في فترة الثمانينات من القرن الماضي شهدت كرة القدم السورية تألقاً وتميّزاً على المستويين العربي والآسيوي، وقد ساهم عدد من النجوم بتحقيق ذلك التألق والتميّز بمعنوياتهم الوطنية العالية وجهودهم الحثيثة، ومن هؤلاء النجوم اللاعب المخضرم "مروان مدراتي" الذي مازال اسمه حاضراً وبقوة في ذاكرة المواطنين من عشاق منتخب "سورية" الوطني.

قبل التعرّف على هذا اللاعب أجرى مراسل موقع eSyria بتاريخ 8/7/2009 بعض اللقاءات مع مجموعة من "عشاق الرياضة" وسألهم عما يتذكرونه عن اللاعب "مروان" ورأيهم به كرياضي.

لقد كان جميع أعضاء الفريق نجوماً ولكن اللاعب "مروان مدراتي" كان لأدائه في الملعب نكهة خاصّة ومميزة فقد كان لاعباً مخضرماً وهدافاً من الطراز الرفيع قلما شهدت ملاعبنا من أمثاله

«"مروان مدراتي" لاعب سوري وعربي معروف وقد كان بحق أحد النجوم الذي شارك بصنع وتحقيق أبرز الإنجازات للكرة السورية في فترة الثمانينات من القرن المنصرم، وأدخل البسمة إلى قلوب عشاق كرة القدم في بلدنا بلعبه الجميل وأهدافه التي لا تُنسى.. (اسق لله أيام زمان)».

مروان مدراتي بلباس المنتخب الوطني

هذا ما قاله الأستاذ "أسعد عيسى" لموقعنا، وتابع بالقول:

«ما زلت أتذكّر أننا حينها (في فترة الثمانينات) كنا صغاراً وبعد انتهاء كل مباراة لمنتخبنا الوطني التي قلما كانت تنتهي بخسارته كنا نركض إلى بيدر القرية لنلعب بالكرة وبمعنويات عالية وكل واحد منا يتخيل نفسه لاعباً من لاعبي المنتخب، والطريف في الأمر هو أننا كنا نختلف دائماً فيما بيننا لأنّ كل واحد منا كان يريد أن يطلق على نفسه اسم "مروان مدراتي"».

منتخب سورية في فترة الثمانينات(أيام العز)

أما "مصطفى إبراهيم" فقد قال: «أشعر بنشوة كبيرة للماضي حيث كنا نستعد منذ الصباح لمشاهدة مباريات فريق "سورية" من خلال الطلب من عمي "حمو" أن يشغل المولّد منذ العصر( حينها لم يكن التيار الكهربائي قد وصل لقريتنا) وذلك بغية توليف الهوائي لتنقية صورة التلفاز أكبر قدر ممكن قبل بدء المباراة».

«لقد كان جميع أعضاء الفريق نجوماً ولكن اللاعب "مروان مدراتي" كان لأدائه في الملعب نكهة خاصّة ومميزة فقد كان لاعباً مخضرماً وهدافاً من الطراز الرفيع قلما شهدت ملاعبنا من أمثاله».

مروان مدراتي مع مراسل موقعنا

ولمعرفة المزيد عن حياة هذا اللاعب وتجربته الرياضية الغنية التقاه مراسلنا في المؤسسة العامة للخطوط الحديدية السورية -مديرية استثمار المنطقة الشمالية حيث يعمل الكابتن "مروان" موظفاً فيها وأجرى معه اللقاء التالي:

  • بماذا تخبرنا عن بداياتك مع كرة القدم؟
  • ** «بدايتي كانت في العام /1969/ حيث لعبت في قواعد (صغار) نادي "الحرية" في "حلب" ثم تدرّجت صعوداً في فرق الأشبال والناشئين والشباب، وفي العام /1984/ لعب مع رجال النادي، وفي العام /1986/ وأثناء تأديتي خدمة العلم انتسبت إلى نادي "الجيش" وبقيت ألعب في صفوفه حتى آخر حياتي الرياضية في العام /1996/، وفي نفس العام الذي لعبت فيه مع نادي "الجيش" /1986/ دُعيت للعب في صفوف المنتخب الوطني للرجال حيث كنت قد لعبت قبل ذلك التاريخ مع منتخب الشباب وبقيت ألعب فيه لمدة عشر سنوات».

  • ما هو أفضل إنجاز حققته مع نادي "الجيش"؟
  • ** «الحصول على بطولة الدوري السوري ثلاث مرات، والمركز الثالث في بطولة العالم العسكرية التي أُقيمت في "الدوحة" /1990/ بعد الفوز على "فرنسا" /2-0/ في مباراة تحديد المركزين الثالث والرابع».

    * ومع المنتخب الوطني؟

    ** «لقد حققت معه عدة إنجازات وأهمّها: وصولنا إلى المباراة النهائية من تصفيات كأس العالم /1986/ حيث لعبنا مع الفريق العراقي في مدينة "الطائف" -"السعودية" وخسرناها /1-3/ ، وكذلك تأهلنا إلى أولمبياد "موسكو" في "الاتحاد السوفييتي" السابق /1980/، والحصول على الميدالية الذهبية في دورة ألعاب البحر الأبيض المتوسط في مدينة "اللاذقية" /1987/ بعد فوزنا على "فرنسا" /2-1/، وتأهلنا إلى نهائيات كأس "آسية" في "الكويت" /1980/ وفي "سنغافورة" /1984/ وفي الأخيرة حققنا نتائج جيدة حيث فزنا على "كورية الجنوبية" وتعادلنا مع "السعودية" و"الكويت"».

