على بعد (135) كم شرق مدينة "حلب" تقع ناحية "الشيوخ" ذات الطبيعة الريفية الهادئة والتي يعمل جل سكانها في الزراعة، مما أكسب الناحية طبيعة خلابة تتناغم خضرتها مع نسمات نهر "الفرات" المار من غربها..
eSyria كانت له زيارة ميدانية لناحية "الشيوخ" ليطل من خلال أهلها على بعض من تاريخها وحاضرها، ولنستمع من الأستاذ "محمد النايف" مدرس التاريخ عن بعض من تاريخ الناحية المشكلة من عدة قرى متجاورة وليبدأ حديثه لنا عن سبب تسميتها فيقول:
عادات أهل المنطقة لا زالت تحظى بالتلاؤم الاجتماعي والتعاون والتعاضد في الأفراح والأتراح، فدائما ما يجتمع أهالي القرية بمثل هذه المناسبة ويشاركون بعضهم جميع المناسبات الاجتماعية..
«تعود تسمية "الشيوخ" بهذا الاسم لأكثر من (350) عام وذلك عند قدوم قسم من عشيرة "طي" من العراق ولينزلوا عند عين "بدايّة" الواقع قرب هذه المنطقة عشائر عربية كانوا يكرمون الضيف ويحتفون به وسموا بـ "الشيوخ" نسبة إلى مركز شيخ القبلية، ووقتها كان الناس يتحدثون أنهم ذاهبون إلى "الشيوخ".. وعائدون من عند "الشيوخ" حتى أصبح الاسم يمثل هذه المنطقة التي سكنها أولئك الشيوخ، وقد قسمت إلى قسمين (شيوخ فوقاني وشيوخ تحتاني) نسبة إلى مجرى نهر الفرات..».
ويحدثنا الأستاذ "النايف" عن عمل سكان الناحية، متطرقا إلى الأراضي الخصبة التي تتميز بها، فيقول:
«الغالب على معظم سكان الأرياف عملهم في الزراعة وخصوصا إذا كانت قراهم قريبة من الأنهار ومصادر المياه عموما وعلى ذلك فإن هذه المنطقة هي منطقة زراعية تقدر مساحة أراضيها بحوالي (2000) هكتار، منها حوالي (800) هكتار مروي، والباقي زراعة بعلية.
كما تتميز أراضي المنطقة بخصوبة تربتها و تشتهر بالعديد من الزراعات الشتوية والصيفية كـ (القطن، الحبوب، الذرة، فول الصويا، والخضروات..)، وحديثا هناك اتجاهات نحو زراعة الأشجار وخصوصا الزيتون، والعمل في الزراعة يشترك به جميع أفراد الأسرة.
وهناك عمل آخر تختص به النساء وهو تربية الأبقار وبيع الحليب إلى محافظة "حلب" عن طريق باعة يتجولون في القرى لجمع الحليب وبيعه في مدينة "حلب"..».
وعن العادات والتقاليد، يضيف:
«عادات أهل المنطقة لا زالت تحظى بالتلاؤم الاجتماعي والتعاون والتعاضد في الأفراح والأتراح، فدائما ما يجتمع أهالي القرية بمثل هذه المناسبة ويشاركون بعضهم جميع المناسبات الاجتماعية..».
وإضافة إلى طبيعة المنطقة وخصوبة تربتها وما تحتفظ به ذاكرة أبنائها من عادات وتقاليد أصيلة، تحظى بأهمية تاريخية أبرزتها الحفريات الأثرية التي أجريت في المنطقة لتشكل تواصلا بين الحاضر والتاريخ الذي يربط الأجيال مؤكدا استمرارية الحضارة فيها، وعن إحدى مواقعها الأثرية الهامة يحدثنا الأستاذ "النايف":
«أهم المواقع الأثرية في المنطقة هو تل "الشيوخ" الأثري الذي نقبت بها بعثة ايطالية تم خلال التنقيب الكشف عن العديد من المكتشفات الأثرية وأهمها الحمام الروماني، كما وجدت في التل العديد من اللقى الأثرية والرقم المسمارية التي تشير إلى حضارة متعددة، وجميع هذه اللقى توجد في متحف "حلب"..».
ولنلقي ضوء على الواقع الخدمي في ناحية "الشيوخ" التقينا برئيس بلديتها الأستاذ "علي سلامة" الذي قال عن ذلك:
«أحدث البلدية في العام (1983)م، لناحية "الشيوخ" التي يبلغ عدد سكانها حوالي (60000) نسمة. ومنذ ذاك التاريخ تعمل البلدية ضمن نطاق عمل البلديات في الأعمال الخدمية المتنوعة من شق طرق، وصرف صحي، ونظافة..، حتى الآن تم تنفيذ حوالي (70)% من المخطط التنظيمي للناحية، نقوم الآن ببناء فرن للخبز سيخدم أبناء الناحية سيبدأ في العام القادم إن شاء الله، كما نسعى لبناء مقصف سياحي على ضفاف بحيرة "تشرين" كتشجيع للساحة في هذه المنطقة..».
ويشير الأستاذ "سلامة" إلى بعض العقبات التي تواجه عمل البلدية وهي:
«نواجه بعض الصعوبات مع الأهالي حين شق الطرق وذلك لترتب مبالغ كبيرة عليهم كـ "زفتية" وما شابه وذلك لامتلاكهم لأراضي تمتد لعشرات الأمتار على جانبي الطريق، وطبعا ابن الريف يعامل بهذا الخصوص كما أبناء المناطق الراقية في "حلب" مما يستدعي وجود دراسات جديدة لأسعار تراعي هذه الفروق الكبيرة..».
إذا لازالت ناحية "الشيوخ" تتميز برونقها الريفي ذو الطبيعة الساحرة مما يجعلها من المناطق التي تصلح للاستثمار السياحي الذي يجب أن توليه الدوائر المختصة اهتماما أكبر..