"شربل روحانا" ذلك الموسيقي الذي قاد قافلة فنية لتنهل من أعماق الفن القديم والتراثي، ثم أدار دفة القيادة باتجاه موسيقا وأنغام حديثة، فدمَج العود مع البزق والقانون، وغَمزَ الساكسفون ليبحر في معالم الموسيقا الشرقية، وليجود بأنغامه بين جمهوره اللبناني والعربي.
بتاريخ 26/3/2009 التقيناه وهو يمسك العود على مسرح "دار الفنون" في "دمشق" ليجود بكلماته وأنامله أنغاماً ترحل بك إلى السماء، هناك وأثناء تحضيره للحفل كان لنا معه هذا اللقاء السريع التالي.
** تقودني إلى فضاء رحب، دون فلسفة ودون كلام ودون أي شيء، إلى فرحة قلَّما أجدها في الحياة العادية واليومية، إنني أحلق مع هذه الموسيقا إلى عالم آخر يَمُتني بصلة كبيرة وواسعة.
** أنا أحب ما أفعل، ولا أقوده إلى أي مكان، أفرح بما أفعل وأتعذب فيما أفعل، وأفكر يومياً ومراراً وتكراراً، فأنا لا أقود موسيقاي بل أعيش لتقودني ولنرحل معاً وسط أنغام فسيفسائية، تبحر بعيداً لتبدع وتعود، أتلذذ بعذابي مع هذه الموسيقا لأجد الفكرة الجميلة التي تليق بالجمهور وتليق بمسيرة حياتي الموسيقية التي أعيشها.
** وجدتها في تلك العيون التي تحدق فيَّ وهي ترحل مع أنغام موسيقاي بكل شغف ومحبة.
** هو ليس نمطاً للحياة ولا قراراً، بل هو ما أشعر به في لحظات معينة أقوم به بكل بساطة، ليست غايتي أن أمزج الموسيقا الغربية مع الشرقية فهي نتيجة تراكم حضارات وثقافات، والذي يعيش بـ"لبنان" يعرف أن هناك تراكم إيجابي في كثير من النواحي، أنا أنطلق من الموسيقا الشرقية وما أضيفه لها يمكن أن يصنّف في خانة التلوينات للنص الأساسي، فهمّي ومهمتي لا تكمنان في إعادة إنتاج الموسيقا العربية التقليدية، إنما هو إعادة إنتاجها بالصورة التي تشبهني وتشبه هذا الواقع.
** هنا سأصارحك بشيء، هو أنني مع هذا الاقتباس، ومعظم أعمالي يتخللها القديم مثلما تحدثت أنت، وهذا من مبدأ أننا نملك إرثاً موسيقياً عظيماً، وأشعر من خلال هذه الاقتباسات أنني أنتمي إلى هذا المحيط وهذا يساعدني على أن أستوحي جملاً حديثة هي بحاجة للتواصل مع الموسيقا القديمة والربط بينهما، وأظن أنها طريقة أسهل لوصولها إلى الجمهور.
** إنه شعور رهيب عندما تعلو سطح المسرح، وفي نفس الوقت يكون هناك جمهور يحسسك بالدفء لتبدع بالعزف، وخاصة عندما يشعرك كل شخص بأنك تعزف له لوحده، فوقتها فقط نكون قد بلغنا القمّة.
** هو مسيرة حياة، وبكل ميادين الحياة هناك التزام، مازال هناك التزام من قبل الجيل الجديد، والجمهور يتقيد بالأغنية الراقية والملتزمة التي تعبر عن ثقافة الحضارات العميقة، وأنا أفرح كثيراً حين أرى جمهوراً من مختلف الأعمار والأجيال يستمتع بأعمالي ويشاركني حفلاتي.
ومن الجدير بالذكر أن "شربل روحانا" مؤلف وعازف وأستاذ آلة العود في المعهد العالي للموسيقا، وقد شارك في وضع موسيقا لاستعراضات «كركلا»، وأصدر العديد من الألبومات منها "تانشوف" 1986، "يوم عليك يوم عليك" 1990، "مزاج علني" 2000، و"كي لا ننسى" 2001، وشارك مع "مارسيل خليفة" في "جدل"، وانتخب أفضل موسيقي في لبنان عام 2000.