«دعوتي له كانت قبل وفاته بـثمانية أشهر، لبى رغبتي، وحضر برفقته مجموعة من الناس، منهم الأمير "يحيى الأطرش" والسيد "عبد الله الأطرش" والشيخ الجليل الراحل "حسين أبو فخر"، ومنذ وطئت خطواته الأولى درب بيتي ذبحت النذور حتى ألقى بنفسه الحرم بوقف الذبح ثم دخل مضافتي، وقلت في حضوره: "خذ سلامي لصاحبين المبادي/ هم ربع سلطان هم أهل الحمية/ هم أباة هم حماة للسداد/ هم بني معروف ما عنهم خفيّة/ دخيلهم محفوظ ما تمسه الأيادي/ ما يشوف الضيم بحواله هنية"».

والكلام للشاعر المحسن "نواف الحلح" أبو "أكرم" الذي تحدث لموقع eSyria عن زيارة المجاهد الراحل "سلطان الأطرش" إليه، وعن حياته مع الإحسان في ظل التوحيد وسماته الحكيمة، وذلك خلال زيارتنا له بتاريخ 13/10/2009 بمنزله في "السويداء"، وأضاف: «إن المجاهد الراحل "سلطان باشا الأطرش" إنسان عظيم الرأي والمشورة، قائد حربي فذ، صاحب حكمة وفضيلة في مجتمعه وحياته، وهو في كل وقت يستحق التكريم ومهما عملنا لتكريمه نبقى مقصرين. حضوره إلى بيتي ترك ذكرى حميمة لا تنسى، ولا أنسى كيف حدثنا خلال جلسته عن الماضي وعن الحياة التي كانت قديماً، مروراً بالثورة وبدء تشكلها والمواقع التي كان بها مع الثوار، ولم يكن في قوله كلمة أنا بل كان يقول: "نحن ورفاقنا"، حيث إنك تجد في منطقه السماحة والتواضع وتلتمس الهيبة والحزن… زيارته هذه أغنت مكتبتي بصور توثيقية رائعة له ولضيوفه الذين قدموا معه».

نواف شخص نقي، لين الكلمة، وجداني في طبعه ومعاملته مع الناس، محسن في ماله، تواق لعمل الخير حيث تلقى له أعمالاً خيرية في مناطق كثيرة من "جبل العرب"، أمين بين أناسه ومجتمعه، متحدث وخطيب، يعمل على تكريم الشخصيات التاريخية، وفي كل سنة يقيم مأدبة طعام لأكثر من مرة تكريماً للشعراء والأدباء والشخصيات الاجتماعية المعروفة في "السويداء" ومناطقها

وقال حول رؤيته لرجل التوحيد، والسمات التي عمل عليها في حياته مع الإحسان: «الموحد: رجل شجاع، محافظ على دينه وإخوانه، صادق بفعله وعمله، غير طامِعٍ أو جشع، همّه في التقوى والعمل الصالح، وأنا ممن عملوا على هذه المبادئ وحرصوا عليها في حياتهم وتجوالهم، من خلال بعض الأعمال والتبرعات الخيرية، مثل إقامتي لسبل ماء أو تبرعي بمبالغ مالية كبيرة من أجل الفقراء في أكثر من بلد، مثل: "الغارية و"مفعلة" و"ملح" و"الحريسة" و"خلخلة" و"الرشيدي" و"السويداء"».

وأضاف: «الزمن يمضي سريعاً ولا يبقى من الحياة إلا الفعل الصالح ذكرى تعاد كلما حضر جالسوها، لذلك تجد الموحد يعنى بآخرته أكثر مما يعنى بدنياه، وقلت في قصيدة لي عن عمل الخير: "أحسن إذا أمكنك الإحسان/ ما دمت تنعم أيها الإنسان/ كن كريماً من عطا الله لك/ تكرم إذا ما انتصب الميزان/ إن الظروف تفوتك إن لم تكن/ حذراً إذا جارت بك الأزمان/ افعل فعال الخير لا تبطئ فكم/ من حامل قد لفه النسيان/ المحسنون أناس هم ومكرمة/ إن الكريم بقلبه يقظان/"، وقال أحد الخطباء: "كريم الأصل كالغصن، كلما زاد من خير الرحيم تواضع وانحنى"، وأقول: "الحياة دقائق وثوان، فارفع لنفسك قبل موتك، فإن الذكرى لك عمرٌ ثان" وهذا جزء مما علمني إياه حكماء التوحيد في جبل العرب، وكم أعود بالوفاء لوالدي "طاهر الحلح" للسمات الكريمة التي رباني عليها، إنه صاحب الموحّد الراحل "أبو علي ـ حسين صافي" الذي يعدّ من الراحلين الأجلاء في بلدة "ملح"، وله حجرة مباركة تخلد ذكراه في الجهة الجنوبية منها».

