على بعد 18 كم إلى الشمال من مدينة "حماة" وعلى ربوة تكاد تبزغ عن وجه الأرض، متوسطة قرى ومدن "اللطامنة، صوران، معردس، قمحانة" تجثو بلدة "طيبة الإمام" شاغلة مساحة تبلغ حوالي 66 ألف دونم، نال البناء من ثلثها تقريباً ومحاطة بعقد أخضر يلتف حولها من معظم جوانبها كما يلتف العقد حول عنق رقبة العروس، عقد كانت مفرداته أشجار الفستق الحلبي والزيتون بالإضافة إلى أنواع أخرى عديدة أنبتتها أرض "طيبة الإمام" الخصبة من البطاطا والقمح والجبس أجبرت معظم أبنائها من غير المزارعين أن يكونوا تجاراً فالبلدة مشهورة بكثرة تجارها ومثقفيها.
موقع مدونة وطن eSyria زار بلدة "طيبة الإمام" وكان له جولة بدأها من المتحف الذي يحوي إحدى أكبر قطع الفسيفساء في العالم، السيد "عبد الباسط كيزاوي" مدير المتحف في "الطيبة" حدثنا عن اللوحة قائلاً: «ترصف هذه اللوحة أرض كنيسة "الشهداء القديسين"، وهي مزينة بأشكال هندسية ورسوم لحيوانات وأبنية وكنائس من بينها كنائس بيت لحم والقدس، وتحكي قصة التطور الحضاري الذي مرّت به المنطقة، وتشير الكتابات اليونانية عليها إلى اسم الشخص الذي وهب هذا الفسيفساء للكنيسة عام 442 م، أي في العهد البيزنطي».
هذه الحميمية بين الأهالي جعلتهم لا يفارقونها، حيث تتصف البلدة بالأمان، والصغير فيها يحترم الكبير
السيد "محمود جمعة العوض" قال: «سميت كذلك نسبة لمرور الإمام "علي" منها وهناك ضريح كان يظن الناس أنه لأحد أحفاد الإمام "علي بن أبي طالب" إلا أن الحفريات والبعثات العلمية أكدت أنه للحفيد السادس للإمام "علي بن أبي طالب" وكما قيل "علي بن زين العابدين" والضريح موجود في مسجد الإمام "علي" حتى الآن».
السيد "رامز حيلاوي" مدرس لغة عربية قال: «منذ قديم الزمان روي أن عمالاً كانوا يعملون في جبل "زين العابدين" ولما نفدت عنهم المؤونة من الماء والطعام استطعموا أهل القرى المجاورة فلم يلبوهم حتى وصلوا إلى مدينة الطيبة فقام أهلها بضيافتهم وحملوهم الطعام والشراب فقال أحدهم شعراً بدأه بـ «أطيبة طيب أهلها من الكرم والجود».
أما السيد "عبد الرزاق عبد الرحمن" من أهالي الطيبة فقال: «كانت المدينة تسمى "طيبة العلا خربة" لأن أول أبنية قامت بها كانت في منطقة منخفضة وتشبه الخرابة وما تزال بعض القناطر شاهدة على المدينة القديمة».
ومن أحد الأمور المدهشة في البلدة هو عدم وجود مخفر للشرطة فيها بالرغم من التزايد السكاني الكبير، عن ذلك حدثنا السيد "عبد الله أبو حسن" –موظف-: «طيبة طباع أهل "طيبة الإمام" وجوها الهادئ خالٍ من المشاكل منذ القدم وما تزال حتى الآن والدليل أنها تحوي حوالي 35 ألف نسمة ولا يوجد فيها مخفر للشرطة فالمشاكل وإن حدثت تحل ببوسة شوارب بتدخل الوجهاء من الأهالي».
أما السيد "عوض علي الموسى" من مواليد 1935 فقال: «المحبة سيدة "طيبة الإمام"، هنا لا مكان للخلاف، كلّ أهالي البلدة يحترمون بعضهم، وإن حدثت في بعض الأحيان بعض المشاكل، فكبار البلدة يحلونها فوراً وقبل أن يتضخم حجمها».
ويقول السيد "حسين محمد الحسين" –كهربائي-: «هذه الحميمية بين الأهالي جعلتهم لا يفارقونها، حيث تتصف البلدة بالأمان، والصغير فيها يحترم الكبير».
وأضاف "عبد العزيز الحجي" -ضابط متقاعد-: «بالرغم من الدور المهم لرجال الشرطة في حل الخلافات، وبالرغم من التطور السكّاني للبلدة والتوسع الأفقي، إلا أن الكل يتحاور بهدوء، وعند حدوث سوء التفاهم، فلا داعي لزيادة الأمور سوءاً، كبار القرية بمثابة الحكم المنصف والعادل».