  • أفضل مباراة لعبتها مع نادي "الجيش" ومع المنتخب؟
  • ** «كانت في تصفيات بطولة العالم العسكرية /1990/ حيث لعبنا مع الفريق الليبي بين جمهوره وعلى أرضه وتعادلنا /2-2/ وقد سجلت الهدفين السوريين، أما مع المنتخب فقد كانت مع المنتخب السعودي في دورة الألعاب الآسيوية في "الهند" /1982/ وتعادلنا حينها /1-1/ وقد سجلت هدفنا الوحيد».

    * عدد أهدافك الدولية؟

    ** «/27/ هدفا».

    * إنجازاتك الشخصية؟

    ** «اللعب كأساسي في تشكيلة منتخب نجوم "آسية" /1985/ وقد لعبنا مبارتين مع منتخب "المجر" في "قطر" خسرناها /0-2/ و /0-1/، في العام /1986/ دُعيت للعب في منتخب العرب ولكن لم أتمكن من تلبية الطلب بسبب الإصابة، والجدير بالذكر أنني كنت قاب قوسين أو أدنى للحصول على مركز أفضل لاعب في "آسية" في النهائيات التي أقيمت في "سنغافورة" /1984/ ولكن عدم تأهل الفريق السوري إلى الدور النصف نهائي من تلك البطولة حال دون ذلك بحسب القوانين والأنظمة التي كانت متبعة حينها».

  • ما رأيك بموضوع الاحتراف؟
  • ** «لقد أصبح الاحتراف في عصرنا الحالي من المواضيع الإجبارية التي لا بد منها، ولكن برأيي أننا في "سورية" لم نستطع الدخول إلى عالم الاحتراف بالشكل السليم، حيث أصبح المستفيد الوحيد من ذلك هو اللاعب والذي بدوره بات يعيش تحت طغيان التفكير بالمال والمادة وبالتالي ضعفت موهبته وبات عبئاً على ناديه والصحيح هو أن يتم تحقيق احتراف إداري وتدريبي وغيره، بمعنى أن العقلية الاحترافية ما زالت ضعيفة لدينا، ويعود ذلك في جزء كبير منه إلى ذلك فقر أنديتنا بشكل عام لذلك أقترح أن يتم تقليل عدد الأندية السورية وتخصيص ميزانية من الاتحاد العام الرياضي لكل نادٍ لمساعدته في عملية الاحتراف من حيث المدربين واللاعبين وغير ذلك».

  • برأيك ما هي أسباب تألق المنتخب الوطني في الثمانينات من القرن الماضي وتراجعه اليوم بحيث بات عاجزاً عن دخول أي منافسة عربية وآسيوية؟
  • ** «لقد كانت الأندية في تلك الفترة تُخرّج النجوم الذين كان همهم الوحيد العمل على رفع مستوى وشأن كرة القدم في البلد ولم يكن يفكرون بالمادة مثل لاعبي هذه الأيام، ثم إنّ الأندية اليوم لم تعد تهتم بالقواعد كالسابق لأنها تفكر بدلاً عن ذلك بشراء اللاعبين».

    «على أيامنا كان اللاعب يلعب مع المنتخب أكثر من عشر سنين بحيث لا تتغير تشكيلته لعدة سنين، أما اليوم فالمنتخب يتغير بين هذه الدورة وتلك وذلك يعود إلى طغيان المادة على تفكير اللاعب ويتم ذلك على حساب موهبته».

  • طموح رياضي لم يتحقق بالنسبة لك؟
  • ** «اللعب محترفاً خارج القطر رغم أنه جاءتني عقود كثيرة أهمها: من نادي "ستيوا بوخارست" الروماني الذي كان ينافس على بطولة "أوربة" حينها ومن "الريان" القطري و"النصر" الإماراتي ولكن للأسف لم أستطع ذلك بسبب منع الاتحاد لذلك».

  • اقتراحاتك لتطوير كرة القدم السورية؟
  • ** «تطوير الدوري من خلال تطوير الأندية وتقليل عددها والتعامل بالصدق والصراحة من قبل الاتحاد الرياضي العام وإخراج المنتخبات الوطنية من حيز العلاقات الشخصية من حيث تعيين المدربين واللاعبين والإداريين وغيره، وكذلك الاهتمام بالقواعد والصغار لرفد الأندية والمنتخب بهم».

  • وأخيراً وبعد هذه الإنجازات للوطن ومنتخب الوطن، ألم يبادر الاتحاد الرياضي العام بتكريمك مع زملائك الرياضيين القدامى؟
  • ** «أقولها وبكل أسف لم يتم ذلك لا من قبل الاتحاد ولا حتى على مستوى مدينة "حلب"، والجدير بالذكر أنني لم أعتزل كرة القدم ولكن بموجب قرار من الاتحاد الرياضي العام تم (عزلي) في العام /1996/ بسبب عدم سفري مع المنتخب إلى "تونس" لأنني كنت على وشك السفر إلى "الإمارات" للعب مع أحد أنديتها».

    يُذكر أنّ اللاعب "محمد مروان مدراتي" هو من مواليد مدينة "حلب" في لعام /1959/ وهو متزوج وله أربعة أبناء (صبي وثلاثة بنات)، وقد أتّبع بعد (عزله) -كما يقول- عدة دورات تدريبية حيث قام بتدريب عدة فرق من أندية الدرجة الثانية مثل "الحرفيين" -"اليرموك" -"مورك" -"الجلاء".