ليست كأي قرية، لكنها تحمل نفس الطعم والنكهة التي تتحلى بها كل القرى التي تتبع لمدينة "سلمية" اسمها "تل التوت" ومن اسمها نعرف جيداً أنها تشتهر بزراعة التوت، تعتبر قرية سياحية رغم وجودها على مشارف البادية، لكن هلاّ زرتها مرة لتتأكد أنك تزور مدينة بسبب ما يصادفك من شاخصات تعريفية، وشاخصات للتوعية، وطريق رئيسي مُنار بطريقة حديثة، كما ويجب أن نعرف جيداً أنها "قـُـبلة سلمية، ومصيفها".
موقع eSyria زار هذه القرية التي تبعد عن مدينة "حماة" بـ 45 كيلو متراً، وإلى الشرق "سلمية" بـ 10 كيلو متر.
ثم لحق بهما عدد من العائلات كـَ"آل حسن يوسف"، "وآل ضوا"، وبعض من "آل الشيخ حسن عواد", وكانوا قد بدؤوا استصلاح القرية وإسالة المياه فيها
لمعرفة المزيد عن هذه القرية التقينا الأستاذ "خالد يوسف" رئيس مجلس بلدية "تل التوت" يوم الخميس 1تشرين أول 2009.
فقدم لنا لمحة تاريخية عن هذه البلدة، فقال: «تعتبر "تل التوت" من القرى التاريخية في المنطقة، وهناك إشارات كثيرة على تاريخها، ففي العام 1891م ، أعيد بناء قرية "تل التوت" الحديثة وقد وفدت إليها أول الأمر عائلتان هما " آل الحاج"، و"آل الضحاك" وذلك لأن أملاك العائلتين كانت في منطقة "الشيخ علي" الزراعية، ولأن هذه الأملاك لم تكن لتتسع لهم فكر كل من "حسن الحاج"، و"علي الضحاك" بالرحيل إلى الخرابة التي يقع فيها "تل التوت" والذي يطل على سهل خصيب، وفوراً بدأ العمل في بناء المنازل، خاصة منها ما يأخذ شكل "القبب" المخروطية».
وأضاف: «ثم لحق بهما عدد من العائلات كـَ"آل حسن يوسف"، "وآل ضوا"، وبعض من "آل الشيخ حسن عواد", وكانوا قد بدؤوا استصلاح القرية وإسالة المياه فيها».
وعن التكوين الطبيعي والمناخي قال: «تقع "تل التوت" في منطقة شبه صحراوية، وهي ذات أراضٍ سهلية، ويغلب عليها المناخ الصحراوي، إذ لا يتجاوز معدل الأمطار السنوي 275 ملم في السنة».
وعن المكون البشري في قرية "تل التوت"، قال: «أهالي هذه البلدة من أصل عربي سوري، وعدد السكان حوالي /4000 نسمة/، وفيها خليط اجتماعي متنوع يميزها عن بقية القرى المجاورة، والعلاقات التي تربط هذا التنوع يعتبر مميزاً وحصناً منيعاً لها».
أما الواقع الاقتصادي فيتحدث عنه قائلاً: «يرتكز الوضع الاقتصادي لمعظمهم على الزراعة البعلية / قمح- شعير/، والأشجار المثمرة خاصة الزيتون، والكرمة، وحالياً بدأ التركيز على الكرمة بسبب قلة المياه إضافة إلى تربية الأغنام، فيما يعتمد البعض من السكان على الوظائف الحكومية والأعمال الحرة».
وعن الناحية العمرانية التي تميز هذه البلدة، قال: «معظم أبنية البلدة مبنية من البيتون المسلح كما هو في المدن المتوسطة، كما أن الأبنية الطابقية بدأت بالانتشار نتيجة تزايد عدد السكان، كما أن معظم الأراضي الواقعة داخل المخطط التنظيمي هي ملكية خاصة، وهناك ما هو من أملاك الدولة وقد تم فرزها، وهي بمساحة /2000 هكتار/».
ويتحدث السيد "خالد يوسف" عن الخدمات الموجودة في قرية "تل التوت" فقال: «ترتبط البلدة بطريق رئيسية مع مدينة "سلمية" كما أن هناك طرقاً فرعية تربطها بالقرى المجاورة، وتخدم القرية من قبل عدد من السيارات الناقلة "السرفيس" الخاصة منها والعامة، كما ويوجد فيها مدرسة أساسية حلقة أولى، ومدرسة أساسية حلقة ثانية».
