(أعتبر نفسي مظلوماً أدبياً لذلك احتج بصمت) فعلى الرغم من أن وضعه الصحي كمقعد لم يسمح له بدخول المدرسة إلا أنه خلق لنفسه مدرسة خاصة تمتد أسوارها على مدّ النظر تتألف من مئات الصفوف وعدد لا يحصى من التلاميذ، أما المعلمة فكانت الحياة بحلوها ومرّها.
يتسم حديثه بالدقة والشفافية ويمتلك جرعة تواضع تليق بكاتب أما أفكاره فهي واضحة للعلن لا استتار فيها يتميز بالغرابة في طرح أفكاره وبغرابة الحلول الصعبة التطبيق منطقياً. من الكتّاب الذين يفضلون عدم التحدث عن مراحل حياتهم الشخصية ربما لأنه يرى أن ذلك قد يؤثر بشكل أو بآخر على مسيرته الأدبية أو لأنه يحاول الوصول إلى القمة بقلمه وفكره دون أي اعتبارٍ آخر.
عندما ندرك المأساة تماماً نكون أكثر قدرة على إطلاق الضحكة، لا أحب الحديث عن حياتي الخاصة حالياً، والسبب أن كتبي لم تأخذ حقها من الانتشار والشهرة فلم تسلط الأضواء على تجربتي الإبداعية حتى الآن، والسبب يعود إلى أنني لا أمتلك المال الوفير، وليس لدي علاقات شخصية جيدة مع المتنفذين، ولا أشغل منصباً مهماً، لهذا سأتحدث عن حياتي في الوقت المناسب
هو الأديب "سامر أنور الشمالي" من أبناء مدينة "حمص" مواليد عام 1971 من أصحاب الأقلام التي تصوغ أنواع متعددة من الأجناس الأدبية كالقصة القصيرة والرواية وأدب الأطفال والمسرح والنقد الأدبي.
موقع eHoms زار الأديب "الشمالي" في مكتبه والذي حدثنا عن بداياته الأدبية والإبداعية والمراحل والظروف التي مرّ بها بقوله: «لا شك أن هناك عوامل مختلفة ومتعددة كانت وراء قراري في أن أكون كاتباً، فربما تولدت لدي الرغبة في الكتابة من كثرة ما قرأت ويعود ذلك لطبيعتي الحساسة، ولعل مخيلتي كانت وراء احترافي الأدبي، وبالتأكيد الموهبة التي منحني إياها الله لها الدور الأساسي في ذلك. وعن الظروف التي مررت بها فهي ملتبسة وذات طابع إشكالي، فالكاتب المحترف هو الذي يستطيع الكتابة متى رغب، ولا أعتقد أنه سينتظر الإلهام، وإن كان هذا أحد أسباب الكتابة، فالكتابة الجادة ليست اتكال على المصادفات الخارجية، ومهما كانت الحالة النفسية والجسدية والثقافية التي هو فيها».
ويضيف: «أما مواضيعي فهي غير محددة، ولا أضعها في إطار مسبق، أي موضوع يمكن أن أكتب فيه، ولكنني عادة أفضل الكتابة عن المواضيع الجديدة، وإذا لم أعثر عليها أتناول المواضيع المعروفة ولكن من زاوية جديدة، فالابتكار شرط أساسي في الإبداع، ويجب أن يكون في كل نص شيء جديد يدهشنا بقدر ما يمتعنا، وهذا لا يعني أن النص ذاته لا يتضمن الكثير من الأفكار والمشاعر، لذلك لا أتبع أسلوباً محدداً، أختار الموضوع ثم الأسلوب المناسب له وهذا سبب أساسي في تنوع الأجناس السردية التي أتعامل معها، بالإضافة إلى قراءاتي الكثيرة في أجناس عدة، ولعل أفكاري تحتاج إلى أكثر من أسلوب كي تخرج إلى النور بحلة مناسبة، ويجب الانتباه إلى أنني أحاول صناعة أسلوبي الخاص وذلك بطريقة معالجة مميزة في اختيار المواضيع التي تناسبني».
