لم تنل عاتيات الزمن من الطقوس المؤرّخة على جدران معبد سليم البازلتية منذ 2000 عام، فسرج الفخار ما زال ينتظر من يضيئه، ورائحة البخور والمسك والطيب ما زالت تعبق في كل أرجاء المكان.
تاريخ راسخ
يشير رئيس دائرة آثار السويداء "خلدون الشمعة" لمدونة وطن eSyria" إلى أن الزائر لمعبد سليم يشعر وكأنه مرتبط مع الجذور، ومتواصل مع الماضي، فأروقته ما زالت تفوح منها رائحة ذكريات الأقدمين، حيث الذكريات تذكارات والتذكارات شارات موغلة في أعماق الذاكرة، فالمعبد ورغم بقائه وحيداً طوال هذه السنين، وخاصة بعد أن أفنى الموت قاطنيه، لا يزال حارس الحضارة الأمين، فمن يجالسه كأنه يجالس التاريخ، ليطلعه على أحداثٍ مضت، لكنها ما زالت حاضرة، كشاهدٍ على ماضي تلك الأيام.
ويتابع "الشمعة" حديثه بالقول: "المعبد الذي يتوسط قرية سليم ما زال يقف شامخاً مشرعاً أبوابه الحجرية نحو الشرق، مرحباً بمن أتاه زائراً، وعندما تزوره فإن أول ما تراه عينك رواقه الذي يسبق مدخله، فمن يجيد القراءة الأثرية بتمعن وإتقان يستنتج أن هذا المعبد يحمل صفات المعابد الرومانية، والمتصفح لأرشيف المعبد الأثري سيلحظ أن مكان التمثال الذي كان يقدسه قاطنو تلك المنطقة منذ نحو ألفي عام ما زال محفوراً في صدر المُصلى ضمن محراب تفننت في نحته أياد ماهرة متمرسة في فن النحت، فالمعبد ورغم طول السنين ما زال يتربع على مصطبة حجرية تزيّنها عدة درجات بازلتية، تقود زائري المعبد إلى مدخله الرئيس، وقبل أن تدخله لا بد لمن أتى المعبد مستكشفاً أن تكتحل عينيه بتلك الأعمدة الضخمة، التي تعلوها تيجانٌ مزخرفة غاية في الروعة والجمال".
كلام البازلت
وفي السياق ذاته تقول الآثارية "ربيعة أبو بكر": إن "المتجول في أرجاء هذا المعبد الذي أبصر نور الولادة البنائية والإنشائية في القرن الأول الميلادي؛ سيلحظ أنه بني بحجارة بازلتية ناعمة، كُتبت على صفحاتها قصة حضارةٍ لم تمت، فرغم أنها خرساء، إلا أنها تجيد التعبير بالإشارة، لتنبئك عن تاريخ هذا المعبد الغني بالزخارف والنقوش الحجرية التي لها مدلولاتها الدينية والاجتماعية، ومن يترك المدخل جانباً ويَهم بالدخول إلى أروقته الداخلية، فلا بد أن تصادفه على جانبي المدخل غرفتان هما عبارة عن برجين، يستطيع الزائر أن يصل إلى سطحهما بواسطة درجٍ حجري ما زال في حالة جيدة".
وتضيف أبو بكر": " يقدم المعبد لزائريه صورة رسمية ونقشية ولا أجمل بدءاً من التيجان ذات الزخارف الهندسية، وانتهاءً بنقوش الأزهار والنباتات والشرائط الحلزونية، فالمعبد يقدم صورة رائعة عن فن العمارة في تلك الحقبة، التي تعبر عن امتزاج الثقافات بين الإمبراطوريات القديمة خلال الفترات الكلاسيكية".