أما شبكة الطرق هذه فهي على الشكل التالي: «من جهة الغرب حيث يصادف القادم من "سلمية" ثلاثة مداخل للقرية، الأول: "مدخل القوس" وهو يؤدي إلى المزارع، الثاني: "مدخل التمثال" ويقع على رأس مثلث ضلعه الأيسر هو الطريق القديمة، في حين الضلع الأيمن ما يعرف بطريق "تدمر"، وهو المدخل الثالث».
وتابع: «أما منافذ القرية فهي على الشكل التالي: الأول "طريق الخفيّة" وهو يربط القرية مع الطريق الواصل مع مدينة "حمص" من جهة الجنوب. الثاني "طريق عقارب" من جهة الشمال. الثالث "طريق إلى مزرعة مالطا". الرابع "طريق إلى تدمر" باتجاه الشرق. الخامس وهو الطريق القادم من "سلمية"».
ويضيف: «أما مياه الشرب فالبلدة مخدمة بشبكة مياه للشرب تابعة للمؤسسة العامة لمياه الشرب والصرف الصحي، إضافة إلى شبكة خطوط كهربائية، وهاتف سلكي ومفتاح القرية للأرقام الثلاثة الأولى /867- 868/، أما شبكة الصرف الصحي فهي بطول /14 كيلو متر/ وبنسبة تخديم 75%، أما الطرق المعبدة داخل القرية فيصل طولها إلى /14 كم/ وبنسبة تخديم 80%».
وعن المرافق الأخرى فيذكرها قائلاً: «يوجد مركز صحي واحد، وصيدلية واحدة، ووحدة إرشادية تهتم بالزراعة والمزارع، ونادٍ رياضي، كما ويوجد فيها روضة أطفال نموذجية، مؤسسة استهلاكية، معمل صناعات يدوية قيد الاستثمار، جمعية فلاحية، فرن آلي واحد، وفرنان شعبيان».
ويتحدث عن أهم المشاريع الحيوية في "تل التوت" فيقول: «تعتبر "تل التوت" من مناطق الاصطياف التي يقصدها أهالي "سلمية" لوجود "غابة الشهيد باسل الأسد" والتي تحتوي على /220 ألف شجرة حراجية/ و/6 آلاف شجرة زيتون/ موزعة على مساحة تصل إلى /3000 دونم/ وتقع على الطريق التي تربط "تل التوت" بقرية "عقارب" من جهة الشمال».
ويضيف: «كذلك يوجد في القرية "سد مياه جمعي" تصل سعته إلى /3 مليون متر مكعب/ ويقع إلى الشمال الشرقي من القرية، وتتجلى فائدته من خلال ارتفاع منسوب المياه السطحية، وهذا ما شجع إلى عودة بعض الزراعات التي تحتاج إلى مياه وافرة».
وعن أهم المعالم الأثرية الموجودة في قرية "تل التوت" يقول: «يوجد فيها "تل أثري" ويقع في شمال القرية محاطاً بالأراضي الزراعية، وتجاوره من الجنوب مقبرة القرية، ويوجد فيها "أقنية رومانية" جفت منذ خمسينيات القرن العشرين، وهناك من البيوت القديمة التي في طريقها للتلاشي، ولكن منها ما بقي يذكر بالحالة العمرانية المتطورة لسكان هذه القرية، كما وأنها تنم عن ذوق رفيع في طريقة بناء المنازل».
وعن الوضع الاقتصادي وتطوره يقول: «يتركز العمل الاقتصادي على ممارسة الأعمال الزراعية بالإضافة إلى العمل الوظيفي وهناك عدد من المحلات التجارية وعدد من المحلات الصناعية، كذلك من المداجن و"مكابس البلوك"، ومعامل البلاط التي تقع خارج المخطط التنظيمي».
يبقى أن نذكر أسماء العائلات التي تقطن هذه القرية الجميلة، وهي: آل الحاج- آل الضحاك - آل حورية ـ آل الشيخ حسن عواد- آل حسن – آل يوسف - آل إسماعيل- آل سمرا- آل أرناؤوط - آل عياش - آل داهود هنا- آل الدلو- آل عزو - آل حسون - آل البطيحي - وآل اسطنبولي – آل درويش - آل ميرزا - آل شاهين.
من مشاهير القرية الفنان والنحات "أوهان الحاج" الذي زيّن مدخل القرية بنصب تذكاري لفلاح وفلاحة، كعربون وفاء لمن بنى هذه القرية منذ 120 سنة. ومن شبابها المطرب الشعبي "إسماعيل عبدو" الذي فاز بجائزة "قناة الذهبية الفضائية" لأجمل الأغاني الشعبية.
لكن أكثر ما تعانيه هذه القرية الصحية هو التباطؤ في إنقاذها من براثن مكب القمامة الذي يصله يومياً ما كميته /120 طناً/ من القمامة، قادمة من مدينة "سلمية".