وبعد السؤال عن شخص وأعمال الشاعر المحسن "نواف الحلح"، قال شقيقه الأصغر "يونس" وهو متذوق للأدب والعلم: «نواف شخص نقي، لين الكلمة، وجداني في طبعه ومعاملته مع الناس، محسن في ماله، تواق لعمل الخير حيث تلقى له أعمالاً خيرية في مناطق كثيرة من "جبل العرب"، أمين بين أناسه ومجتمعه، متحدث وخطيب، يعمل على تكريم الشخصيات التاريخية، وفي كل سنة يقيم مأدبة طعام لأكثر من مرة تكريماً للشعراء والأدباء والشخصيات الاجتماعية المعروفة في "السويداء" ومناطقها».

عند زيارة الباشا له

وأضاف: «اللافت فيه أنه يكتب قصيدة تكريم لأي شخصية تاريخية راحلة يعرفها أو يتعرف إلى تاريخها ثم يعمل على تزيينها ببرواز جميل وينسخ منها مئات الصور ويقدمها هدايا لمن يحب ويحترم. أما الشعر فقد بدأ بنظمه منذ الصغر، واستمر في الكتابة حتى بات له أسلوب وجداني خاص وأسلوب نقدي مجابه للخطأ، مقوم للنفس، متعارض مع كل ما هو دخيل لا يتلاءم مع قيمنا وأخلاقنا».

وقال الأديب الشاعر "محمد شجاع": «"نواف" صفحة بيضاء يقرؤها أي شخص يزوره ويلتمس السماحة والبراءة من معالم وجهه وإنسانية معاملته، تتمثل فيه سمات النفس الفاضلة المحمودة في كل وقت، والمعروف عنه إحسانه وإكرامه للفقير، فقد عمل في الكويت فترة طويلة وجمع مبالغ عالية من المال، صرف منها جزءاً كبيراً منها تبرعاً من أجل الخير، والقليل من الناس يعلم صاحب تلك الحسنات المخفية من يكون».

في مضافته

وأضاف: «أذكر موقفاً له حدث منذ /25/ عاماً عندما تبرع بمقدار 25000 ليرة سورية لإتمام موقف في بلدة "خلخلة" (50 كم عن "السويداء" باتجاه "دمشق") وهذا المبلغ في ذلك الوقت ليس بقليل، كما بنى سبيل الماء في مقام "عين الزمان- السويداء" وعمل على إكساء بيوت الفقراء ومنهم من كان يرسل إليهم المؤونة في بلدته "ملح" وفي الجبل عموماً، ومن أعماله أيضاً "مظلة النصف" في موقف "مفعلة" وإذا ناقشته بفعل الإحسان الذي يقوم به، يقول لك: "كن فاضلاً في الدنيا حتى تصعد سلم العلو إلى رحمة الله"».

يذكر أن الشاعر "نواف الحلح" مولود عام 1936 في بلدة "ملح"، تربى وسط أسرة كريمة متواضعة العيش، في حياتها الأخلاق والفضيلة حتى بلغ /13/ من عمره فقدم إلى "دمشق" لأجل العمل، وبعد /5/ أعوام سافر إلى لبنان ثم إلى الكويت وبقي فيها /41/ عاماً وهناك كانت له دراساته حول التراث وبعض القراءات التاريخية المتعلقة بالأعلام والفلاسفة، وقبل عودته من الكويت اشترك مع أحد الأصدقاء بمقهى في شارع "السالم" سمياه "أبو خليل" ومنه ارتفع رصيده المالي واستطاع بعد عودته أن يقيم مشاريع استثمارية في "السويداء"، منها: مشروعا "العنب" و"التفاح" بظهر الجبل ومشروع "زيتون" على طريق بلدة "الثعلة" وذلك إلى جانب المشاريع الخيرية التي قام بها، وهو مشترك في جمعيات مختلفة في "السويداء"، مثل: جمعية "الرعاية الخيرية"، وجمعية "الهلال الأحمر"، وجمعية "المسنين"، وجمعية "الشعر الشعبي"، وجمعية "صندوق الرعاية الاجتماعية" في بلدة "ملح"، وله تبرع مسبق في كلٍّ منها حتى عشر سنوات للأمام».