المثابرة والعمل الجاد عنصران أساسيان للوصول إلى أولى درجات الإبداع، والطبيعة البشرية تحتم على الإنسان أن يتفاخر بحقبة من حياته الخاصة، فلماذا "الشمالي" لا يحبذ الحديث عن مراحل حياته، خصوصاً تلك التي دفعته للظهور في عالم الكتابة فيقول: «عندما ندرك المأساة تماماً نكون أكثر قدرة على إطلاق الضحكة، لا أحب الحديث عن حياتي الخاصة حالياً، والسبب أن كتبي لم تأخذ حقها من الانتشار والشهرة فلم تسلط الأضواء على تجربتي الإبداعية حتى الآن، والسبب يعود إلى أنني لا أمتلك المال الوفير، وليس لدي علاقات شخصية جيدة مع المتنفذين، ولا أشغل منصباً مهماً، لهذا سأتحدث عن حياتي في الوقت المناسب».
أما عن المدرسة الأدبية التي ينتسب إليها والدوريات التي ينشر فيها قال: «الكاتب الحقيقي لا يقرر الانتماء إلى مدرسة أدبية قبل الإمساك بالقلم بل تلك المدارس تخرج من أقلام المبدعين نتيجة التراكم الإبداعي لا غير، فالمدارس المصنوعة ببيان لن تقدم أدباً عظيماً، وحدهم الأدباء الكبار يصنعون المدارس بانتمائهم إلى الإنسان بشؤونه البسيطة وقضاياه الكبيرة. أما عن الدوريات، فلا ألتزم بمجلة أو صحيفة معينة، يكفي أن تتوافر في المطبوعة الشروط الأدبية المناسبة لي. وأعتقد أن النشر في الدوريات أمر ضروري للكاتب كي يتواصل مع الحركة الأدبية. وعن الذين يتحدثون عن غزارتي في النشر فأقول لهم: «إن كل مادة أكتبها تأخذ مني ساعات طويلة من العمل الدؤوب والقراءة المضنية، فمعظم يومي أقضيه في القراءة والكتابة، أي أنكم لو عرفتم الوقت الذي أعمل به لتأكد لكم أنني من المقلين في الكتابة والنشر».
الجائزة هي تكريم للأديب، فماذا أضاف المركز الأول لجائزة الدكتور "نبيل طعمه" في مسيرة الأديب " سامر الشمالي" لا سيما أنها أكبر جائزة سورية وعلى أكثر من صعيد، فأجاب: «الجائزة تكريم للأديب حقاً، وأنا شخصياً غير محظوظ بإحراز الجوائز لأنني أكتب بطريقة مختلفة عن السائد، وهناك الكثير من الوقائع التي تفرضها طبيعة كل جائزة، فالجوائز تمنح عادةً للكتّاب التقليديين، ورغم ذلك حالفني الحظ بلجنة جيدة ذات ثقافة أدبية رفيعة حتى نلت المركز الأول. وكما أقول دائماً (إن هناك الكثير من الجوائز التي تخسرني فتظلم تاريخها)».
أما عن رأيه كناقد في المستوى الذي وصلت الأجناس الأدبية في سورية، سواء على صعيد الرواية أو القصة أو أدب الأطفال في سورية، قال: «أستطيع القول إن الأجناس الأدبية متعالقة معاً وإن قضاياها وهمومها متقاربة، ولكن الرواية تصدرت المشهد الأدبي على حساب القصة القصيرة وهذا ظلم القصة القصيرة وكتّابها، أما أدب الأطفال فهو أكثر الأجناس الأدبية تهميشاً رغم أهميته، لا سيما أنه الخطوة الأولى لصناعة جيل قارئ في مجتمع طغت عليه الأمية الثقافية دون أن يتجاوز معضلة الأمية الأبجدية. ويجب الإشارة إلى أن الحركة النقدية في سورية تفتقر إلى الضمير الأخلاقي والمبادرة الشجاعة، فالنقاد يلجؤون عادة إلى تكرار المقولات السابقة دون إضافات جديدة، ويعيدون تناول شخصيات أدبية وأعمال أدبية بالطريقة ذاتها، كما طغت الدراسات السطحية في الصحافة كبديل للنقد الأدبي، وهذا أمر لا يبعث على الطمأنينة للمستقبل الأدبي».
ومن الجدير بالذكر أن "سامر الشمالي" يمتلك حصيلة جيدة من الإنتاجات الأدبية، لقد طبع حتى الآن أحد عشر كتاباً، ولديه مخطوطات في أجناس أدبية نشر في مجالها سابقاً مثل: الرواية والقصة القصيرة وأدب الأطفال، بالإضافة إلى أجناس لم ينشر كتباً في مجالها مثل: المسرح والنقد الأدبي، بالرغم من أنه كتب فيها منذ سنوات في الكثير من الدوريات، فلا يعود ذلك لأسباب شخصية بل لأسباب تتعلق بالمؤسسات الأدبية والثقافية.