كان لابد من مكان تستريح بين ألوانه وتتخبط ملياً بين صغر مساحته وغزارة ما يحويه من معان، هنا حيث يقبع مقهى ناي أرت كافية، المقهى المتخصص الأول في "اللاذقية" وربما سورية من حيث استقطابه وعلى مدار شهوره التي مضت للعديد من الشخصيات الفنية والمثقفة من سورية وخارجها.
موقع eLatakia زار مقر المقهى الصغير نهاية سوق الصفن في وسط "اللاذقية" والتقى مؤسسه وصاحب براءة تجربته الأستاذ "أنس إسماعيل" والذي بدء حديثه عن المراحل التأسيسية للمقهى بالقول: «إن تجربة ناي هي فكرة خطرت ببالي منذ حوالي 8 سنوات، حاولت أن أنفذها في بيت قديم في "اللاذقية"، وبالتحديد قرب مركز بريد 8 آذار، ولكن لم يتسنَ للفكرة أن ترى النور فنياً غن صح التعبير، وبعد عدة سنوات عادت هذه الفكرة إلى خاطري وهي لا تزال تتبادر إلي كهاجس وحلم، ولأنني كنت أرغب بأن يكون هناك مكان يلتقي به هؤلاء الناس الذين يهتمون بالثقافة وبالفن التشكيلي بأنواعه، وبالموسيقا، وبالتصوير الضوئي وبالمسرح، وبالنسبة للأدب والشعر والرواية كنت قد أردت أن يكون هناك تخصص فعلي لهذا المجال قبل أن يكون مفتوحاً على كافة الأبواب بشتى تفرعاتها وتضخمات ممراتها».
منذ عام ونصف استطعت أن أكتشف هذا المكان الذي وعلى الرغم من مساحته الصغيرة لكني وجدته يفي بالغرض المبتغى، فقناعتي في المسألة ليست في المكان، وإنما في القيمة الإبداعية والإنتاجية للفن الذي سيقدمه فناء هذا المكان، فهناك أمكنة كبيرة ولكنها لا تقدم منتج فني متخصص، كما أن هناك أماكن صغيرة ولكنها تقدم ربما إنتاجاً فنياً وثقافياً قد يلاحظه البعض ممن يقصد أن يراه
يقول "إسماعيل" مضيفاً: «منذ عام ونصف استطعت أن أكتشف هذا المكان الذي وعلى الرغم من مساحته الصغيرة لكني وجدته يفي بالغرض المبتغى، فقناعتي في المسألة ليست في المكان، وإنما في القيمة الإبداعية والإنتاجية للفن الذي سيقدمه فناء هذا المكان، فهناك أمكنة كبيرة ولكنها لا تقدم منتج فني متخصص، كما أن هناك أماكن صغيرة ولكنها تقدم ربما إنتاجاً فنياً وثقافياً قد يلاحظه البعض ممن يقصد أن يراه».
أما عن الانجازات التي احتضنها مقهى ناي يقول "إسماعيل": «الإنجازات التي تمت خلال السنة والأربعة أشهر الماضية هي إنجازات مميزة، وعلى مدى (16) شهراً، أقمنا (21) معرضاً تشكيلياً بدون انقطاع على الإطلاق، وهذه تعتبر أعلى نسبة عرض بالمقارنة مع أي معرض موجود في سورية على التوالي، وهذا بالنسبة للكم.
أما بالنسبة للنوع فكان هناك الكثير من الشخصيات الفنية المهمة التي شاركت في هذه المعارض فهم كثيرون ولا يمكن عرض أسمائهم في سطور مقالة صحفية، ومنها معرض الفنان العالمي "علي فرزات" والفنان "بسام بدر" و"رامي صابور" و"بولس سركو"، ويوجد حالياً حوالي (23) معرض للنحت والفن التشكيلي، والفنانين الذين شاركوا في جميع هذه المعارض وصل عددهم إلى حوالي 50 فنان وفنانة».
عن سبب تخصص "ناي" كافية بالفن التشكيلي وفن النحت، يقول الأستاذ "إسماعيل": «لقد تخصصنا بشيء اسمه "آرت كافية" وهو بعيد عن فكرة الأدب والرواية والشعر ويعتبر متعلق بالأمور التي لها علاقة بالفن كالمسرح والموسيقى وتشكيل ورسم وتصوير ضوئي، والسبب لأن ذلك ينسجم مع الشريحة الشاغلة بهذا المجال، وأنا أرغب أن ينتمي إلى "آرت كافية" الشباب من الطليعة الجديدة واللا منتمية إلى الفن، والتي تبدو غير مفعمة بأفكار مسبقة الصنع من هذه الأفكار، كما أحب أن يأتي هذا النوع من الشبان إلى هذا المكان ليس لأن "ناي" هو مكان للتأهيل الفني فقط، وإنما الغاية من هذا، هو أن هذا الشخص عندما يرتاد إلى هذا النوع من المقاهي يمكنه أن يقرأ في كتاب أو جريدة أو أن يرى لوحة ترفع من ذائقته البصرية، كما يستطيع أن يستمع إلى أمسية موسيقية ترفع من ذائقته السمعية، ويحضر مسرحية تزيد من ثقافته المسرحية، وهذا هو الهدف الرئيس من مشروع ناي».
يختم الأستاذ "أنس إسماعيل" حديثه ليقول: «تجربة ناي لاقت نجاح كبير رغم أنها بالبداية لاقت تعثراً بموضوع الرخص والإجراءات القانونية، وفي الحقيقة كانت الجهات المعنية متجاوبة معنا، وأريد أن أقول أن فكرة "ناي" هي أكبر من موقع هذا المكان ومساحته، وأنا كنت قد طرحت أن يكون مشروع "ناي" متمثلاً بما يسمى بالشوارع الثقافية أو الأزقة الثقافية لإقامة فعاليات فنية وثقافية في الأزقة الضيقة وليس في الشوارع الرئيسية وهذا النمط هو موجود في معظم دول العالم وهو نمط مجدي وحضاري وذو رونق ثقافي يغذي الروح الثقافية، لأن في هذا العصر من الصعب أن تطلب من الناس الذهاب للعرض في أماكن بعيدة ومكلفة أحياناً ضمن ظروف العمل الصعبة والمتعبة، ولهذا اعتمدنا في "ناي" خلال بعض المعرض التي زينت شارع ناي الرئيسي على إحضار العمل الفني إلى الناس بدلاً من إحضار الناس للعمل الفني».