأسماء "إبراهيم صموئيل" القاص، الحاضر الغائب الذي لفرط ما افتقدناه على منابرنا رجحنا سفره أو انعزاله، وعندما حضر في "مهرجان القصة" كنا نتشرف بحضوره بيننا كي نتواطأ مع قصه فيقدم له التكريم رشوة، كي يغمرنا بالمزيد من فيض حكاياته لا لنقرأها قبل النوم "لأنها ستصبح كوابيس" بل لنقرأها كل يوم بفضول التلصص على مشاعر الآخرين وانكسار كي نعي مشاعرنا المحتدمة التي اكتشفناها آن قرأناها في كلماته، وإذا كان أبطال "تشيخوف" قانعين بجهلهم الرخي وضيق أفق حياتهم ومسراتهم، فأبطال "صموئيل" ترهق كواهلهم قيود دراية جارحة واشتهاء للحياة وللطمأنينة مما يزيد مرارة يأسهم، ولكن كاتبنا يقاسم "تشيخوف" استياءه المحقون والمعلن إزاء الاستكانة واللامبالاة التي تجتاح الشعوب وتمنعها من الفعل أو رد الفعل.
*ما هو الانفعال النقدي الذي ولد لديك وما هو المميز بقصصه؟
*تمتاز قصة "إبراهيم صموئيل" بحدة اللقطة وقسوة التوصيف الداخلي بالإضافة إلى كثافة اللحظة المشحونة بأعلى درجات التوتر والانفعال، وتختزن لغته شعرية من نوع خاص، شعرية تتجاوز الصورة والرمز لتحلق في فضاء أرحب وأشف، فيغدو المعنى" بسيطاً كالماء واضحاً كطلقة مسدس" بكلمات رياض الصالح لاحسين، أما العناوين عتبات النصوص فهي صور مجازية مشحونة تشي بالمكنون الطافر للحكاية فنقرأ عتبة بعنوان "الوعر الأزرق" لتستشعر من خلالها وعورة الموج المالح حين يتحدى غريزة البقاء البشرية ويحاصرك بالهلاك فتتلاحق شهقاتك مع الشخصية، لتجد الماء يغمرك أنت وليس هي فتقبض على أنفاسك خشية الغرق، وعتبة أخرى تستوقفك هي "النحنحات" حيث تقودك إلى حكاية نحنحة بين سجينين تختصر اللغة بأصوات مجزوءة فتحمل باختزالاتها دفء التواصل الإنساني وألقه، وعن الشخصيات في المجموعات الثلاث، فهي على حد تعبير القاص نفسه حين يحكي عن الناس الذين يتدافعون في شوارع المدينة "صدور تنفتح وتضمر وهي تشهق هموماً، غابة من وجوه، وجوهٍ ممسوحة بالكآبة، ووجوهٍ مثلومة بالتوهان، وأخرى تنز فزعا مفزعا"، ثم تجيء النهايات فتتلاعب بك وتخدعك حين تتركك معلقاً في فضاء الحكاية، ربما لأن هذه الحكاية هي مشهد من مشاهد الحياة يجب استمراره ونموه في المخيلة على الأقل إن لم يكن على الورق، وربما ترك تلك النهايات مفتوحة رأفة بالقارئ من النهايات المفزعة والخائبة التي لا بد أن تكون بمستوى سوداوية الواقع الذي نضجت منه.
*متى استوقفك "ابراهيم صموئيل" وكيف؟
**يستوقفك "صموئيل" بديمقراطية السرد حيث إن ساردة لا يقوم بدور الإله العليم "فلا تراه يطل إلا للضرورة في ثنايا السرد إلا عند الضرورة" بل يمتلك السارد زمام المبادرة والتعليق والإسهاب وخلخلة الزمن السردي فيبدأ من حيث يريد وينتهي حتى لو لم تنته الحكاية، أما نساء "صموئيل"فهن مثل رجاله تتحمل المرأة منهن عبء العمل السياسي ومسؤولية الالتزام وضريبة الانتظار فهي الزوجة الدافئة الذكية، وهي المنتظرة لزوج يطول غيابه فيما تيبس هي عطشاً وبرداً، وخديجة التي تؤلمها مقايضة أبيها بها من أجل القوت ولكن ما يكسرها حقاً هو تشظي صورة والدها في روحها وتحوله من إله إلى رجل، وحتى عندما يعرّج "صموئيل"على المرأة المتواطئة أو الخائنة فهي دائماً تأخذ موقفاً أي أنها لا تتأطر داخل كونها موضوعاً بل هي ذات فاعلة سلباً أو إيجاباً على طول خط السرد عند "صموئيل" تعلو أنا السارد التي فارقت أنا الكاتب لتحلق في فضائها فتسرد وجع الخيبات ومع انكشاف تفصيلات أناه يرصد حرارة اللقطة القصصية وطزاجتها في "أنا" عاشق ياحره الفقر بضرورة السفر في قصة "الصقيع" وفي أنا ابن يشهد احتقان والده ساعة الموت، رغم تفاوت القصص برأيي في الأهمية والإمتاع إلا أن أسلوب السرد يظل مغرياً وأسراً.
*ما السبب تأثير الأسلوب السردي في أدبه؟
**ربما يعود السبب الرئيسي لتلك الفتنة إلى أن السارد يكثر الترتيب الزمني المنطقي لأحداث سرده كي يقلق القارئ ويبلبل دعيه لذا يبدأ السرد غالباً من الذروة أو ما بعد الذروة ليعود يفرع التفصيلات، إن كاتبنا يتسقط الوجع المخفي الذي ينجم إما عن قيود مجتمع يحاصد الطفولة بتعاليم العيب والحرام وبالقصر فيخطف منها عفويتها وصدق تعبيرها كما في قصص" المسافة" و"الغول" أو يتسقط ذلك الوجع الناجم عن صراعات ذات تقصف بها لحظة حاسمة فتنكشف أنا بأدق هواجسها ومكانة مخاوفها كما في قصة "الهاجس"و"صباح ذلك الأحد".